رصدت صحف القاهرة روايات شهود العيان عن وقائع مأساة إستاد بورسعيد، مساء الأربعاء، التي راح ضحيتها 74 مشجعاً، في أحداث عنف وقعت عقب نهاية مباراة بين فريقي الأهلي والمصري، حيث قال أحدهم: إنه ذهب إلى المباراة مع 13 صديقاً وعاد بمفرده، والوحيد الذي وجده كان في المشرحة، فيما توقع مشجع آخر موته، فوضع شريطاً أسود على صورته على موقع "فيس بوك". ومن محطة القطارات بالقاهرة، رصدت صحيفة "اليوم السابع" أجواء القلق والحزن التي واكبت وصول قطار المشجعين، وقالت الصحيفة: الساعة تدق الثالثة والنصف بعد منتصف الليل، الذي طال ظلامه واشتد برده، على الرغم من عرق الجبين الذي يقطر منا على مصابينا وجرحانا، وصل القطار القادم من بور سيعد إلى محطة مصر يحمل عشرات المصابين والجرحى، اشتعل المنتظرون بالمحطة حماساً مرددين "يا نموت زيهم يا نجيب حقهم" و "كلنا فداك يا شهيد".
عندها وضع الأهالي أياديهم على صدورهم، تحسباً من سماع الخبر اليقين بوفاة ذويهم أو إصابتهم. ودوت الصافرات في أرجاء المحطة، وفى هذه اللحظة دخل القطار المنتظر.
لم ينتظر الأهالي دخول القطار إلى الرصيف، بل هرولوا إليه مسرعين للاطمئنان على ذويهم، عندها تناقضت المشاعر بين سعيد برجوع الابن أو الصديق الذي كان ينتظره، وبين حزين بفقدان أعزّ ما له في أحداث مباراة الأهلي والمصري بمحافظة بور سعيد، وبين حائر لا يعرف أين ذهب شقيقه أو ابنه أو صديقه.
وتمضي الصحيفة: خارج المحطة انتظرت سيارات الإسعاف لتقل المصابين، الذين حملهم الأهالي على الأكتاف ليذهبوا بهم إلى أقرب مستشفى لتلقي العلاج اللازم، وقتها كانت المحطة قد تحولت إلى ما يشبه المقابر الممتلئة بصدى الصراخ والبكاء، فكان الصراخ لمن فقد عزيزاً عليه، وعلى النقيض كانت الفرحة من نصيب من وجدوا ذويهم واحتضنوهم بعد لقاء انتظروه ساعات مرت عليهم كسنوات عجاف.
ونقلت الصحيفة عن محمد أحمد، أحد المصابين في أحداث المباراة، وقال: إن أحد أفراد الأمن قال للمشجعين: "أنتم اللي بتحموا الثورة طيب احموا أنفسكم"، وأضاف والدموع تذرف من عينيه: "أنا كان معايا 13 مشجعاً مش لاقى واحد فيهم، وعثرت على صديقي بعد ساعات جثة هامدة في المشرحة".
مضيفاً: "خرجت من عملي واتجهت إلى إستاد المباراة بمحافظة بورسعيد، والتقيت بأصدقائي في الإستاد في المكان الذي اتفقنا عليه، ولكن بعد الأحداث لم أجد منهم أحداً إلا صديقاً في المشرحة".
وروى موقع "بوابة الأهرام" قصة الشاب محمود سليمان الذي توقع موته، وقالت: تبادل نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورة للشاب الشهيد محمود سليمان، الذي قُتل مساء أمس في أحداث مجزرة بورسعيد على خلفية مباراة الأهلي والمصري البورسعيدي، حيث وضع محمود شريطاً أسود على صورته التي اختارها على صفحته الخاصة على "فيس بوك " قبل اندلاع تلك الأحداث بأربعة أيام، وتحديداً في 28 يناير الماضي.
وقال محمود لأحد أصدقائه: "علشان لو مت ما تضيعوش وقت في إنكو تعملوا صورة زي دي.. أهو جاهز أهو"، وقد تعجب هذا الصديق بشدة من تصرف محمود متسائلاً: لماذا يضع شريطاً أسود على صورته؟ وطالبه بإزالته.
ويقول الموقع: محمود الذي بدأ من صفحته على "فيس بوك" مشاركته في عدد من الحملات والفعاليات الخاصة بالثورة، مثل حملة سلاسل الثورة بمحافظته وغيرها، لم يكن يدري أن إحساسه بقرب موته كان صادقاً إلا أنه بلا شك لم يكن يتوقع أن تأتي النهاية في مباراة لكرة القدم، وهو يشجع فريقه المفضل.