كشف الإعلامي د. عبد العزيز قاسم عن كواليس لقائه مع حمزة كشغري صاحب التغريدات المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سجن "ذهبان"، والذي استمر لمدة ساعتين قص لي فيها الكثير من معاناته النفسية, وألمه وندمه الشديد على ما صدر منه, وحول الهجوم الكاسح عليه بعد مقالته عن "كشغري". وقال قاسم في حديثٍ خاص ب"سبق" حول ما إذا كان يتوقع هذا الهجوم الكاسح عليه "خصوصاً هناك من شتمك وتجاوز وأقذع في سبك، بسبب مقالتك عن حمزة كشغري", حيث قال: "شخصياً من خلال خبرتي في الإعلام، توقعت ردة الفعل هذه، بل وأشد منه، وكنت أنتظر من بعض الدعاة الذين يميلون للصرامة، تعليقاً شديداً، ولكن الحمد لله أن من علق هم من شبابٍ متنوعي الاتجاهات والثقافة، دافعهم الحب لسيد البشر صلى الله عليه وسلم".
وأضاف: "لا ألومهم في هذا الانجراف، وإن لم نغر على من لا يكتمل إيماننا إلا بحبه صلى الله عليه وسلم، فلا خير فينا والله. ثمة من أغلظ في القول، بطريقة ربما لا يقرها دين ولا عقل، ولا هو من هديه صلى الله عليه وسلم، فيها شتم وتجاوز ليس لحمزة فقط، بل لكاتب المقالة الذي نقل ما قال، ودخلوا في عنصرية بغيضة تعكس ثقافتهم للأسف، وثمة من أحسن في التعليق، وردّ بأدب، ولكنهم قلة في مقابل أولئك للأسف، وهناك من اقتنع بتوبة الابن حمزة، ثبته الله على الدين".
وحول تفسير البعض مقاله بأنه تمهيد لخروج حمزة كشغري ذكر قاسم: أسأل الله ذلك، ولكن لا علم لي فعلاً، وغير صحيح أنني كتبت من وحي إفراج عنه قريب، الوالدة الولهى اتصلت بي لمرات عديدة، وهي تبكي فلذة كبدها، وكنت اصبّرها، وهاتفتني أخت كريمة، لها منزلة في نفسي ومكانة، ورجتني أن أتحرك لأجل الابن حمزة الذي كان يعاني نفسياً بشكلٍ كبير، وتقدمت بطلب للداخلية بزيارة حمزة كشغري، ووافقوا".
وعن طريقة ترتيب الزيارة في السجن خصوصاً أنه ليس من أقاربه قال قاسم: "أبلغت الداخلية بأن طلب الزيارة بناء على رغبة أسرته، التي رجتني أن أزوره، وتعرف والدته علاقتي بحمزة، واحترامه لي، وكان يعمل معي في ملحق "الرسالة" قبلاً، وبعدها في ملحق "الدين والحياة" في عكاظ، والحمد لله، جاءت الموافقة على الزيارة، وهي فرصة لشكر وزارة الداخلية على هذه الثقة بي، كمواطن محب لوطنه، وكإعلامي يريد نقل الحقائق بما يراها".
وقال الدكتور عبدالعزيز قاسم إن حمزة كشغري لا يُقارن بمن أفنى عمره في محاربة الدين والتدين والتجديف على العلماء والدعاة, حيث أجاب عن سؤالٍ ما إذا كان مقاله دفاعاً عنه من باب العاطفة بسبب عملهم معاً أو استضافته في إحدى الأمسيات قائلاً: "أقسمت بالله في المقالة بأنني لو علمت أنّ في حمزة دَخناً أو انحرافاً متأصلاً، أو أنّ له سوابق في الطعن، لم أسجّل هذه الشهادة التي سأسأل عنها أمام الله تعالى".
وأضاف قاسم: "على الأحبة الذين عتبوا، وأغلظوا، أيسركم أن نحشر الابن في زاوية التجديف وندفعه دفعاً لأن يبقى فيها، أو يسرنا عودته تائباً، ومقسماً بأنه لم يقصد النيل من سيد البشر، والله لتوبته أحب إلينا، وعودته مسلماً تائباً أقرب لمرامي الدين الذي نؤمن. ونأتي هنا لمسألة القضاء، ولا اعتراض عليه، ليطبق الشرع في قضيته، وأنا ناشدت ولاة الأمر وخادم الحرمين الشريفين تحديداً، بالنظر في موضوع الابن حمزة، وقلت: أعرف أن ملفه لدى القضاء، ولكنني هنا أتلمسُ عفواً من أبّ هذا الوطن، ملكنا الرحيم خادم الحرمين الشريفين، بالنظر في موضوع هذا الابن الذي أخطأ، ولأولئك الذين ينادون بتطبيق الشرع عليه، أقول لهم إن عفو ولي الأمر هو من الشرع أيضاً، فالإسلام أعطاه الحق في ذلك، لما يراه من مصلحة للأمة والفرد، فلا يزايد أحد، وتذكروا يا أحبة كيف أن نبي الرحمة والتسامح، عندما أتاه كعب بن زهير تائباً، وهو الذي هجاه الهجاء الفاحش وأهدر دمه، رمى ببردته عليه."
