كسر إتقان اللغة الإنجليزية حاجز الصمت في زيارة موهوبي المناطق والمدن السعودية المختلفة، لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «كاوست». وفي حين كانت الترجمة حاضرة على بوابة الجامعة، ممثلة في مسؤول العلاقات العامة، كان الموهوبون أيضا بما فيهم طلاب الثانوية جاهزين بإتقانهم اللغة الإنجليزية، تأكيدا على موهبتهم، وأملا في الوصول إلى الداخل وحجز مقعد. الزيارة التي قام بها وفد الموهوبين جاءت ضمن فعاليات ملتقى الإلكترونيات الطبية الذي تنظمه جامعة الملك عبدالعزيز بالتعاون مع مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع «موهبة». بداية الوصول عمليا، كان الوصول إلى «كاوست» تمرينا شاقا، فالرحلة من مدينة جدة تستغرق أكثر من ساعة من السير المتواصل، وأحيانا تتشابه عليك الطرق والشوارع كما جرى مع وفد «موهبة»، وهو ما زاد وقتا إضافيا على مدة الرحلة. الطريق إلى بوابة الجامعة أشبه بتمرين على تخطي حزام أخضر ممتد وسط بقعة من الكثبان الرملية، ترتيبات الدخول وإجراءاته ميسرة للغاية لكنها منضبطة ودقيقة، من تلك البوابة تم غرس أول قيمة في الموهوبين فالنظام والالتزام من مفاتيح الولوج إلى بوابة العالم الأول. على بعد خطوتين من البوابة كان ينتظرنا موظف العلاقات العامة، وهو شاب سعودي في مقتبل العمر يتحدث الإنجليزية بطلاقة، حرص على مصافحتنا واحدا واحدا والتعرف إلينا وتبادل أطراف الحديث 21213، بعد أقل من دقيقة من المصافحة والتعريف، بادرنا وبدأ يسرد حيثيات الزيارة، أسلوبه عملي جدا أعجب الموهوبين فليس هناك وقت للمقدمات بل الوقت للعمل ومن هنا بدأنا. في قاعة المؤتمرات تبعد غرفة المؤتمرات عن مقر الجامعة مسافة أمتار تقطع عادة في دقيقتين، لكن الوضع بدا مختلفا في «كاوست»؛ فالمعالم والمباني تمتد كعلامات تقنية متشابكة بين الممرات لتضيف دقائق عديدة استغرقها الموهوبون في الوقوف للمشاهدة والتأمل، فجميع الأشياء هناك لا تتحدث إلا لغة التقنية، حتى صنابير المياه لا تفهم إلا هذه اللغة. فور وصولنا للقاعة بدأت مراسم الزيارة، حيث قدم لنا مساعد المدير الإداري ب«كاوست» جمال السيد، شرحا مفصلا عن الجامعة وكلياتها وتخصصاتها: «هل تصدقون أن هذه المنطقة كانت قبل عامين فقط بقعة من الكثبان الرملية؟! والآن هي كما ترون قلعة للعلوم والتقنية». واستعرض شروط ومعايير القبول ب«كاوست»، مما كان سببا في تفجير العديد من الأسئلة داخل قاعة المؤتمرات، لتتحول إلى جلسة نقاش صاخبة، من كل صوب، وبكل اللغات، وبمختلف الرغبات، لكن القاسم المشترك انحصر في أمل جميع الموهوبين في حجز مقعد في قلعة العلم والتقنية. استعارة إلكترونية شملت الجولة العديد من المواقع الأكاديمية: قاعة المكتبة والعلوم كانت نقطة البداية، استمع الموهوبون لشرح مفصل عنها حيث تحوي سبعة آلاف كتاب مختلفة التخصصات، وقاعات بيانات ضخمة يتم تصفحها عبر أجهزة الكمبيوتر المتوافرة في كل أرجاء المكتبة، نظام الاستعارة في المكتبة يتم بشكل آلي وعبر البريد الإلكتروني. ثم عرج الوفد على القاعة الافتراضية حيث شاهد الموهوبون عرضا لآخر ما توصل إليه العلم من تقنيات ال«3D» أو الصور ثلاثية الأبعاد، تم الانتقال بعدها إلى المعامل المركزية المخصصة لتدريس علوم الكيمياء والفيزياء، حيث دارت حلقة نقاش علمية بين الموهوبين وأحد اختصاصي المعامل ب«كاوست»، والذي أشاد بمستواهم العلمي، وانتهت الجولة الأكاديمية بزيارة متحف الاختراعات الإسلامية والذي يعتبر أبرز معالم الجامعة، حيث تم الاطلاع على التاريخ بأسلوب شيق وممتع، في حين انشغل الموهوبون بالتقاط الصور التذكارية. مواهب رياضية انطلق الموهوبون إلى قاعة الغداء، التي يميزها شعار «اخدم نفسك بنفسك»، في حين كان الطعام أنيقا كأناقة البروتوكولات التي يتبعها المسؤولون، وبعد الطعام، انطلق الموهوبون في جولة رياضية وسياحية في أرجاء المدينة الجامعية، تنقلوا بين مارينا كاوست، وملعب الجولف الذي شيد بمواصفات عالمية، ونادي الجيم وصالات البولينج والمسابح. تحولت تلك الأماكن إلى لوحة من تمدد المواهب في جميع الاتجاهات، تمدد في سعة الترحيب وأفق التلاقي الذي أتحف به منسوبو الجامعة ضيوفهم والذي اختتم بإهداء درع تذكارية قدمها المشرف العام على برنامج الموهوبين بجدة الدكتور ضياء شجاع العثماني إلى منسوبي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية تقديرا لجهودهم في إنجاح الزيارة. من جانب آخر، علق الدكتور العثماني بأن الجامعة تحرص على إقامة هذه الزيارات والملتقيات ضمن جهود مؤسسة «موهبة»، وذلك بهدف إحداث نقلة في المستوى العلمي للموهوبين بحيث تكون الحصيلة تخصصية ومعرفة عملية. يذكر أن ملتقى الإلكترونيات الطبية الذي تنظمه الجامعة بالتعاون مع مؤسسة الملك عبدالعزيز للموهبة «موهبة» بمشاركة عدد من الموهوبين من مختلف مناطق المملكة في الفترة من 27 رجب- 21 شعبان، شهد فعاليات وزيارات متنوعة إلى جانب عقد دورات علمية وتقنية متخصصة بهدف تطوير القدرات الأكاديمية والمهارات الذاتية للطلبة الموهوبين .