منذ أعوام أطل علينا برنامج كلام نواعم في وقت كان هناك نقص إلى حد الشح في البرامج الحوارية، وازته في الإطار نفسه برامج ظهرت واختفت في قنوات أخرى، وأخرى لا تزال تسير وفق منهجية القص واللصق ونقل لمنتج بطريقة روتينية مكررة ومملة، استمر كلام نواعم وسط تنبؤات وتكهنات بأن وجود برنامج حواري يستقطع وقتا كافيا ويسير بمفرده يحقق نجاحا مطردا. تطل فوزية سلامة بأسئلتها ذات الإيقاع الطويل، فتقاطعها فرح بسيسو بابتسامة مفتعلة تخفي رهانا خاسرا مع الزمن لتتسلم دفة الحوار رانيا برغوث كي تضع الضيف في حدود مغلقة للإجابة لتنهي هبة جمال سلسلة الأسئلة بتداخل غير مبرر مع أسئلة سابقاتها النواعم الأربع حاولن أن يخرجن من عباءة التقليدية لاخترن ضيوفا أصحاب أسماء رنانة وكان لهم ما أرادوا، فلا يخفى على أحد أن هناك ضيوفا من الطراز الثقيل وممن يندر وجودهم في الإعلام المتلفز في البرنامج رغم الصعوبات. النتيجة في بداية الحوار يفرح الضيف ويستأنس بالاستقبال وبكيل عبارات المديح المعسولة التي تنهال عليه، ويجدنها النواعم بشكل احترافي، ولكنه ومع سير رتم الحوار سرعان ما يصاب الضيف بمتلازمة خيبة الأمل والخذلان من جراء تقاطعات الأسئلة وفرض الإجابات وما إن يشارف الحوار على الانتهاء حتى نتفاجأ بأن الضيف بدأ يطلق تنهيداته وتغير الضحك من إطار العفوية الى الاصطناع وكأنه يودع موقفا لن يكرره. النواعم في ظل أزمة الحوارات وشح الموضوعات وعزوف المشاهير واعتذار المدعوين وكثرة المحاذير، بدأ مخططا جديدا غارقا في البؤس من خلال إثارة موضوع معين سبق أن أشبع طرحا وإثارة في وسائل الإعلام.. ثم بعدها تبدأ وصلات الحوار بالتقاطعات والتجاوزات والمعارضات والافتراضات حتى يتم الوصول إلى خلق فجوة بين ضيفي الحوار الذي يكون أحدهم بالاستديو وآخر وراء الشاشة، وهذا من حسن الحظ وإلا لحدث تلاسن لفظي ولا أبالغ إن قلت «اشتباكا بالأيدي». بعد إشعال الحوار ورفع حدته يأتي مجال الحبكة الأخيرة من خلال فرض الرؤى وتقنين الإجابات وجبر الخواطر الذاتية من خلال أسئلة مختلطة بالإجابة على الضيوف، ولعل من شاهد الحلقات الأخيرة من البرنامج يلمس الإفلاس ويستشعر العجز الحواري الذي تظهر ملامحه واضحة في تكرار الموضوعات وفرض الإجابات. فهل لدى النواعم الأربع جديد مستقبلا؟ أم أن الأجدى أن تعود هبة جمال لتصميم الأزياء كما كانت وتنكص فوزية سلامة للبحث الاجتماعي وتبحث فرح بسيسو عن دور في الدراما السورية أو المصرية إن رغبت، وأن تحاول رانيا برغوث الوصول إلى مدخل لبرنامج إعلامي يوازي خبرتها لأن المتلقين يبحثون عن التجديد وعما تحمله قلوب وعقول الضيوف وآراء الشارع، لا ما تمليه ظروف الحلقة أو ما تفرضه توجهات المذيعات، إما أن النواعم سيظللن يعلن العد التنازلي على طريقتهن وبالآلية نفسها التي سقطت بسببها برامج أخرى قبله.