أكد الدكتور مسعود ديليمي الأكاديمي الجزائري والباحث في الفكر السياسي العربي الحديث والمعاصر، أن المملكة العربية السعودية، ستقود العالم العربي لتفعيل برامج المفاعلات النووية خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن تعاون السعودية وفرنسا لبناء مفاعلات نووية لتوليد الطاقة في المملكة، خطوة صائبة، ستصب في صالح الاقتصاد السعودي على المدى البعيد، كما أنها ستلبي حاجة فرنسا الباحثة عن تعزيز اقتصادها ونموه. ووصف "ديليمي" التعاون الاقتصادي والسياسي بين المملكة العربية السعودية وفرنسا بأنه شيء إيجابي ومفيد للبلدين. وقال ل"سبق": "السعودية دولة عربية ذات إمكانات اقتصادية هائلة، وهي عضو في مجموعة العشرين، وإذا ما استمرت على نهجها الاقتصادي المتنامي الذي تسير عليه حالياً، فستكون إحدى الدول الصاعدة والقوية في جميع المجالات. على الطرف الآخر، نجد أن فرنسا دولة أوروبية كبرى، وهي في حاجة لتعزيز تعاونها مع دولة مثل المملكة العربية السعودية، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الفرنسي".
وأضاف: "التعاون بين البلدين شمل مجالات عدة، من أبرزها بناء مفاعلات نووية في السعودية لتوليد الطاقة، والتعاون العسكري، حيث تم الاتفاق على شراء المملكة لنحو 50 طائرة عسكرية فرنسية لتعزيز قواتها الجوية، إضافة إلى التعاون في المجال الصحي وفي المجال الصناعي، ومثل هذه التعاونات تصب في صالح الاقتصاد الفرنسي وتعززه".
وأشاد "ديليمي" بتوجه المملكة لإنشاء مفاعلات نووية سلمية، وقال: "أرى أن هذه خطوة صائبة، وجاءت في وقتها المناسب، إذ تسعى المملكة إلى المحافظة إلى زيادة توليد الطاقة وتنويع مصادرها، من طاقة نووية وطاقة شمسية وطاقة مستخرجة من الرياح، لاستخدامها في النهضة الصناعية والعمرانية، التي تشهدها المملكة حالياً، ويتنامى معها الطلب على الطاقة، وهذه خطوة تحسب لقادة المملكة، خاصة إذا عرفنا أن كميات النفط الأحفوري التي تختزنها الأرض، مهددة بالنفاد مع مرور الزمن بحسب الدراسات العلمية".
وأشار "ديليمي" إلى أن "فرنسا باتت تعتمد اليوم في توليد طاقتها على المفاعلات النووية، ولكن لا بد من الوضع في الاعتبار أن الاستفادة من المفاعلات النووية لن يكون على المدى القريب؛ لأن الأمر يحتاج إلى تأهيل العنصر البشري القادر على تشغيل هذه المفاعلات، ليس هذا فحسب، وإنما يحتاج إلى أطر وتجهيزات واستعدادات معينة، كي يتم تفعيل الاستفادة من طاقة المفاعلات النووية. وأضاف: "سيُسمح للشباب السعودي بالدخول في هذا المجال، والتدرّب عليه، حتى يكون قادراً على تشغيل هذه المفاعلات وصيانتها".
وعاد "ديليمي" ليحذر من تخلف الدول العربية عن ركب تكنولوجيا المفاعلات النووية السلمية، وقال: "أعتقد أن السعودية ستكون بمثابة القاطرة التي ستجر خلفها البلدان العربية لتفعيل برامج الطاقة النووية، والاعتماد على المفاعلات في توليد الطاقة". وقال: "مع الأسف الشديد، تبقى منطقة الشرق الأوسط، وأعني بها الدول العربية، متأخرة عن ركب تكنولوجيا الطاقة النووية، حيث سبقت دول مثل باكستان وإيران والهند جميع الدول العربية في بناء مفاعلات نووية لأغراض سلمية، واليوم تتجه المملكة العربية السعودية لاستثمار تكنولوجيا المفاعلات النووية، وهذه خطوة صائبة وجبارة، ستكون بمثابة البداية الجادة لبناء المزيد من المفاعلات النووية في الدول العربية".
وأشاد "ديليمي" بالسياسة السعودية الخارجية، وحرصها على التعامل مع العديد من القوى السياسية في العالم، وقال: "لفت نظري في سياسة المملكة العربية السعودية الخارجية، انفتاحها على القوى العالمية حول العالم، وعدم الاعتماد على الولاياتالمتحدةالأمريكية كدولة كبرى وحيدة، إذ رأت المملكة أن هذا الانفتاح سيحقق لها ما تصبو إليه"، مضيفاً: "قبل أيام توجه ولي ولي العهد السعودي إلى روسيا، وأبرم عدة اتفاقات في موسكو، واليوم يتوجه ولي ولي العهد إلى فرنسا وأبرم اتفاقات عدة في باريس، وهذا الانفتاح أعتقد أنه إيجابي، ويصب في صالح السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية، التي تؤمن بضرورة الانفتاح على العالم".