جبلة بن الأيهم آخر ملوك الغساسنة أسلم في عهد الفاروق عمر رضي الله عنه وأراد العمرة فذهب لمكة وعندما دخل الحرم وبدأ بالطواف وطىء على ردائه رجل من فزارة فالتفت إليه ولطمه لطمةً انكسر أنف الفزاري على إثرها ، فذهب الفزاري إلى عمر واشتكى إليه. استدعى عمر جبلة وقال له : ما قولك في شكايته؟ قال جبلة : أيطأ ردائي وهو سوقة وأنا ملك؟ قال عمر : أما إنك اعترفت ، فلا بد من القصاص ، أو أن يعفو عنك .قال جبلة : إذن أرجع عن ديني .قال عمر : ما للردة إلاّ القتل! قال جبلة : أمهلني إلى الغد يا أمير المؤمنين .قال : لك ذلك. وفي المساء جمع قومه والخدم وقرر الفرار لبلاد الروم.وتم له ذلك ، وارتد إلى النصرانية ، ويُقال إنه ندم بعد حين على تركه الإسلام. ما ساء عمر ولا ضرّ الإسلام ردة ملك سابق فضلاً عن غيره ممن أراد الله غوايتهم. مثل هذا ينطبق عليهم قول الشاعر: ذهب الحمار بأم عمر=فلا رجعت ولا رجع الحمار صدقوني تذكرت قصة جبلة ، وأنا لا يكاد يمر يوم ، إلاّ وأطالع في صحيفة أو أخرى قضية ما تُسمى (فتاة الخبر)! كيف تنصّرت؟ ولماذا تنصّرت؟ وما علاقة الموظف اللبناني بتنصرها؟ وكيف خرجت دون إذن من وليها بالسفر؟ ولماذا صدر جوازها من مدينة الخرج ، وهي من أهل المنطقة الشرقية؟ هل من المناسب صرف كل هذه الأوقات والجهود لمتابعة قضية أحسبها هامشية ، فالفتاة على ما يبدو لن تعود إلى دينها الأول فضلاً عن بلادها! وهل سنقيم الدنيا ولا نقعدها لأنها تنصّرت ، والإسلام ولله الحمد لا يعاني من قلة! في حين تعاني قضايا المواطنين المعروضة على جهات التقاضي من كثرة ، ويا لها من كثرة! وبعضها يتجاوز هذه القضية أهمية لأصحابها ، خاصة قضايا الخلع والطلاق والنفقة والحضانة والعنف الأسري ، إضافة إلى الحقوق والمطالبات والمنازعات التي هي في صلب حياة الناس ومعايشهم. لست معترضاً على الذي يجري ، لكني أحسبه ذا أولوية منخفضة جداً مقارنة بالحقوق والمنازعات الأخرى.