يمثل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير أمام لجنة تحقيق بشأن الدور الذي لعبته بريطانيا خلال حرب العراق التي استمرت ستة أعوام، الجمعة المقبل. وسيكون ذلك ثاني ظهور لبلير أمام اللجنة. ودافع بلير، 57 عاما، بقوة عن دوره في الغزو عندما مثل أمام اللجنة منذ عام. وستتمكن الأسر التي فقدت أفرادا منها في الصراع من حضور جلسة التحقيق. وكان بلير أجاب عندما سأله رئيس اللجنة التحقيق السير جون شيلكوت عما إذا كان لديه شيء يقوله للذين فقدوا أحبابهم في الصراع ب«لا»، وأضاف أنه «غير نادم». استدعت لجنة التحقيق البريطانية في حرب العراق بلير مرة أخرى للاستجواب وتقديم أدلة إضافية في جلسة علنية حول ضلوع بريطانيا في الغزو الذي قادته أمريكا عام 2003 وتداعياته. ودافع بلير، يناير الماضي، عن قراره بأخذ البلاد إلى الحرب وأنه لا يشعر بالندم عن ذلك. واستجوبت اللجنة مجموعة من وزراء الحكومة من حزب العمال السابق وكبار القادة العسكريين والموظفين المدنيين والدبلوماسيين. ومنذ ذلك الحين، تمت دراسة تناقضات أدلة الشهود والثغرات التي تحتويها. وهناك أكثر من عشرة أشخاص مطلوبين للمثول مرة أخرى أمام جلسات الاستماع. وفي الاستدعاء السابق، وصل بلير إلى مقر اللجنة، الذي أحاط به طوق أمني، في وقت مبكر. ودلف للمبنى من المدخل الخلفي تجنبا لمواجهة المتظاهرين الغاضبين وكاميرات القنوات التليفزيونية كي يدلي بأقواله في جلسة الاستماع التي طالما انتظرها الكثيرون. وقالت إحدى الناشطات: «انتابني الهلع عندما علمت أن بلير دخل من الباب الخلفي». وأضافت وهي تقف تحت الأمطار المتساقطة: «إنه لا يمتلك من اللياقة والأمانة ما يمكنه من مواجهة الجمهور وأسر الجنود الذين سيكونون موجودين هنا بأعداد كبيرة لإبداء اعتراضهم على الحرب». واستمر التحقيق ست ساعات في «مركز الملكة إليزابيث» وسط العاصمة لندن. وتركز على شرعية الحرب وما تردد عن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل والاتفاق السري بين بلير والرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بشأن خوض الحرب. وواجه بلير، الذي قدم دعمه لاجتياح العراق عام 2003 والخضوع إلى الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، المساءلة أمام اللجنة حول «الأكاذيب المتصاعدة والمستمرة حول احتلال العراق». ووصل الإقبال على طلب مشاهدة مثول بلير إلى الدرجة التي دفعت لجنة شيلكوت إلى إجراء قرعة من أجل تخصيص مقاعد للعامة، بينما تم حجز ثلث الأماكن ال60 لعائلات الجنود الذين قتلوا خلال الغزو. وكان بلير رئيسا للوزراء عندما أرسلت بريطانيا 45 ألف جندي للمشاركة بالغزو الذي قادته أمريكا للإطاحة بصدام حسين قبل سبعة أعوام رغم الاحتجاجات الواسعة النطاق في شوارع لندن. والمعروف أن بلير سلم مقاليد رئاسة وزراء إلى زميله في حزب العمال جوردون براون عام 2007 بعدما شغل هذا المنصب لمدة عشرة أعوام. وهو يشغل الآن منصب المبعوث الخاص للجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط التي تضم الأممالمتحدة وأمريكا والاتحاد الأوروبي وروسيا. وأخيرا، فإن لجنة التحقيق التي كلفتها الحكومة البريطانية ببحث قضية حرب العراق، ليس لها أي سلطان قضائي، لكنها تمثل محاولة ل«كشف الحقيقة» وراء التخطيط والتنفيذ لغزو 2003 وما تلاه من تبعات .