كشف أكاديميون وخبراء في مجال هندسة البناء من كلية العمارة والتخطيط بجامعة الدمام عن أسباب احتمالية انهيار الجسر الواقع على طريق الدمامالرياض السريع الذي انهار قبل عدة أيام على بعد 35 كم تقريباً من الدمام، وكان هذا الجسر يستخدم كجسر صحراوي مخصص لعبور الجمال والحيوانات البرية فقط، ويرجع تاريخ تنفيذه إلى أكثر من 30 سنة ماضية. وذكر ل"سبق" أستاذ الهندسة المدنية المساعد ورئيس قسم هندسة المباني بكلية العمارة والتخطيط الدكتور عثمان بن صبحي الشمراني، أن الواضح من الجسر أنه يتكون من نصفين متلاصقين جنباً إلى جنب من الهيكل الإنشائي الخرساني المسلح، ويثبت كل نصف من الجسر على إطار خرساني مسلح في منتصف الجسر بين بداية ونهاية الجسر.
وأشار إلى أن "مجموعة من أعضاء هيئة التدريس المتخصصين في هذا المجال بالقسم قاموا برؤية الجسر المنهار، وقاموا بعمل تحليل إنشائي مبدئي عن احتمالية أسباب انهيار الجسر، وتبين أن الانهيار حدث فقط في نصف واحد من عرض الجسر، وقريب جداً من الإطار الساند له في نصف الطريق، ويلاحظ أن النصف العرضي الآخر من الجسر أو الجهة الأخرى من النصف المنهار لم يتأثرا بالانهيار الحادث".
وقال الدكتور الشمراني إن "من الأسباب المحتملة المؤدية لذلك الانهيار عديدة منها: ترسب مياه الأمطار، والخلل في عملية التصريف قد يتسبب في تغلغل ووصول المياه إلى طبقات الحديد، والذي بدوره يتسبب في صدأ وتآكل الحديد؛ مما يتسبب في فقدان الحديد والخرسانة لخواصهما الطبيعية، وبالتالي يحدث الانهيار المفاجئ للجسر كما حدث".
وأضاف أنه "اتضح جلياً من خلال زيارة الموقع صدأ وتآكل الحديد في الجزء المنهار؛ مما تسبب في تصدع الخرسانة، وقد يكون سبب آخر وهو ترسب الأتربة الناتج من إثارة الأتربة والغبار، ومن ثم هطول الأمطار؛ مما قد يتسبب في تكون طبقة سميكة من الطين، والذي يعتبر من الأحمال الميتة الزائدة، والتي لم تؤخذ في الاعتبار في عملية التصميم الإنشائي".
كما أوضح المهندس الإنشائي ل"سبق" محمد فؤاد المحاضر بقسم هندسة البناء في كلية العمارة والتخطيط، أن إهمال أو انعدام الصيانة مع الزمن قد يتسبب في ظهور بعض التشققات والتصدعات أو الشروخات، والتي قد تتحول من بسيطة إلى خطيرة تبعاً لزيادة عمر المنشأة، كما يظهر في بعض أجزاء الجسر السليمة، والقريبة جداً من مكان حدوث الانهيار بالجسر.
من جانب آخر قال أستاذ الهندسة الإنشائية المشارك بقسم هندسة البناء بجامعة الدمام، الدكتور منصور الجديد، إن من الأسباب المحتملة مرور السيارات الكبيرة أو الشاحنات المحملة بالأعلاف لأصحاب المواشي فوق هذا الجسر؛ مما لم يؤخذ في عين الاعتبار في عملية حساب الأحمال، وهذا احتمالية أخرى تسبب الانهيار الحاصل.
وذكر أستاذ هندسة المواد الدكتور ياسين سلام أنه من خلال المعاينة للصور يتضح أن حديد التسليح منته في منطقة واحدة، ويفتقد للتداخل، وكذلك الخرسانة منفصلة تماماً عن حديد التسليح؛ الأمر الذي قد يفسر هذا الانفصال إما لسوء مصنعية الخرسانة أو نتيجة تفاعل حديد التسليح مع أملاح في مياه الخلطة".
وأجمع المختصون والأكاديميون على أن مرحلة التشييد للجسر لابد أن يكون هناك تطبيق لاشتراطات ومعايير جودة التنفيذ والتأكد منها في تلك الفترة الزمنية التي تم بناء الجسر فيها، بالإضافة إلى مطابقة مواد التنفيذ المستخدمة لاشتراطات المواصفات والاستدامة في تلك المنشآت المهمة والحيوية تلافياً لأي انهيار أو تصدعات، كما أكدوا أن هذا الانهيار يدق ناقوس الاحتراز لمراجعة وصيانة جميع المنشآت المماثلة؛ حتى لا يؤدي انهيار تلك المنشآت الحيوية إلى خسائر بشرية ومادية، لا يعلم مداها إلا الله.