بعدما يقارب الأعوام الثلاثة من البحث والمحاولات والتجارب، استطاع فريق الروبيان الوطنية المتخصص في الاستزراع المائي، أن يحقق إنجازاً سعودياً جديداً في تحقيق دورة كاملة من خيار البحر، وبهذا ضمنت - بعون الله وتوفيقه - استمرارية استزراع هذا الحيوان الذي يعد من أهم الحيوانات البحرية التي تسهم في خلق توازن بيئي وتنمية مستدامة للحياة البحرية، ويوفّر ثروة غذائية مليئة بالفوائد المتعددة للحياة الإنسانية. وبدأت "الروبيان الوطنية" في مشروعها الجديد الذي يعد الأول من نوعه على مستوى السعودية على وجه الخصوص، وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط عموماً، حيث إنه من المتوقع أن تبلغ الطاقة الإنتاجية للعام الأول من الإنتاج نحو 90 طناً من خيار البحر، حيث يعد مشروع إنتاج خيار البحر مشروعاً ذا أبعاد استراتيجية على البيئة البحرية والاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة للأمن الغذائي، استطاعت الشركة إيجاد حل لهذه المعادلة المعقدة بهذا الحيوان المائي؛ لما يلعبه من دور كبير لحفظ التوازن البيئي في البيئة البحرية.
وحول أهمية هذا الإنجاز، صرّح الرئيس التنفيذي لشركة الروبيان الوطنية ورئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للاستزراع المائى، المهندس أحمد بن رشيد البلاع، قائلاً: "يغمرنا اليوم شعورٌ كبيرٌ بالفخر والاعتزاز بهذا الإنجاز غير المسبوق على مستوى المنطقة، الذي تم التوصل إليه بعد تجارب علمية عديدة، تمت على يد خبرائنا في فريق البحث والتطوير للاستزراع المائى، كما أننا سعداء بتخطي هذه المرحلة المهمة والتي تعد الأساسية في هذا المشروع الوطني على كل الأصعدة، كما أننا اليوم نضيف نجاحاً جديداً لسلسلة إنجازاتنا في صناعة الاستزراع المائي بحمد الله وتوفيقه".
واستطرد البلاع بقوله: "كما يعلم الجميع قد بدأت باكورة إنجازاتنا بمشروع استزراع الروبيان، لتتوالى بعد ذلك بوادر نجاح مشروع الأسماك الذي يخطو خطواته الأولى ليشق طريقه نحو العالمية، واليوم نشاهد معاً على أرض المملكة العربية السعودية المليئة بالفرص الاستثمارية وبيئتها الخصبة تحقيقنا لإنجاز جديد بتجاوز حاجزاً كبيراً، وهو تمكن أمهات خيار البحر الخاصة بالشركة في وضع البيض، لتبدأ الشركة إنتاجها بما يقارب 23 مليون يرقة من أصل 200 أم، وبهذا تأكد للشركة توافر مخزون لسنوات قادمة من الأمهات البرية المنتمي لسلالات مختلفة من أماكن متفرقة على سواحل المملكة العربية السعودية".
في السياق ذاته، أوضح مدير إدارة مشروع خيار البحر السيد ماريو أماندب قائلاً: "لم تكن عملية توالد خيار البحر في مياه عالية الملوحة كمياه البحر الأحمر، وفي بيئة حارة جداً، كبيئة المملكة العربية السعودية، بالعملية السهلة على الإطلاق، حيث إننا كنا نقوم بمراقبة أمهات خيار البحر يومياً لمدة شارفت على السنوات الثلاث، حتى توصلنا لهذا النجاح الذي تحقق بتوالد يرقات خيار البحر التي تحمل بين أجزائها مستقبلاً واعداً لفريق عمل مكافح يعمل في شركة طموحة يعد أسمى أهدافها التنمية البحرية المستدامة".
وتكاد منتجات خيار البحر تكون غير معروفة بالنسبة للمجتمع السعودي، على الرغم من فوائدها الطبية والبيئية المتعددة، حيث إنه لا يتم تداولها في السوق المحلي، ولهذا تستهدف الشركة في الوقت الراهن الأسواق الدولية التي يتزايد فيها الطلب على المنتجات البحرية من خيار البحر، ومنها بعض دول المجموعة الأوروبية، والأمريكتين، إضافة إلى بعض دول آسيا لتشمل الصين واليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية.
أما الجانب البيئي الذي يتسم به خيار البحر فيقوم بتقليب للتربة القاعية بحثاً عن غذائه؛ الأمر الذي يؤدي إلى تنظيف قاع البحر، ويستطيع حيوان واحد بالغ من خيار البحر تنقية أربعة أطنان من الرمال القاعية سنوياً، ومن هنا تكمن أهميته البيئية، حيث إنه يخلّص القاع من الرواسب العضوية، ويساهم في بقاء التربة القاعية مرنة وغير متصلبة، وبعيدة عن التعفن.
ويحافظ خيار البحر على خلق توازن في قلوية الماء "PH"، ويسهم في فصل المكونات البترولية المنتشرة والمعلقة في الماء، ويجمعها في حويصلات للترسيب وتحييدها بقاع البحر.