** (ما أروعك يا مطر جدة .. يا للي تجي ف السنة مرّة).. (صحيح بتحوسنا بشدة .. لكن بتكشف مشاريع منخرّة).. ** أمطرت سماء العروس , فما الجديد ؟ .. جدة تغرق – من جديد!!.. ** وطائفة من الناس (الغلابة) يقتلهم الخوف ويذبحهم الرعب .. عندما تداهم المياه بيوتهم حتى آخر حجرة .. وبعدما يظل شبح الجبال الشرقية كابوسا يطاردهم. ** يوم الخميس الماضي خرجت مع حشود الناس بعد توقف المطر بساعة , ووقفنا على حي النخيل – فلل (أم الخير) شرقي جدة , بعد دقائق من غضب وادي مريّخ , الذي دكه بمياه هادرة داهمته وحولته إلى بحيرة عظيمة. ** كنت أداري لوعتي وأنا أتمعن في الصورة الكارثية الماثلة أمامي , فهذه المرة (جاءت - قوية) فوق روؤس أهلنا سكان فلل أم الخير .. متذكرا تسونامي جدة المروع الذي دك حيّنا (حي المساعد وقويزة) العام الماضي , ومسترجعا الرعب الذي كان حل بنا , وفي ذاكرتي قول الشاعر : (لا يعرف الشوق إلا من يكابده - ولا الصبابة إلا من يعانيها). ** وحضرت في ذاكرتي تصريحات أمين جدة التي سبقت المطر بأيام قليلة عندما أعلن أن (كل شيء - تمام التمام) .. وحاولت أن افهم أيضا كيف مرت سنة وشهران على كارثة سيول العام الماضي , ولم يترجم المسئولون في جدة التوجيهات الحاسمة لولي الأمر حفظه الله بالعمل على (عدم تكرار الكارثة). ** ودعوت الله من أعماق قلبي بتمام الشفاء للملك الإنسان عبدالله بن عبدالعزيز .. الذي لولا الله ثم أمره الحازم الحكيم - العام الماضي - بإزاحة بحيرة الصرف , التي كانت (تكبس) على أعصابنا نحن سكان جدة , فلربما فاضت علينا بقاذوراتها ودمارها , وكانت ساحقة ماحقة. ** ولا أدري -الآن- كيف سيبرر المسوؤلون عجزهم المزمن عن علاج (مرض) جدة الأزلي مع الأمطار , وهل ستتكرر نفس الوعود والأماني , التي أصبحت أكثر شهرة من (العبارات المعلبة) في تسجيلات شركة الاتصالات السعودية. ** وظللت أضحك من نفسي وأنا أحمل (دربيلا) وقفت به بعد هدوء المطر على حافة وادي قوس المتاخم لنا نحن سكان قويزة , لأستطلع من خلاله عما إذا كان هناك سيل هادر سيسحقنا من جديد هذا العام , وكنت أزف بشائر السلامة كل لحظة لأهلنا وجيراننا , الذين كانت قلوبهم داخل البيوت. ** وعندما عدت إلى بيتنا مكتئبا من المشاهد الحزينة في حي أم الخير , فتحت التلفاز لمعرفة الأخبار (الرسمية) فوجدت في القناة الأولى أخبار الفروسية .. وفي (الإخبارية) لقاءً فنياً مع الفنان الكويتي أحمد جوهر . وفي المساء رأيت مدير الدفاع المدني بجدة يتحدث للقناة الأولى بأن (الأمور) تحت السيطرة وقد عادت لأحوالها (العادية) وان الأمطار كانت (قليلة) !! .. لكن يظل في الجانب الآخر اليوتيوب والانترنت الذي لا يخطئ ولا يتجمل في تصوير الحدث. ** حاولت أن أتابع بعد المغرب مواقع بعض الصحف التي يقال إنها -كبيرة- عندنا , فلم أجد سوى واحدة قدمت نتفاً ضئيلة عن الحدث , وتفوق عليها للأسف موقعي (سبق - والوئام) .. وتعجبت من كثرة ادعاء أولئك امتلاكهم ما يعرف ب (الموقع التفاعلي) الذي يتابع الحدث لحظة بلحظة. ** وفي طريقي إلى مقر جريدتنا بعد العشاء وجدت طريق الحرمين يئن من زحام غير مسبوق , فقد تناثرت السيارات المعطوبة على شقه الأيمن , وزاد (الطين بلة) حادث مروري غابت عن معالجته بسرعة دورية المرور , وكان الملمح الكوميدي وجود (دورية ساهر) وقد اصطادت أحدهم. ** وفي منتصف شارع فلسطين -تقاطع شارع الأمير متعب- , كان تبدو أمامي بوضوح حفرة دائرية قد نشأت , ويمكنها ابتلاع سيارة بكاملها , ربما نتيجة منطقية لغياب المتابعة والحساب لشركات (احفر وادفن). ** وسألت نفسي .. ماذا لو امتد مشواري أكثر ؟ .. ما الذي يمكن أن أراه ؟ .. وهتفت حينها بشكل عفوي : (يا ناس – يا هوه .. متى نتعلم من الدروس المتكررة ؟).