خطت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض، خطوات واسعة؛ لإنجاز مشروع المكتبة الرقمية العربية، الذي يمثل امتداداً لإنجازات المكتبة، في مد جسور التواصل المعرفي العربي، وفتح آفاق رحبة للتعريف بالنتاج الفكري، والعلمي، والإبداعي لأبناء الثقافة العربية الإسلامية، في جميع دول العالم، وتيسير الاستفادة من مقتنيات المكتبات العربية الإسلامية من مصادر المعرفة بمختلف اللغات، في إطار رؤية المكتبة لرسالتها الثقافية والحضارية الشاملة وجهودها في نشر الثقافة والمعرفة، وخدمة الباحثين والدارسين وطلاب العلم، بما يجسد مسيرة المملكة الناجحة في الانتقال لمجتمع المعرفة. وأوضح نائب المشرف العام على المكتبة، الدكتور عبدالكريم الزيد، أن هذا المشروع الذي بدأت ملامحه تتشكل وسط ترحيب كبير من كل المؤسسات الثقافية، والعلمية، والأكاديمية، في الدول العربية، يمثل امتداداً طبيعياً لجهود مكتبة الملك عبدالعزيز العامة منذ تأسيسها، برعاية خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في خدمة الثقافة العربية الإسلامية، والاستفادة من كل التقنيات الحديثة؛ لتحقيق هذا الهدف، واستثماراً للنجاح الكبير الذي تحقق لمشروع "الفهرس العربي الموحد"، الذي قدمت "المكتبة" من خلاله نموذجاً رائعاً للمشروعات العربية المشتركة، في المجال الثقافي، والمعرفي، أو المجالات الأخرى.
وأضاف الدكتور "الزيد"، أن تبني "المكتبة" لهذا المشروع الثقافي والمعرفي الضخم، بدعم من نائب وزير الخارجية، رئيس مجلس إدارة مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز، ومتابعة المشرف العام على المكتبة، فيصل بن معمر، يأتي ضمن المشروعات الهادفة لحفظ الهوية الثقافية، ودعم اللغة العربية؛ انطلاقاً من قناعة بوجود حاجة حقيقية لوسيلة يمكن من خلالها ترتيب العلاقات الثقافية والمعرفة الإنسانية، وأن نجاح التحول إلى مجتمع المعرفة يصب في اتجاه تحقيق التنمية بمفهومها الشامل، بالإضافة إلى الوعي بأهمية الاستفادة من تقنيات المعلومات والاتصالات، في التعريف بثراء الثقافة العربية الإسلامية، وتنوع إسهاماتها في مسيرة تطور الإنسانية على مر العصور.
وأكد "الزيد": أن البنية الأساسية التي تملكها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، التي تم إنجازها من خلال "الفهرس العربي الموحد"، سوف تفيد كثيراً في اختصار زمن إنجاز مشروع المكتبة الرقمية العربية.
وأوضح مدير مركز الفهرس العربي الموحد، مدير مشروع المكتبة الرقمية بمكتبة الملك عبدالعزيز العامة، الدكتور صالح بن عبدالله المسند، أن "المكتبة الرقمية" بالإضافة إلى دورها الكبير والمهم في إثراء المحتوى المعرفي الرقمي العربي، تتيح فرصاً كبيرة لإبراز المشروعات الثقافية والمعرفية السعودية، ودعم قدرتها على تحقيق أهدافها، مثل: موسوعة المملكة، والمشروع الوطني لتجديد الصلة بالكتاب، ومشروع مكتبات المطارات، حيث تمثل "المكتبة الرقمية" مظلة عليا، وداعمة لكل مبادرات "الرقمنة" السعودية؛ الأمر الذي يسهم في الحد من الازدواجية وتقليل الكلفة.
وأشار الدكتور "المسند"، إلى أن "المكتبة الرقمية العربية"، سوف تغطي - بمشيئة الله تعالى - أكبر قدر من المقتنيات المعرفية الإلكترونية من الكتب الرقمية، والنصوص، والصور، والملفات الصوتية، والفيديو، بحيث يتمكن كل باحث أو دارس من الوصول إلى المحتوى المعرفي العربي، عبر شبكة الإنترنت بكل يسر وسهولة، مؤكداً أن سير العمل في المشروع يشمل تجميع المحتوى الرقمي العربي من جميع المكتبات السعودية، ثم المكتبات العربية، ثم المقتنيات العربية الفريدة في المكتبات العالمية.
وعن المدة المتوقعة لإنجاز المشروع، أكد الدكتور "المسند"، أن "المكتبة الرقمية" أشبه بكائن حي لا يتوقف تطويره، وتزويده بالمعلومات، مشيراً إلى أن خطة العمل تشمل إجراء الدراسات، وبناء النماذج الأولية، ثم التطوير المتكامل والتشغيل، التي أوشكت المرحلة الأولى والخاصة بجمع المحتوى في المكتبات السعودية على الانتهاء.
يلي ذلك مرحلة أخرى، تتطلب جهوداً كبيرة لبناء المحتوى الرقمي العربي، بالتعاون مع كل المكتبات العربية، في أعمال حصر مقتنياتها ورقمنتها بمواصفات ومعايير متميزة؛ ومن ثم إتاحتها للمستفيدين عبر شبكة الإنترنت على غرار "المكتبة الرقمية العالمية"، التي تنشئها "منظمة اليونسكو" حالياً، بما يواكب التوجه العالمي؛ لحفظ المعلومات بصيغة رقمية تسهل الاطلاع عليها.