عمت الفرحة والبهجة قرية "العرين" مركز فاقوس بالشرقية بعد علمهم بأن الرفات التي عثر عليها أثناء حفر قناة السويس الجديدة تخص ابنهم المفقود الشهيد محمد أحمد حسن عطوة, وانطلقت الزغاريد في منزل أسرة الشهيد لمعرفة مصير ابنها الذي صار له قبر بعد غياب دام أكثر من 40 عاماً. وسجد ابنا الشهيد وأخواته وأحفاده شكراً لله على ظهور رفات ابنهم الذي طال انتظاره لسنوات طويلة, وقدموا الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي والقوات المسلحة على بدء أعمال الحفر في قناة السويس الجديدة والتي أعادت الشهيد للدنيا بعد 40 عاماً.
وتوافد أهالي القرية والقرى المجاورة على منزل الشهيد لتقديم التهنئة لأسرته, وأكدوا سعادتهم البالغة لظهور رفات الشهيد وأنهم ترك لهم ميراثاً من العزة والكرامة.
وقال ابن الشهيد الأكبر رضا (43 عاماً) مشرف نشاط منتدب بالتربية والتعليم, لقد التحق والدي لأداء الخدمة العسكرية عام 1965 بسلاح مشاة ميكانيكي وتزوج من والدتي في عام 1970 وشاء الله أن يرزقهما بي عام 1971 وشقيقي الأصغر صلاح عام 1973 أي قبل وفاته بأشهر قليلة".
وأضاف "أصبت أنا وأخي بشلل الأطفال وأصبحنا معاقين, وعلى الرغم من ذلك لم ييأس والدي من رحمة ربنا وكان فرحاً بنا, وكان دائماً يحمد الله على أن رزقه أبناء إلا أن القدر لم يمنحه فرصة كي يفرح بنا, حيث إنه فقد في حرب أكتوبر المجيدة عام 1973, وبحثت الأسرة عنه من دون جدوى.
وتابع: تم إبلاغنا باعتباره من مفقودي الحرب, وتم استخراج شهادة وفاة له واعتبرته الدولة جنداً مجهولاً, وأرسلوا لوالدتي لصرف مستحقات الشهيد, والتي أسلمت أمرها لربها ورفضت الزواج على الرغم من صغر سنها وتفرغت لتربيتنا حتى حصلت على دبلوم ثانوي فني".
وتابع: "وتوفيت الوالدة بعد صراع مع المرض عام 1989, وكانت دائماً تردد أن والدنا شهيد, مشيراً إلى أنهم ليس لهم أي مطالب مادية سوى رغبتهم في نقل رفات والدهم إلى مقابرهم في قريتهم, وأنه يلتمس من المسؤولين الموافقة على نقله نقلاً كاملاً للتربية والتعليم بدلاً من ندبه من الحكم المحلي حالياً".
وقال ابن الشهيد الأصغر صلاح (41 عاماً) "لقد توفي والدي وعمري بضعة أشهر, وعلى الرغم من إصابتي بشلل الأطفال وإعاقتي الواضحة, إلا أن أجهزة الدولة لم تعترف بهذه الإعاقة, وظلت والدتي تكافح لإثبات تلك الإعاقة حتى أحصل على شهادة تأهيل توفر لي فرصة عمل كريمة, ولم تثمر تلك الجهود إلا بعد وفاتها بعدة أعوام, وتم تعييني عامل بعقد في التربية والتعليم, في شهر أغسطس من العام الماضي".
وأشار إلى أنه على الرغم من أنه لم ير والده إلا أنه فخور به, لأنه ضحى بحياته أثناء الدفاع عن الوطن والعرض والكرامة, مضيفاً أنه إذا كانت والدته على قيد الحياة لكانت أطلقت زغاريد فرحة بالعثور على رفات الشهيد, مطالباً المسؤولين بتكريم والده الشهيد وإطلاق اسمه على أحد الشوارع أو المدارس, وتعويض الأسرة عن عدم صرف معاش شهيد لوالدته طوال تلك المدة قبل وفاتها, حيث كانت تصرف معاش مفقود.
وقال السيد ثروت أحمد حسن عطوة شقيق الشهيد (63 عاماً) مدرس أول بالمعاش "شقيقي كان شجاعاً ولم يخش غير الله وشارك في حربي 1967 والاستنزاف وأكتوبر, مشيراً إلى أن أخاه الشهيد حرم من التعليم لمساعدة والده في أعمال الزراعة باعتباره الابن الأكبر له, وعندما تم تجنيده كان دائم الاتصال بأفراد أسرته للاطمئنان عليها, وفي آخر زيارة له أوصانا خيراً بطفليه وزوجته, وكأنه كان يشعر بأن مكروهاً سوف يلحق به".
وأوضح أنه علم بخبر العثور على رفات شقيقه من الإنترنت, وفوجئ ببعض القنوات الفضائية تعلن أنه شخص آخر, وحاول الاتصال بها لتصحيح الأمر من دون جدوى، وظل في حيرة حتى حسم الأمر ببيان المتحدث الرسمي للقوات المسلحة، والذي أظهر الحقيقة.
وقال علي شقيق الشهيد الثاني (64 عاماً) "إن شقيقه كان طيب القلب وكان دائماً يقول لي إن الحرب سوف تدور وإنه سيلقى حتفه شهيداً, مشيراً إلى أن الدولة قدمت العون لزوجته ونجليه, موضحاً أن العثور على رفات شقيقه في هذا التوقيت والمكان ينذر ببشرة خير ويعد مصدر فخر لنا".
أما أحفاد الشهيد الستة, فقد أعربوا عن فخرهم بأن جدهم ترك لهم ميراثاً يتشرفون به أمام العالم كله وأنهم سيروون قصته لأبنائهم وأحفادهم.