وقف زوار المهرجان الوطني للتراث والثقافة ب"الجنادرية" ساعات طويلة أمام حماد ملفي الحازمي وهو يفتل حبلاً براحتيه من ليف النخيل، التي تشتهر بزراعتها منطقة الجوف، حيث يبدأ بإعداد أنواع مختلفة من الحبال المصنوعة من ليف النخيل، الذي يسميه أهل الجوف ب"الخلب"، تلك الحرفة التي ابتكرت من مبدأ "الحاجة أم الاختراع"، وجاءت من اعتماد "ابن الجوف" آن ذاك على نفسه ووفق الإمكانيات المتاحة له لصنع الحبال التي تساعده في إنجاز أعماله اليومية، مثل إنزال بلح النخيل من فروعها، وكذلك ربط السواني، ولهم فيها مَآرب أخرى. وقال "الحازمي" إنه يستخدم راحتيه في عملية "الفتل" ولا تساعده آلات حديثة في ذلك، وهما تحددان الحجم والسمك على حسب الحاجة، مبيناً أن فتل الحبل له أشكال كثيرة، منها ما هو "مربوع" و"مثلوث" و"مثني"، ليستغرق منه عمل المتر الواحد أقل من عشر دقائق بعد جمع ليف النخيل وتجهيزه.
كما أكد "الحازمي"، أن مشاركته مع وفد إمارة منطقة الجوف الهدف منها تقديم رسالة للأبناء عن كفاح الأجداد، وعدم الاستسلام أمام الحاجة، والتعريف بتعايش الأجداد والتكيف مع الخامات الموجودة لديهم، مشيراً إلى أن مهرجان "الجنادرية" هو الوسيلة الوحيدة لنقل حرفة من موروثنا الشعبي وتعريف جيل المستقبل بحياة الأجداد.
كما يعرض متحف "الدَّر" المشارك بمهرجان "الجنادرية" قطعاً أثرية وحيوانات متحجرة تم جمعها في عدة سنين، شارك بها مالكها سالم بن حمدان الشراري هذا العام في جناح منطقة الجوف بمهرجان "الجنادرية 29"، كما يحتوي المتحف على قطع أثرية أبهرت زوار المتحف، حيث عرض به أكثر من 200 قطعة أثرية قد يصل تاريخ بعضها إلى آلاف السنين، وعرض بالمتحف "سمكة الزبيدي" متحجرة، وجدت في محمية الطبيق الواقعة بشمال المملكة، وظهرت السمكة المتحجرة بكامل تفاصيلها، حيث تبين ملامحها الخارجية الدقيقة مثل الحراشف والخياشيم.
وقال "الشراري" إنه يتشرف ولأول مرة بمشاركة وفد الجوف في فعاليات الدورة ال29 للمهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية" هذا العام 1435ه، وأن متحفه الخاص بدأ بجهود ذاتية من فترة زمنية بعيدة، ويوجد لديه قطع أثرية وتاريخية أحضر أغلبها لجناح المهرجان.
ويأمل "الشراري" أن تعكس مقتنياته الأثرية والتاريخية الصورة الحقيقية لتاريخ وتراث منطقة الجوف والمميزة بآثارها وحضارتها العريقة، مشيراً إلى أن مشاركته لا تقدر بمال، كونه متعلقاً بجمع القطع الأثرية، خاصة التي تظهر من عمق التاريخ لأرض منطقة الجوف.
وأوضح "الشراري" أنه شارك بعدد من الأسلحة القديمة وبعض المنسوجات من "السدو"، وأصداف متحجرة، وقطع فخارية أثرية متنوعة، والتي تعود للعصر الحجري، أي قبل آلاف السنين، بالإضافة إلى المقتنيات الأثرية الأخرى المتنوعة، والتي تعود إلى عهد الآباء والأجداد، والتي يفوق عمرها 300 عام تقريباً.
كما قدم "الشراري" شكره لإمارة منطقة الجوف، وعلى رأسها الأمير فهد بن بدر، لإتاحة فرصة المشاركة له مع وفد منطقة الجوف في "الجنادرية 29"، كما قدم شكره لرئيس وفد إمارة منطقة الجوف ب"الجنادرية" حسين بن علي الخليفة، لحرصه ومتابعته للعاملين بالوفد، متمنياً أن تكون مشاركته مميزة وفاعلة.