تبنى السعودية طموحات ضخمة في مجال الطاقة النووية تكفي لارساء عقود بمليارات الدولارات على عدد من الشركات المتخصصة في بناء المفاعلات نووية تضمن لها العمل في صحراء المملكة لعقود قادمة. ولا تلتفت دولة تحاول توفير ملايين البراميل من النفط الثمين تهدرها محطات الكهرباء في فصل الصيف من كل عام لبضعة عوامل تعوق بناء مفاعلات جديدة في اماكن اخرى مثل معارضة انصار البيئة وتذبذب الاسعار في سوق الطاقة وارتفاع تكلفة البناء الاولية وطول مدة التنفيذ. وقال لويس ايتشيفاري مدير وكالة الطاقة النووية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا "لا تواجه السعودية المشكلة التي تعترض بناء محطات نووية حاليا ألا وهي القدرة المالية لتنفيذ ذلك". وتابع "إذا اردت خفض التكلفة فاعتقد ان الاعتماد على تكنولوجيا واحدة سيساعد كثيرا ولكن اذا كان هناك نوعين او ثلاثة من التكنولوجيا احيانا يكون التفاوض أفضل إذ يمكنك ان تستفيد من المنافسة حتى اثناء التشييد". واضاف ان البرنامج السعودي ضخم إلى حد يبرر الاستعانة بنوعين من تكنولوجيا محطات الطاقة النووية. وتراجعت أنشطة شركات بناء المفاعلات النووية حول العالم عقب اجتياح امواج مد عاتية مفاعل فوكوشيما النووي في اليابان في مارس/آذار 2011 ما تسبب في أسوأ أزمة نووية عالمية منذ كارثة تشرنوبيل. ومنذ ذلك الحين اشتدت المعارضة للطاقة النووية في كثير من الدول إلى جانب ارتفاع تكلفة البناء غير ان التكنولوجيا النووية تكتسب شعبية في الشرق الأوسط حيث تؤدي زيادة الطلب على الكهرباء إلى تقلص صادرات النفط والغاز. وقد يكون للشركات الفرنسية نصيب في البرنامج النووي الاضخم في السعودية مع عزم الرياض بناء محطات بطاقة تصل إلى 17 ألف ميجاوات لتصبح واحدة من أكبر الأسواق في العالم خلال العقدين المقبلين. وشيدت مجموعة المحطات النووية في فرنسا اعتمادا على نوع واحد من التكنولوجيا وتتسم مثل هذه الاستراتيجية بكثير من المزايا من الناحية الاقتصادية. لكن نائب رئيس مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة والمسؤول عن توجيه الخطط النووية للمملكة قال إن التوجه المرجح هو بناء مجموعة محطات مختلفة لتلبية الطلب سريع النمو على الكهرباء. ويهدف الاعتماد على أكثر من تصميم إلى تفادي الإثقال على شركة معينة ويتيح للمملكة توقيع عقود طويلة الأجل ونافذة الأثر سياسيا مع العديد من أكبر شركائها التجاريين. وقال وليد أبو الفرج نائب رئيس المدينة إن ثمة مزايا فريدة لتنويع التكنولوجيات المطلوبة من حيث توفير فرص عمل ونقل المعرفة مضيفا ان جميع الدول التي تتصدر المنافسة حاليا سبق للسعودية أن وقعت معها اتفاقيات تعاون نووي وهي فرنسا وكوريا والصين والارجنتين. وتابع ابو الفرج أن المملكة تبحث فقط عن مفاعلات متقدمة من الجيل الثالث التي تم بالفعل الترخيص لها وتشييدها وتشغيلها بأمان. وتتميز محطات الجيل الثالث بتصميمات موحدة لتبسيط اجراءات الترخيص وتقليص مدة البناء فضلا عن مواصفات أمان وفترة تشغيل أطول تصل لنحو 60 عاما. وتتوقع المملكة بناء أول محطة بحلول عام 2022 . وضمن الشركات التي تشيد مفاعلات الجيل الثالث ميتسوبيشي واريفا الفرنسية وتوشيبا كورب ووستنجهاوس وجي.إي هيتاشي وكيبكو الكورية. كما تحرص السعودية على الاستعانة بمفاعلات اصغر في المجمعات الصناعية ولكن أبو الفرج ذكر أن السعودية ستمتنع عن شرائها لحين صدور لوائح عالمية أوضح بشأن استخدامها. وهناك 435 مفاعلا نوويا للأغراض السلمية يعمل حول العالم إلى جانب 67 مفاعلا قيد التنفيذ. وحجم البرنامج السعودي يشير لتشييد 11 مفاعلا كبيرا على الأقل أو أكثر في حالة الجمع بين أكثر من نوع من المفاعلات وتبلغ طاقة أكبرها وهو مفاعل الكهرباء الاوروبي في فرنسا 1630 ميجاوات. ويبدو أن السعودية عازمة على بناء أكثر من نوع واحد.