أرعدت، فأبرقت، ثم أمطرت سماء جدة ليغرق (كعادته) حي قويزة بينما يلوك لسان حال سكانه (المغلوبين على أمرهم): «مرت سنة وقويزة يغرقها المطر ... مرت سنة والخوف باق ما انمحى»!. وكديدنهم مع كل انهمار للغيث، جابه الأهالي كميات السيول المتدفقة إلى داخل منازلهم قبل أن ينفذوا خطة للهرب من سيناريو الرعب الذي عاشه حيهم قبل زهاء 390 يوماً خلت. ولم تختلف حال «قويزة» كثيراً أمس عن حالها يوم «الأربعاء الأسود» وفق منظور أحد سكان الحي، إذ يرى محمد المطيري أن الفروقات لا تخرج عن كميات الأمطار التي هطلت في كل من اليومين اللذين سببا حالات هلع ورعب أصابت الأطفال وكبار السن، وأجبرت الأهالي على هجر الحي فور علو أصوات الرعد صباح أمس. وقال ل«الحياة»: «أوقف كثير من سكان الحي سياراتهم في قمم الجبال خوفاً من أن تجرفها مياه السيول، إلا أن غالبية السكان خرجوا من الحي مع انهمار أولى قطرات الغيث. وخيراً صنعوا، إذ تحول الحي إلى مستنقع مائي كبير، جمع مزيجاً من مياه الأمطار ومياه الصرف الصحي التي يعاني منها الحي منذ فترة. وتكونت بحيرات مائية في مواقع تنفيذ المشاريع الحكومية وفي الحفر التي يغص الحي بها. كما أسهم ارتفاع منسوب المياه في دخولها إلى منازل عدة». وشكا أحد سكان حي النجيل (شمال قويزة) من هجوم المياه على منزله، وقال حاتم عبدالله ل «الحياة»: «نما شعورنا بالهلع بعد أن وصل منسوب المياه التي اقتحمت منازلنا إلى نحو متر، فلم نجد بداً من إخراج أسرنا إلى أحياء آمنة في شمال المحافظة، خصوصاً أن المياه غطت طرقات حينا السكني بالكامل، تماماً كما حدث في العام الماضي ولا تزال متواجدة داخله نظراً إلى افتقار الحي لقنوات تصريفها، ليتحول مع كل هطول للمطر إلى مستنقع كبير». وبحسرة جلية وفزع، قال ثامر خالد وهو أحد سكان مخطط أم الخير المتاخم ل «قويزة» ل«الحياة»: «طوقتنا المياه من كل حدب وصوب، وبات من المحال أن نخرج من مساكننا. صدقاً، الوضع سيئ جداً ولا نزال نجهل مصيرنا في حال استمر هطول المطر يوماً إضافياً». وما إن اقتحمت المياه منزل المسنة أم محمد (60عاماً) في قويزة عند العاشرة والنصف من صباح أمس، حتى لجأت العجوز وأحفادها إلى الطابق العلوي بعد فصل التيار الكهربائي، حيث جلسوا يرقبون ارتفاع منسوب المياه داخل منزلهم وكلهم قلق وهلع. إلا أن جارتها أحلام محمد قررت الرحيل من الحي إلى أحد الأحياء في شمال المحافظة خوفاً من هطول المطر واقتحامات السيول، تقول ل «الحياة»: «بعد أن ارتفعت وتيرة الخوف داخل أسرتي، قررنا الخروج من الحي، فحملنا ما خف وزنه وغلا ثمنه وانتقلنا إلى مركبة شقت بنا عباب السيول قبل أن تصل إلى مجمع للشقق المفروشة في الشمال، حيث استأجرنا شقة لن نبارحها حتى يتحسن الطقس ونتأكد من توقف انهمار المطر».