عندما يسبق فكر ومنهج القائد الكبير الحاضر ليتجه إلى المستقبل وتداعياته في وطن أكثريته عناصر شابة تتطلع لأن تكون رقماً مهماً في التنمية، والوظائف، وتحمل مسؤوليات الوطن، فإن رؤية الملك عبدالله في إجراءات التغييرات التي شملت الهيئات القضائية والشورى والصحة والتربية وغيرها، تؤمن أن البلد الشاب، هو الذي يسعى للتطوير ليس في بنائه المادي فحسب وإنما بالبشري، وقد جاءت خطوات القائد منسجمة مع التطلعات الوطنية ليؤسس لبيئة القيادات الشابة التي تجاوزت الزمن بمعارفها وطي أكبر المراحل للوقوف على عصر التقنيات والعلوم والثقافة الشمولية.. فالقيادة التاريخية تحتاج إلى النهوض بأجيال المستقبل وفقاً للتحولات العالمية، وعندما يتم التغيير على كل المستويات القضائية والإدارية، والعسكرية وغيرها، فالاتجاه للتحديث يعتبر الامتداد المستمر للتناغم مع الزمن واشتراطاته.. فالبناء الداخلي يعزز وحدة المجتمع في ربط التنمية بالعوامل الزمنية، والملك عبدالله الذي بدأ بإنشاء منظومة كبيرة في الميدان الصناعي والمعرفي، وإعادة هيكلة التعليم باختصاصاته المتعددة، وإرساء مشروع المدن الصناعية، ليتوّجها بالتحديث في الأجهزة الحكومية المختلفة، يدرك أن سباقنا مع الزمن ليس له حدود، وأن حلول أجيال مكان أخرى هو مبدأ التطور والوجود، وفي هذه القفزة الكبيرة ليجدد دماء وشرايين كل المنظومة الإدارية والتشريعية دون الإخلال بالثوابت والمرتكزات التي قام عليها تأسيس هذه الدولة وتاريخها.. فمثلما عبر بالحوار الوطني كل معوقات المجتمع ودمجه في مفهوم الوطن ليسبق المناطقية والمذهبية والقبلية، قفز إلى حوار الأديان، والمصالحات العربية والإسلامية ليسجل مبادرات هي الأولى من نوعها متجاوزاً الحساسيات بلغة الواثق من طروحاته، وصدقه وواقعيته إلى مفاهيم الإنسان والتعامل بشمولية مع الفكر الإنساني، حتى عندما طرح المشروع العربي للسلام كان يقف على مبدأ أن الحقوق الفلسطينية لا نزاع عليها ولا مساومات أو تنازلات.. ويبقى الشأن الداخلي هو المهمة الكبرى أي أن بلداً لديه الإمكانات المادية والبشرية، ويملك طواقم كبيرة من الكفاءات التي حصلت على تعليمها وتجاربها من محيطات دولية وجامعات متقدمة، ويتطلع لأنْ يكون مثالاً في المنطقة، جاء الملك عبدالله ليكون رائد البناء والتغيير في مختلف الحقول، وهذا يدلل أن فكر القائد لا ينحصر في حدود الثقافة التقليدية بل يتجاوزها إلى الاكتشاف والتأسيس لمستقبل قادم.. التغيير في المناصب، واختيار الأشخاص لم يأتيا شكلياً، بل لمسا عمق الأهداف البعيدة، بمعنى أن تخطّي الواقع بدورة تجديدية حديثة يترافق والمشروع الوطني الكبير، ولأن من يتعامل مع معارف العصر، ومتغيراته، يدرك أن توالد الأجيال على الإدارة الشاملة هومنبع التطور، والملك عبدالله بحسه البعيد لمس الضرورات التي يحتاجها وطنه، وتعامل معها بأفق مَن تشغله هموم وطنه ومواطنيه، ليأتي التجديد متوافقاً مع همة رجل التاريخ وصانعه.. *********************************** *كاتب بصحيفة "الرياض" السعودية0