رغم اختلاف آراء الباحثين، وتعدُّد افتراضياتهم حول سبب تكوّن موقع "مقلع طمية" في شمال الطائف، إلا أن جميع من زار الموقع أجمع على روعة المكان ونُدرته على مستوى العالم وحاجته للاهتمام. فُوَّهة مقلع طمية أو "الوعبة"، تسيّد المواضيع الجدليّة بين الباحثين واعتلى قصص الأساطير الشعبية بين سكان المنطقة، واستشهد بقصَّته الخيالية في أشعار الحب والغزل. تقع فُوَّهة طمية في أقصى الشمال الشرقي لمحافظة الطائف على مَقرُبة من مركز حفر كشب ومركز أم الدوم، والموقع عبارة عن فُوَّهة شبه دائرية، يزيد قطرها عن 1500 متر، ويصل عمقُها إلى 500 متر، في إحدى جنبات الفُوَّهة على عمق 50 متراً، تتوافر عدد من أشجار النخيل التي تحيط بها عيون ماء صغيرة، أما في محيط قاع الفُوَّهة فتنتشر أشجار الأراك، ومنتصف الفُوَّهة عبارة عن أرض بيضاء مالحة، والتي تكوَّنت نتيجة عدم تسرب مياه الأمطار إلى باطن الأرض. وعن أسباب تكوّن الفُوَّهة نبدأ سردها بما يردِّده سكان المنطقة وكبار السن من أساطير شعبية، حيث يجمع كبار السن على أن ما سمعوه من أجدادهم الذين يتناقلون الأساطير من جيل إلى جيل، يشير إلى جبل طمية "المؤنث" كان في حرة كشب التي تقع فيها الفُوَّهة حالياً، وفي أحد الأيام المُمطرة رأت طمية، وعلى ضوء البرق جبل قطن "المذكر" الذي يقع بين منطقتي القصيموالمدينةالمنورة ويتميز بالبياض، حيث أعجبت طمية بالجبل، وقرّرت الرحيل له، وخلال طيرانها رآها جبل آخر يُلقَّب ب"عكاش"، وكان يعشق طمية فرماها برمحه، وأصابها لتسقط قبل وصولها الى الجبل قطن. يقول السكان: إن طمية بالفعل تقع حالياً بالقرب من عقلة الصقور مُستدلِّين على أساطيرهم إلى اختلاف أحجار جبل طمية عن الجبال الواقعة جواره في منطقة القصيم وتشابهه الأحجار والأعشاب المحيطة بموقع جبل طمية الحالي مع أحجار وأعشاب موقع الفوهة التي تركتها في حرة كشب. ويتناقل الشعراء وكبار السن أبياتاً شعرية، تصف ما دار من قصة عشق بين الجبلين، وتُؤكِّد إيمانهم بأسطورة طمية، حيث يقول أحد الشعراء: الهوى قدامنا شدَّد طمية - يوم لاح لها قطن والدار خالي أما الباحثون والخبراء الذين زاروا المنطقة، فقد اختلفت آراؤهم، حيث يقول الأغلبية: إنها عبارة عن "كالديرا بركانية"، وهي منخفضات حوضية، تنشأ نتيجة ثوران بركاني أسفل الأرض، وتتكوَّن الفُوَّهة؛ نتيجة انهيار الطبقة غير الصلبة من التربة، ويُشير هؤلاء إلى أن هناك مواقع مشابهة في ولايات أمريكية وفي أندونيسيا، إضافة إلى فُوَّهات مشابهة على كوكب المريخ، ولكن فُوَّهة مقلع طمية تعتبر الأكبر على مستوى الكرة الأرضية، ولا يشابهها سوى كالديرا "كالديرا أوليمبوس مونس" في كوكب المريخ، باحثون آخرون يرون فُوَّهة مقلع طمية نشأت نتيجة نيزك سقط في الموقع قبل آلاف السنين. وتعددت الطرق المؤدِّية لموقع مقلع طمية في الآونة الأخيرة، فمنها كوبري أم الدوم الواقع على طريق الطائف- الرياض السريع، والذي يبعد عن الطائف بنحو 180 كيلومتراً، حيث يتفرَّع منه طريق إلى مركز أم الدوم شمالاً، يصل طولُه إلى 40 كيلومتراً، ومنه طريق يمتد لعدة مراكز، حتى الوصول لمركز حفر كشب على بعد حوالي 60 كيلومتراً، حيث ما أن يتم تجاوز حفر كشب بكيلومترات قليلة حتى يُفاجأ الزائر بالفُوَّهة التي تُمثِّل خسفاً أرضياً مفاجئاً، عمدت الجهات المَعنِية إلى وضع حواجز ومطبات على الطريق المسفلت؛ لمنع سقوط السيارات داخل الفوهة، وفي طريق آخر يربط الموقع مع منطقة المدينةالمنورة تبعد محافظة مهد الذهب عن الفوهة بنحو 80 كيلومتراً، فيما اكتمل طريق جديد يربط الموقع بمناطق شمال الطائف وطريق المحاني- عشيرة، القريب من محافظة الطائف. يُشار إلى موقع مقلع طمية ومع ما يدور حوله من أساطير وجدل يحظى باهتمام كبير من السياح الأجانب خاصة الأوربيين، حيث كانوا يزورون الموقع قديماً عبر الطرق الصحراوية، وعن طريق الاستدلال بالخرائط، وذلك قبل إنشاء الطرق المسفلتة، فيما سجَّل الموقع خلال السنوات الأخيرة تزايداً في أعداد زُوَّار الداخل للموقع الذي تمَّ إيصال الطريق المُسفلَت له وأنشئت حوله نحو 10 مظلات، يقول زُوَّار الموقع: :إنه ينقصه الكثير من الاهتمام، خاصة مع ضرورة إحاطة الفُوَّهة بالسفلتة، وتوفير محلات تجارية قريبة، وتكثيف اللوحات الإرشادية؛ لكي يستدلَّ بها الزُوَّار والسيَّاح".