على الرغم من ندرة الأمطار التي هطلت على صحاري القيصومة وحفر الباطن واختفاء البساط الأخضر الذي كان يميزها هذا العام، فإن براريها لم تنفك تستقبل عشرات الباحثين عن أجواء التخييم والبر من شباب المدينتين الذين توافدوا بأعداد كبيرة لنصب خيامهم خاصة في المناطق المتاخمة والقريبة من الطرق العامة ومحطات الوقود مثل طرق القيصومة- الدمام، وحفر الباطن- الرقعي، والشمال الدولي؛ حتى يتسنى لهم قضاء احتياجاتهم دون تكبدهم مشاق الطريق أو قطع مسافات طويلة. وتتميز المخيمات التي نصبت في تلك البراري بالتنظيم الشديد اللافت للنظر، حيث سورت كل خيمة أو مجموعة خيام ونظمت لها عقود الإضاءة بطريقة فنية، حتى إن بعض المارين على الطرق ليلا يظنون أنها قرى أو هجر صغيرة. نار الحطب وذكر عدد من الشباب التقتهم «شمس» خلال جولاتها بين مخيماتهم، أن التخييم من الهوايات المحببة إليهم؛ لأنها تنقلهم من أجواء الضوضاء إلى الهدوء والراحة، وتدفعهم لممارسة بعض الأنشطة المصاحبة للطبخ وإشعال نار الحطب والسمر حولها ليلا. وقال عبدالله الدوسري- من القيصومة، والذي كان برفقة شقيقيه سعد وهايف- إن مخيمهم يتكون من بيت شعر وأربعة خيام وهو أمر درجوا عليه منذ 13 عاما وسيستمرون فيه «البر متعة لا تضاهيها أي متعة خاصة في مثل هذه الأوقات الشتوية». وأضاف أنه وشقيقيه يأتون إلى المخيم من الخامسة عصرا حتى منتصف الليل عدا يومي الخميس والجمعة، ويشهد المخيم توافد العديد من الأصدقاء والأحبة ما يضيف لجلستهم رونقا خاصا، خاصة أنها تستمر عادة حتى ساعات الصباح الأولى من اليوم التالي. توزيع أدوار وعن التكلفة المادية لتجهيز هذا المخيم، قال الدوسري إن هناك تكلفة ثابتة لا تتغير إلا بعد فترة قد تمتد إلى ثلاثة أو أربعة أعوام؛ كبيت الشعر ومولد الكهرباء، أما التكلفة المتغيرة فتنحصر في المستلزمات الغذائية وغيرها من الاحتياجات الأخرى، فهذه نعتبرها متغيرة بشكل شبه يومي «نوزع الأدوار فيما بيننا، فأنا أستقبل الضيوف وأرحب بهم وأحضر كافة مستلزمات المخيم، فيما يقوم سعد بمتابعة التمديدات الكهربائية للمخيم ومراقبة المولد طوال فترة تشغيله ومعالجة أي خلل قد يحدث، أما هايف فهو متخصص في تجهيز القهوة العربية والشاي للضيوف والزوار على مدار الساعة». أما إبراهيم الشمري وخالد الشمري اللذان كانا ضيفين على مخيم الدوسري، فذكرا أنهما يحرصان على الحضور في مخيم صديقهم دائما لما يشعران به من ارتياح نفسي و«راحة بال وعلوم رجال»، بعيدا عن ضوضاء المدينة وتجمعات القيل والقال، و«هذا طويل وهذا قصير»؛ على حد تعبيرهما. حاويات نظافة ولفت الدوسري إلى أن منطقة المخيمات تحتاج إلى اهتمام من بلدية القيصومة فيما يتعلق بالنظافة وتوفير حاويات للنفايات فليس هناك مرور لسيارات النظافة لرفع هذه النفايات ولو لمرة واحدة خلال الأسبوع «نحن حريصون على نظافة المكان إلا أن هناك أشياء فوق طاقتنا، فمن غير المعقول أن نقوم بتنظيف ورفع العديد من الجيف التي ترمى بشكل عشوائي من أصحاب الماشية حول مخيماتنا، وهذا الأمر يسبب لنا الكثير من المضايقات، فضلا عن الأمراض التي قد تسببها لنا ولأطفالنا وزوارنا». أما الشاب فهيد العماني فيتميز مخيمه الذي يبعد خمسة كيلومترات شرق القيصومة، بالمساحة الكبيرة والإضاءة الكثيفة والجذابة جدا، ويتكون من بيت شعر وغرفة، إضافة إلى غرفة «برتبل متنقل» وخيمة خاصة لعامله ومطبخ بكامل تجهيزاته. وقال إنه يحضر إلى مخيمه رفقة أصدقائه من قبل صلاة المغرب ويمكثون حتى منتصف الليل «لا تهمني التكلفة المادية للمخيم، فالارتياح النفسي الذي أعيشه خلال وجودي مع زملائي بالمخيم أكثر قيمة»، مشيرا إلى أنه اعتاد هو ورفاقه مساء كل أربعاء تناول وجبة مفطح دسمة بالمخيم. بداية الطريق مخيم آخر لعدد من الشباب كان متواضعا مقارنة بالمخيمين الأولين لكن أصحابه الستة قالوا إنهم لا يزالون طلابا وهذا سبب كاف لتواضعه، لكنهم مع ذلك أكدوا أن الأمر لا يهم كثيرا فما يهم هو «جمعة الشباب» حيث يتسامرون في أجواء البر بعيدا عن التسكع في الشوارع والمراكز التجارية بلا هدف. وقالوا إنهم يأتون إلى المخيم، الذي يعود لوالد أحدهم، يومي الأربعاء والخميس أسبوعيا ويتشاركون في إحضار بعض المستلزمات من منازلهم. من جهتها، وضعت «شمس» ملاحظات شباب المخيمات حول النظافة على طاولة رئيس بلدية القيصومة علي العواد الذي وعد بإرسال مسؤولي النظافة إلى كافة هذه المخيمات وتأمين كافة احتياجاتها من حاويات وخلافه، مشيرا إلى أن البلدية قامت العام الماضي بالمرور على المنطقة وأمنت كافة الخدمات الضرورية .