أدى حادث إطلاق النار الأخير، خلال تجمع سياسي أمام أحد المتاجر الكبرى في مدينة توسون بولاية أريزونا الأمريكية، إلى لفت الأنظار نحو ظاهرة العنف السياسي في البلاد. وكان الرئيس باراك أوباما وصف ما حدث بأنه «مأساة لكل الأمة». وأضاف «لا نملك حتى الآن كل الأجوبة. ما نعرفه هو أن عملا عنيفا مشينا وفظيعا مثل هذا لا مكان له في مجتمع حر». وندد البعض بالحزب الجمهوري المعارض وبالمحافظين المتشددين من حركة «حزب الشاي»، واتهموهم بأنهم أوجدوا أجواء تحض على العنف والحقد والريبة حيال الحكومة وهوس التشكيك في أعمالها. للعنف عدة تعريفات تختلف حسب أنواعه. ويعرف العنف السياسي بأنه «اللجوء إلى قوة يحظرها القانون ضد الأفراد أو الأشياء، بهدف إحداث تغييرات في المجتمع وربما في مجتمعات أخرى». ويتناول كتاب أعده جيل ديلافون كبير المحررين في صحيفة الأحد الفرنسية بعنوان «ديموقراطية مدججة بالسلاح» عرضا ل«الإرهاب الداخلي الذي يعيشه الأمريكيون». ووضح الكتاب أن هناك حربا حقيقية في شوارع المدن الأمريكية، وتستخدم فيها كافة أنواع الأسلحة. ويسقط نحو 45 ألف شخص كل 19 شهرا قتلى بالرصاص، حسب الكتاب. ويرجع المؤلف جميع هذه الجرائم إلى انتشار الأسلحة واستمرار العنصرية، والتباينات الاجتماعية، وتضجر الخلية الأسرية، واختلال النظام التربوي، واستشراء المخدرات، وعدم فاعلية النظام القضائي وعلاقة الثقافة الأمريكية بالعنف. وزار الرئيس أوباما موقع الحادث الذي أودى بحياة ستة أشخاص، وأوقع 14 جريحا من بينهم النائبة البرلمانية لولاية أريزونا جابرييل جيفوردز، التي لا تزال في حالة الخطر في المستشفى. ومثل مطلق النار جاريد لوجنر، 22 عاما، أمام المحكمة في فونيكس حيث تبلغ بالتهم الخمس الموجهة إليه وبينها تهمتان بالقتل، وثلاث أخرى بالشروع في القتل. وانتخبت جيفوردز للمرة الأولى عضوا في مجلس النواب عام 2006. ووصفها أوباما بأنها «صديقة»، ووعد بإجراء تحقيق معمق حول الاعتداء. وأضاف أنه أرسل مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي روبرت مولر إلى المكان. وجيفوردز المعروفة بأناقتها، متزوجة من رائد الفضاء مارك كيلي الذي سيلتحق في الربيع بأخيه التوأم في المحطة الفضائية الدولية. وقد أعيد انتخابها في مجلس النواب أخيرا بعد معركة طاحنة ضد خصمها في أريزونا. وضاعفت في الفترة الأخيرة اللقاءات العامة مع ناخبيها، كما حدث بالنسبة للتجمع في مرآب السيارات الذي شهد إطلاق النار. والشاب المتهم معروف من قبل الشرطة، وقد لا يكون تصرف بمفرده حسبما ذكر كلارنس دوبنيك شريف المنطقة المكلف بالتحقيق. وأكد دوبنيك أن مطلق النار لديه سوابق قضائية لأعمال إجرامية. وإثر إصابتها برصاصة واحدة عبرت الجمجمة، خضعت جيفوردز لعملية جراحية. وعبر أطباء في المستشفى عن تفاؤلهم بفرص نجاتها. وكانت وسائل إعلام عدة أعلنت أولا وفاتها. وفي وقت لاحق، ذكرت شبكة «فوكس نيوز» أن السلطات الأمريكية تحقق في طرد مشبوه أرسل إلى مكتب جيفوردز. وقالت الشبكة إن الطرد الذي أرسل قبل إطلاق النار «مغلف بشكل علبة قهوة، دون أن تضيف أي تفاصيل أخرى». وتميل جيفوردز إلى اليمين، وتعد من الوسطيين في الحزب الديموقراطي. ودعت أجهزة أمن الكونجرس المكلفة بحماية البرلمانيين في واشنطن، أعضاء البرلمان إلى «اتخاذ إجراءات وقائية معقولة لأمنهم» .