سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في "البيان التالي".. هاشم يعترف: هناك فجوة بين المؤسسات الدينية والإعلامية %97 يؤكدون أن عدم احترام الإعلاميين لفتاوى كبار العلماء يرجع إلى "هوى النفس"
أكدت الأغلبية الساحقة من المشاركين في استفتاء برنامج "البيان التالي" أن عدم احترام بعض الإعلاميين والمثقفين لفتاوى كبار العلماء في السعودية يرجع إلى هوى في أنفسهم, بنسبة 97% من المشاركين في الاستفتاء, في حين قال 2% فقط إن السبب يرجع إلى بعد الفتاوى عن الواقع, و1% أشاروا إلى أنهم يميلون إلى مدارس فقهية أخرى . جاء ذلك في نهاية حلقة البرنامج الذي يقدمه الإعلامي عبد العزيز قاسم, والتي بثت بعد ظهر اليوم, على قناة "دليل" واستضاف فيها عضو مجلس الشورى ورئيس تحرير جريدة "عكاظ" السابق الإعلامي المعروف هاشم عبده هاشم, وشهدت الحلقة مداخلات ساخنة من كل من الكاتب محمد الأحيدب, والشيخ صالح المغامسي, وأستاذ السياسة الشرعية الدكتور سعد بن مطر العتيبي, ولقطات تسجيلية عرضت آراء عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع, والدكتور عبد الله البراك, والدكتور محمد بن يحيى النجيمي. الحلقة التي جاءت بعنوان "أزمة الفتاوى في المملكة" بدأت بحديث للدكتور هاشم عبده هاشم عن الأطر المؤسسية لنظام الحكم في المملكة, والسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية, وقال إن مرجعية السلطات في السعودية هي الحاكم ولي أمر البلاد, وأن مرجعية الحاكم هي شريعة الله عز وجل, مضيفاً أنه لا يوجد تعارض أن تكون هناك استقلالية وفصل بين السلطات وأن تكون المرجعية الكاملة لهذه السلطات لولي الأمر . وقال د. هاشم إن فتوى اللجنة الدائمة الخاصة بتحريم عمل السعوديات في وظيفة كاشيرات, لم تصدر بصفة رسمية, إنما صدرت عن اللجنة الدائمة للافتاء التي تضم خمسة أعضاء برئاسة سماحة المفتي العام, ولا تصبح نافذة إلا إذا أقرها ولي الأمر, مضيفاً أنه يجب أن تمر هذه الفتوى على ولي الأمر وهو الذي يرى المصلحة في تنفيذها أم لا, وله الحق أن يأخذ بها أو لا . واعترف الدكتور هاشم عبده هاشم بوجود حالة احتقان بين المؤسسة الدينية والمؤسسات الإعلامية, وقال "هناك تداخل في الفهم, وخلط في المفاهيم" واعترف بأن الإعلاميين يتحملون جزءاً من هذا الخلط, مضيفاً "نحن مؤتمنون كإعلاميين أن ننقل الصورة الحقيقية للمتلقي", مشيراً إلى أهمية أن تكون وسائل الإعلام حكيمة في التعامل مع ما يصدر من قرارات, حتى لا تساهم في الدخول في متاهات, وقال "علينا كإعلاميين ومؤسسات إعلامية أن نسعى إلى مزيد من التقارب والتفاهم بين المؤسسات الدينية والقضائية والإعلامية". وحمل الدكتور هاشم مسؤولية الاحتقان بين المؤسسات الدينية والإعلامية إلى الطرفين, مشيراً إلى ضرورة أن تتفهم المؤسستان الدينية والقضائية دور رجل الإعلام ووظيفته المهنية, والدور الإعلامي التنويري, وتوصيل الحقائق إلى الناس, مطالباً