لم يكن الإعلان عن كشف تنظيم حزب الله اللبناني وجود جاسوس للموساد الإسرائيلي بين صفوفه يشغل منصباً حساساً مفاجأة أو إنجازاً للحزب كما يحاول أنصاره الترويج، بل هو جزءٌ من سلسلة طويلة لعملاء إسرائيل داخل الحزب حيث لا يكاد يمر عام دون الكشف عن جواسيس لإسرائيل داخل الحزب. وفي التفاصيل، أعلن الحزب يوم الثلاثاء الماضي القبض على جاسوس لإسرائيل داخل صفوف الحزب ليتضح أن المقبوض عليه هو مسؤول أمني في الحزب يدعى محمد شوربا، وهو من قضاء النبطية في جنوبلبنان، ويشغل منصب رئيس فرع في جهاز العمليات الخارجية التابع للحزب، وقد استلم مهامه في عام 2008، بعد اغتيال القائد العسكري للحزب عماد مغنية. وأظهر التحقيق أن محمد شوربا بادر من تلقاء نفسه بالاتصال بجهاز الموساد الإسرائيلي، عارضاً التعاون معه، وزود جهاز الموساد بمعلومات قيمة عن مجمل النشاط الخارجي للحزب أدت لتوقيف مجموعة كبيرة من عناصر الحزب في عددٍ من الدول.
وتثبت هذه الحادثة الاختراق الواسع الذي تعرض له تنظيم حزب الله على يد الموساد الإسرائيلي، حيث يبدو أن الحزب أصبح المصدر الرئيسي لإسرائيل للحصول على معلومات عن لبنان عن طرق عملائه المنتشرين في التنظيم.
ولعل من أشهر الحوادث التي ضبط فيها عملاء للموساد داخل الحزب هي قبض المخابرات الإيرانية العاملة داخل لبنان لحساب حزب الله، على عميل في يناير 2013 بعد ملاحظة تبدل في نمط حياته من الزهد الكامل إلى اقتناء السيارات الفارهة على الرغم من أن راتبه الشهري لا يتعدى 700 دولار. حيث كان العميل ينتمي إلى الجهاز الأمني رقم واحد في الحزب.
وأيضاً القبض على شخص يدعى "طلال خ" بجرم التعامل مع المخابرات الإسرائيلية والاجتماع بضباطه داخل بلاد العدو وخارجها، وإعطائه معلومات عن مراكز ومواقع أمنية منذ عام 2001، ولا سيما منها منزل أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله، مقابل مبالغ من المال. كما قبض الحزب على عميل آخر قريب لأحد نوابه في البقاع. وهو الثاني بعد "طلال خ" الذي كان الحزب قد أوقفه وسلمه إلى مخابرات الجيش.
وما أعلن في يناير 2013 حول كشف أخطر وأهم عملاء إسرائيل داخل حزب الله، وهو "علي رفيق ياغي" أبرز كوادره في منطقة البقاع اللبنانية، وكان الحزب قد رشّحه على قائمته البلدية في منطقة بعلبك، حيث اعترف بتقاضيه قرابة 600 ألف دولار من المخابرات الإسرائيلية. والخلية التي أعلن عنها الحزب في سبتمبر من عام 2011، وتشمل خمسة من القياديين في الحزب يتعاملون مع المخابرات الإسرائيلية. وأشارت بعض المصادر إلى أحد هؤلاء القياديين بالحروف ( م.س) واصفة إياه ب (أنّه من أرفع القياديين في حزب الله)، وأخيراً ضبط خلية كان عدد أعضائها لا يقل عن عشرة أشخاص، وكانت الأخطر في ميدان الحرب الاستخبارية بين الحزب ودولة إسرائيل، مما شكّل صدمة كمية ونوعية داخل الحزب، خصوصاً أنّ بعضهم له مواقع مرموقة داخل الحزب، وذلك في منتصف عام 2011، وأكّدت آنذاك مصادر قيادية في الحزب المعلومات الخاصة باعتقال الخلية دون الخوض في التفاصيل، ملمحة إلى أنّ أحد أعضائها المعتقلين رجل دين يتبوأ مسؤولية تنظيمية داخل الحزب.