إني أتذكر دائما أستاذتي وهي تقول: «كل المرضى يستحقون أن يتعاملوا على أنهم في آي بي» فكونهم آدميين، يخولهم أن يكونوا مهمين جدا، وأن تكون حياتهم مهمة بالدرجة الأولى, ولا يجب أن يضطر المواطن إلى دفع آلاف مؤلفة ليحصل على الخدمة المميزة والكاملة. لكن الخدمة الصحية أصبحت كأنها بورصة، فكلما ارتفع مستوى الرعاية الخاصة انخفض مستوى الرعاية في مستشفى حكومي, وقد ترى العجب العجاب في سوق الصحة الخاصة فهنا دعاية لأشعة مقطعية وهناك دعاية لتحليل دم وهناك دعاية لتخطيط قلب «ومن يزود». والدفع بكل أشكاله المادية والمعنوية والنفسية على رأس المريض المسكين. حصل أن دخلت أحد هذه المستشفيات ذات يوم، وكل ما أعرفه أنني دخلت مصابة بفقر دم حينها, وخرجت باختلال في الأملاح وزيادة في منسوب البوتاسيوم واضطراب في نبضات القلب، وفي يدي معروض من الأدوية، والله أعلم ولا أعرف، لو مكثت أكثر لاتضح أني مصابة بصداع في المرارة ومغص في العين وجلطة ثم وفاة. والمشكلة أنه عند بحثك عن دكتور فلان ودكتور علان، تجدهم جميعا متكدسين في المستشفيات أو الأقسام الخاصة، يقدمون يد الرعاية لذوي الدخل المفتوح. إني أحزن كثيرا على تلك الكتب التي تنام على أرفف المكتبات الصحية وتتحدث عن أخلاقيات مزاولة المهنة التي تنادي بأعلى صوتها لحفظ حقوق المريض بالدرجة الأولى، لا حقوق «فلوسه» أم أننا أصبحنا نتاجر بأرواح الناس على حساب «قرشين زيادة»؟