وأكد قاسم في حديثه ل"سبق": "أؤكد لا يقارن أبداً حمزة- أيها المحتجون المدافعون عن عرض رسولنا الأكرم- بغيره ممن تطاولوا على مقام النبوة. أولئك الذين أفنوا أعمارهم لمحاربة الدين والتدين والتجديف على العلماء والدعاة، والتبجح بمحاربة الثوابت، والتهكم بالرسل والأحاديث، لا يقارن حمزة بهم، فاتقوا الله."
وحول كواليس الجلسة التي كانت بينه وبين حمزة كشغري رواها قاسم: "والله في البداية، جلس معنا مدير السجن ومعاونه، وكانا في قمة الأبوة مع حمزة، الذي كان متلعثماً، وما يزال خجلاً، فاعتذرا بأدب وتركانا بحرية، وأخذت في مهاذرته والتخفيف عنه، وقلت له بما أدين الله تعالى به من نصح، وكان يرتعد وينتفض، ويقول: يؤلمني والله أنني أتهم في أحب انسان في الوجود لي، ولمحت دمعات صادقات انثالت من عينيه.. ذكرته بالله، وأنه إن كان قال ما قال فعليه التوبة، وأقسم إيماناً مغلظة بما سمعتم، وهو ينشج بأنه لم يقصد أذية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يقول، بكثير من الحنين كيف أن أول خطبة له في المسجد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول من تجذرها في نفسي أحفظها للآن، وسرد عليّ بعض الأبيات التي قالها في تلك الخطبة ونقلها: يا أحمد أشرق ذات مساء.. يا خفقة روح في زمن نسي الإنسان به معنى الإنسان.. يا راية عدل حين أقال الظلم العدلا.. بحجة أن الظلم إذا عمّ تساوى فيه الناس، فقام العدل بلا ميزان".
مضيفاً: "لم أذكر في مقالتي أن حمزة كشغري، يستغل الآن وجوده في السجن بحفظ القرآن الكريم، يريد أن يتم حفظه كاملاً، وأن له قصائد ثلاث في مديح رسول الله صلى الله عليه وسلم، يا أحبة لنفرح بتوبته. سألته: "ما الذي اشتقت له خارج السجن، لا أحد يسمعنا، هات وافصح، أكيد أنه أكل والدتك". تبسّم، وقال: لا يضاهي أكل والدتي الماهرة في الطبخ أحد في الدنيا، تستغرب أنني اشتقت لكل شيء، غرفتي، ورصيف المنزل، المسجد، أحنّ كثيراً كثيراً لصلاة الجماعة، فأنا لا أصلي الجماعة هنا، اشتقت لهرتي، اشتقت لصديقي أحمد جنبي.. قلت له: يخشى المحبون لك، أنك إن خرجت عدت لبعض أصدقائك الذين تلوثت ببعض الأفكار عنهم، وعدت مرة أخرى في الإشكالية.. رفع رأسه لي مباشرة، وقال: آليت على نفسي أن أعتزل الناس، وأن أبقى في بيتي ووالدتي وأخواتي، لا أريد المجتمع، ما تعرضت له، أثّر في نفسي عميقاً عميقاً، لا أريد أحداً..أريد أن أعيش منعزلاً، بعيداً عن الناس، فقط مع أهلي.. وهنا قال لي: أرجوك أن تنقل يا عم أنني بريء ممن يستغل قضيتي للنيل من ولاة الأمر والدولة والدين، أنا لا علاقة لي بأي ليبرالي أو ملحد، وليتقوا الله الذين يربطونني بهم، أنا إنسان مسلم، محبّ لله ولرسوله، أخطئ في التعبير فقط، وأتعهد أمام الله وولي أمري، أني أكون حذراً جداً، ولن أكرر خطئي". وقال قاسم ل"سبق": "أتذكر عند وداعه، احتضنني بقوة، خرجت وأنا أشعر بأنني أحييت إنسانا، والحمد لله.."
ووجّه عبدالعزيز قاسم كلمة لأولئك الذين ينالون من حمزة ومنه، ويشتطون في الخصومة: "أقول لهم، لتكن غضبتكم لسيد البشر فداه أبي وأمي على منهجه، ولنتمسك بغرز علمائنا الكبار، ويسعكم ما يوجهونكم به حيال حمزة وغيره، ومن احتج عليّ بأنني لم أكتب عن بقية الشباب، أقول لهم بل والله كتبت، وكتبت، ومن أعمالي في الإعلام التي أرجو أن ألقى بها ربي، حلقتا أبناؤنا المعتقلون في العراق في قناة فور شباب، وما كتبته عن السجون في بلادي، إن مقالات أو غيرها، ونفع الله تعالى بها".
وعن موقفه من بعض المشايخ والدعاة من أصدقائه الذين كان سبباً في بروزهم إعلامياً هم الذين هاجموه وأقذعوه في شتمه قال ل"سبق":أخي الكريم، يغفر الله لي ولهم، آليت منذ ولجت الإعلام، بألا أسنّ قلمي ولساني للنيل من داعية أو عالم شرعي، وإن أفحش وأفجر في خصومتي، من علمني كان داعية، ومن أدخلني الإعلام كان داعية، رجا مني أن أنصر الدعوة والدين، فلا والله لا أوجّه قلمي تجاه من هم في صفهم، ولسان حالي معهم: الله اغفر لهم ما لا يعلمون، وآجرني على اجتهادي، ولو أردت ما عجزت، ومنابري المؤثرة بين يدي، وأعرف مثالب من كتبوا ضدي تماماً، ولكن لن أفرح خصماً يتسلى باحتراباتنا، لدي ما هو أهم من تلك الخصومات".