كيف يتكيف الدماغ بسرعة مع التغيير

إن قدرة الدماغ على التكيف بسرعة مع القواعد المتغيرة أمر بالغ الأهمية للبقاء على قيد الحياة، ومع ذلك كافح العلماء لفهم كيفية عمل ذلك بالضبط.
وحددت دراسة حديثة حلقة تغذية راجعة عصبية تعمل مثل نظام تحديث عالي السرعة، مما يسمح للحيوانات بضبط سلوكها بسرعة عندما تتغير الأنماط المألوفة، يمكن أن تساعد هذه النتيجة في تفسير كيف تظل الأدمغة البشرية مرنة في البيئات المتغيرة.
شبكة اتصالات
أجريت الدراسة، التي نُشرت في Nature) Communications)، من قبل علماء في مختبر (Cold Spring Harbor)، ومعهد ترانسيلفانيا لعلوم الأعصاب. واكتشف الباحثون نظام تغذية راجعة في الدماغ يساعد الفئران على التعلم والتكيف بسرعة، عندما تتغير قواعد المكافأة، يعمل هذا النظام كشبكة اتصالات عالية السرعة بين منطقتين في الدماغ، واحدة تعالج الروائح، والأخرى تتعامل مع المعلومات الحسية الأولية.
قواعد مختلفة
يوضح أستاذ مختبر (Cold Spring Harbor)، فلورين ألبينو، أن «في الطبيعة، تواجه الحيوانات قواعد ارتباط مختلفة، أحيانًا تعني نفس المحفزات أشياء مختلفة اعتمادًا على السياق»، هذا يعني أن الحيوانات تحتاج إلى تقييم الإجراءات التي يتعين عليها اتخاذها بناءً على التغييرات في بيئتها.
قام فريق البحث بتدريب الفئران على الاستجابة لإشارات بسيطة، إما رائحة معينة أو صوت محدد، للحصول على مكافآت مائية، في بعض الأحيان، تعني الرائحة «اذهب للحصول على الماء»، بينما يعني الصوت «انتظر»، ولكن هذه القواعد كانت تتغير دون سابق إنذار، مما تطلب من الفئران اكتشاف متى حدثت هذه التغييرات وتعديل سلوكها وفقًا لذلك.
اتصال المناطق
باستخدام المجاهر المتخصصة، راقب الباحثون دوائر الدماغ أثناء أداء الفئران لهذه المهام، ركزوا على وجود اتصال بين منطقتين في الدماغ: القشرة الكمرية، التي تعالج الروائح، واللمبة الشمية، التي تتلقى معلومات الرائحة الأولية، يسمح هذا الاتصال لمناطق الدماغ بالتواصل مع بعضها البعض حول المعلومات الحسية الواردة.
قبل هذه الدراسة، اعتقد العلماء أن مناطق الدماغ هذه تتعامل فقط مع معالجة الروائح، كانت النتيجة الأكثر إثارة هي أن مناطق معالجة الرائحة تتعامل أيضًا مع معلومات حول الأصوات والمكافآت، يقول ألبيانو: «الحيوان قادر على استخراج هذا التغيير، وفي غضون بضع ثوانٍ، سيتصرف بطريقة تتفق مع الفهم».
تغيير السلوك
أظهرت الفئران كفاءة كبيرة في هذا التحدي، بعد تعلم المهمة، تمكنت من تغيير سلوكها في غضون سبع محاولات تقريبًا عندما تم تبديل القواعد، كما أظهرت دوائر الدماغ تغييرات سريعة، مما يشير إلى أن هذه الاتصالات تساعد الحيوانات على التكيف مع المواقف الجديدة. لاختبار أهمية دائرة الدماغ هذه، قام الباحثون بإيقاف تشغيلها مؤقتًا باستخدام البروتينات الحساسة للضوء، عندما فعلوا ذلك، واجهت الفئران صعوبة أكبر بكثير في أداء المهمة بشكل صحيح، مما يدل على أن هذه الدائرة تلعب دورًا رئيسيًا في مساعدة الحيوانات على التكيف مع القواعد المتغيرة.