من دومة الجندل يطل متحف علي النويصر الذي أنشأه ليمثل واجهة أثرية للمنطقة، وموردًا ماديًّا يحقق له عائدًا من التراث وتسويقه، فضلاً عن كونه أصبح مرجعية مهمّة لجيل الشباب من الجيل الجديد لمعرفة ماضي آبائهم وأجدادهم؛ لترسيخ مفهوم الإرث الثقافي والتاريخي في نفوسهم وعقولهم. قصة تكوين هذا المتحف ومقتنياته رواها ل»الأربعاء» مؤسسه علي النويصر الذي استهل قائلاً: بدأت تكوين متحفي من منطلق هوايتي بجمع القطع الأثرية عن طريق المشتريات، ووصلني عدد قليل عن طريق الإهداء، وبدأت بمتحف صغير بمجلس منزلي اشتمل على 50 قطعة قبل 30 عامًا، وواصلت على هذا الحال 20 عامًا، حتى أنشأت هذا السوق والمتحف في مبنى إمارة الجوف القديم المسمّى «قصر الحجر» بدومة الجندل عام 1419ه بدعم ورعاية وكيل إمارة منطقة الجوف الأستاذ أحمد آل شيخ، وتبلغ عدد القطع فيه أكثر من 20 ألف قطعة. هي حصيلة بحثي عن القطع الأثرية في منطقه الجوف وكافه أنحاء المملكة، حيث كنت أجمع أي قطعه تتوافق مع تراث الشمال، ولا أتوانى في شرائها، وبرغم أني لم أحصِ ما أنفقته من مال في سبيل تكوين هذا المتحف بصورة دقيقة، ولكن ممّا لا شك فيه أنني أنفقت عدة ملايين من الريالات لاقتناء هذه القطع الأثرية النادرة. ويمضي النويصر في حديثه كاشفًا عن محتويات معرضه قائلاً: المتحف عبارة عن جزءين؛ متحف وسوق شعبي، ويتكون المتحف من قسم الآثار والحضارات وقسم التراث الشعبي وقسم بيت الشعر، وفيه أركان مختلفة منها آلات الحربية والأدوات الزراعية، والعملات القديمة (من قبل الإسلام وحتى اليوم) والمصاحف، وعهد الكتاتيب بكامله، وجرار فخارية قديمة، وقسم خاص بالكائنات المتحجرة والجلود، ونموذج لسدو الملابس النسائية القديمة. أمّا السوق الشعبي فيتألف من المنتجات الشعبية كاملة وطريقة إنتاجها، بجانب جميع الفضيات النسائية القديمة، والأحجار الكريمة، والساعات القديمة، والأواني المنزلية، ومجموعة من الكتب والفخريات مختلفة الأشكال والأحجام، ومصنوعات من الخوص بأشكال متعددة، وعملات قديمة ورقية ومعدنية، وجميع أنواع الدلال، والملابس الشعبية، والمسابح بأنواعها. كما يشمل المتحف مجموعة من الخناجر يتجاوز عمرها 150عامًا، ومسدسات عثمانية يفوق عمرها 200 عام. ويتابع النوصير حديثه حول الزيارات التي يحظى بها متحفه قائلاً: يزورني في الأيام العادية ما بين 30 إلى 50 زائرًا، ويتخطى عددهم في الإجازات أكثر من 100 زائر يوميًّا، وتتفاوت طبقات الزائرين وجنسياتهم، فهناك زوار من داخل المنطقة ومن مدن المملكة المختلفة، بجانب زوار عرب وخليجيين وأمريكيين وبريطانيين وبلجيكيين ويابانيين، وغيرهم من الجنسيات العالمية الأخرى، وما يميز الزوار الأجانب أنهم يعاينون كل قطعة بالمتحف جيدًا ويسألون عنها بدقة، وعن كيفية الحصول عليها، وعن تاريخها، ويستمتعون بالجلوس في بيت الشعر الجوفي، ويتذوقون حلوى الجوف والبكيلة، ويشربون القهوة العربية. ويختم النويصر حديثه عن النشاطات التي قام بها المتحف والمشاركات التي ساهم فيها قائلاً: شاركت بعدد كبير منها في المهرجانات بالمنطقة وكان آخرها مهرجان السدو والزيتون، وشاركنا بعدد من الحفلات المدرسية، كما يقوم المتحف والسوق بشراء أي قطعه نسيج من صنع الطلاب وبيعيها بالسوق تشجيعنا بالطلاب، ونتعاون السوق مع أكثر من عشر أسر منتجة، حيث نقوم بشراء إنتاجها من السمن والسمح والدبس والزيتون والبهارات، وتسويقها من خلال السوق. كما استضاف المتحف مؤخرًا بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار دورتين: دورة صناعة الصابون من زيت الزيتون، ودورة فتل الحبال، أمّا بضائع السوق الشعبي فنوفرها من مستودعات قديمة ما زالت مليئة بالبضائع القديمة لتجار قدامى عمر تجارتهم ما بين 50 إلى 100 عام في جدة والرياض والجوف، كما قمت بشراء جميع البضاعة القديمة من تجار قدماء بالجوف.