بدور أكبر لوزارة الإعلام في إزالة أسباب الاحتقان بين المؤسسات الدينية والقضائية والإعلامية, وكذلك حمل المؤسسات الصحفية التي تتمتع باستقلالية في عملها المسؤولية, بأن تقوم بتأهيل العاملين فيها ثقافياً ومهنياً, ليقوموا بدورهم المنوط بهم في خدمة مجتمعهم, مؤكداً على الحاجة إلى الإعلامي المهني الواعي المثقف الذي يستطيع أن يقوم بدوره على الوجه المطلوب في خدمة مجتمعه والنهوض به, مشيراً إلى أهمية التدريب والتأهيل والتثقيف للإعلاميين, ومطالباً بانفتاح كبير من المؤسسات الإعلامية على المؤسسة الدينية . وحول هل وجود توازن في الطرح في الصحف ووسائل الإعلام السعودية بين الرؤى الشرعية وغير الشرعية, قال د. هاشم إن هذا الأمر يوجه إلى القائمين على الصحف, فهم الذين يملكون قرارات النشر أو عدم النشر, وقال "لا أعرف كم المقالات التي ترد إلى الصحف وتنشر أو لا تنشر", مشيراً إلى أهمية تأهيل رجل الإعلام لفهم القضايا التي يعالجها, مضيفاً هناك من يعتد بآرائهم وأطروحاتهم, وهناك من يجنحون في الطرح, وقال: نحن في حاجة إلى دراسات توضح إن كان هناك خلل وعدم توازن في الطرح أم لا, وطالب د. هاشم المؤسسة الدينية أن تخرج عن الأطر وتستوعب ما يحدث في العالم, وقال "المؤسسة الدينية الآن في حالة مراجعة, وهذا يعني أن هناك شعوراً جاداً في أن تواكب العصر". ونفى الدكتور هاشم وجود احتقان بين المؤسسات الدينية والإعلامية ولكنه قال "توجد فجوة لا احتقان", مضيفاً لا نريد مزيداً من الانغلاق- في إشارة إلى المؤسسة الدينية- ولا مزيد من الاستفزاز من المؤسسات الإعلامية, مؤكداً الحاجة إلى فكر مستنير, يحيط بالمتغيرات, ويفهم الثوابت, ولا يجتهد بقناعات ذاتية, وقال "هناك فرق بين الإجلال والتقدير للمؤسسة الدينية وبين التقديس, فنحن نجل ونحترم المؤسسة الدينية ولكن لا نقدسها", وقال: الفتوى هي الفتوى سواء كانت من علماء في داخل المملكة أم من الخارج, مشيرا إلى ضرورة أن تستوعب كل المذاهب وتحقق المصلحة, مضيفاً "لست مع التصنيف للعلماء أو الفقهاء في الداخل أو الخارج", وقال "لا أعتقد أن كاتباً يحترم نفسه وبلده ورسالته يسمح لنفسه أن يعرض بالعلماء الذين يعطون خلاصة ما لديهم لبلدهم وأمتهم". وفي مداخلته استهجن الكاتب محمد الأحيدب الإفراط الإعلامي في تناول توظيف الفتيات كاشيرات, وقال: القطاع الخاص جرنا إلى وظيفة الكاشيرات وهي وظيفة نادرة, قليلة العدد, لم تعرف في مجتمعنا بعد, وهي قضية لا تقارن بالقضايا الحقوقية للمرأة, وما كتب في هذا الموضوع في أيام قليلة في الأعمدة الصحفية يعادل ما كتب عن حقوق المرأة في خمس سنوات, مؤكداً على ضرورة أن يتحدث إعلامنا عن واقعنا وعن مشاكلنا الحقيقية, وتساءل الأحيدب "هل توجد فرص متساوية بين من ينتقد فتوى تحريم توظيف الكاشيرات ومن يؤيدها؟", مضيفاً: أن الإعلام بتناوله للقضايا الشرعية يستفز الغالبية العظمى من أبناء المجتمع, ومرة ثانية تساءل الأحيدب: هل هناك فرص متساوية في النشر في تناول القضايا الشرعية, مشيراً إلى تغييب الرأي الشرعي في النشر, وقال: لماذا التجرؤ على العلم الشرعي , ولا أحد يتجرأ على علوم أخرى؟ كما تساءل عن مغزى الاستشهاد بفتاوى خارجية في الوقت الذي ينظر فيه المسلمون جميعاً إلى المملكة وعلمائها نظرة إجلال وتقدير, ومصدر للفتوى الصحيحة المؤصلة شرعياً, مؤكداً أن موضوع توظيف الكاشيرات لا يصح أن نجلب له فتاوى من الخارج . أما الشيخ صالح المغامسي فقد حمل مسؤولية الفجوة بين الشرعيين والإعلاميين إلى كلا الطرفين, وطالب بتحرير الفتوى, وقال: كون الفتوى تجيب على الكثير من الإشكالات يقطع الطريق على الآخرين لنقدها, مطالباً اللجنة الدائمة بالتفريق بين الفتوى الخاصة والفتوى العامة, مضيفاً: أن الفتوى العامة لا بد أن تكون مبينة وشاملة وتوضح لماذا تم تحريم المسألة أو حلها, مؤكداً أن محاولة إسقاط هيبة كبار العلماء جرم عظيم, ولكن لا أظن أن هناك من الإعلاميين من يسعى إليه, وعلى الشرعيين احتواء الإعلاميين . وجاءت مداخلة أستاذ السياسة بالمعهد العالي للقضاء سعد بن مطر العتيبي قوية, حيث اتهم الكثير من وسائل الإعلام والإعلاميين السعوديين بخرق السياسة الإعلامية في المملكة, وتجاوزها, وقال: الجميع يعرفون الفرق بين الإعلام الصادق والهادف والبناء والإعلام الذي يعمل عكس ذلك, مضيفاً أن المواطن يقف ضد من يهاجم ثوابت المجتمع, مشيراً إلى أن هناك من يمارس الإقصاء في الإعلام, ومن يهاجمون المؤسسات الرسمية الشرعية التي يرأسها سماحة المفتي العام. وفرق د. العتيبي بين مهام هيئة كبار العلماء ودور اللجنة الدائمة للافتاء طبقاً لما نصت عليه الأنظمة المؤسسية لكل منهما, ورفض الدكتور العتيبي تقسيمات د. هاشم لأجهزة الدولة بمؤسسات دينية ولا دينية, وقال: هذه مصطلحات فيها خلط كبير, ولا مكان لهذه التقسيمات في دولة دستورها يحتكم في كل شيء إلى كتاب الله وسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم, مؤكداً أن المملكة دولة إسلامية تحكم الدنيا بالدين, وليست دولة دينية ثيوقراطية بالمفهوم الكنسي الغربي. وتساءل الدكتور العتيبي عن مدى التزام رؤساء تحرير الصحف السعودية ومديري تحريرها بالسياسة الإعلامية للمملكة, مشيراً إلى أن هناك من يمارسون استعداء الخارج على بلادنا, ووصف د. العتيبي الإعلام السعودي بأنه "إعلام معرض للسياسة الإعلامية للمملكة بجدارة", ولكنه قال "هناك كتاب سعوديون شرفاء حريصون على الالتزام بسياسة البلاد وثوابتها". وأكد على التوجيه الملكي الصادر في رمضان الماضي بقصر الفتوى في القضايا العامة على كبار العلماء, وقال إنه يؤكد تقدير ولاة الأمر للعلماء ومكانتهم, ورفض العتيبي التجاوزات التي تقع في بعض وسائل الإعلام التي تستغل من قبل بعض الإرهابيين ضد المملكة, مؤكداً أن ولي الأمر لا يقبل أبداً هذه التجاوزات, مشيراً إلى أن تقسيم المجتمع وتفريقه يعد كارثة كبرى, محذراً منها بشدة.