طلبت الحكومة العمانية من إداراتها مراجعة سياسات تعيين الأجانب، في علامة على أن السلطنة قد تسعى لتحويل مزيد من الوظائف من المغتربين إلى المواطنين، مثلما فعلت بعض دول الخليج الأخرى. وقال مجلس الوزراء العماني الذي يناقش أمور العمالة منذ ديسمبر إنه يريد تحديد أنواع الشركات التي ينبغي تشجيع العمانيين على تأسيسها، وجمع بيانات عن الأجانب الذين يخالفون قوانين العمل.
وذكرت وكالة الأنباء العمانية أن الحكومة طلبت من إداراتها اقتراح قواعد لإصدار تصاريح العمل الجديدة للأجانب، وتحديد القطاعات التي ينبغي التركيز عليها في تعيين المواطنين العمانيين.
وقالت الوكالة إن المناقشات تسعى لتنظيم عملية التعيين وفقاً للاحتياج، خاصة في ظل وجود كوادر عمانية مؤهلة.
وأضافت بأن المجلس أكد أهمية الجدية في تطبيق القوانين التي تنظِّم هذا الأمر.
وقالت الوكالة إنه من المنتظر أن تجري الإدارات الحكومية مسوحاً ميدانية للتأكد من التزام المغتربين بالأنشطة التي حصلوا على التراخيص للعمل فيها.
ويبلغ عدد الأجانب 1.3 مليون من نحو 3.3 مليون نسمة في سلطنة عمان، ومعظم الأجانب مغتربون، يعملون في قطاعات النفط والإنشاء والخدمات.
ووفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي ربما تكون البطالة بين العمانيين قد تجاوزت 20 في المئة في 2010. ويقول مسؤولون حكوميون إن ذلك التقدير مبالغ فيه، وإن عدد العاطلين المسجَّل تراجع بنحو ثلاثة أرباعه إلى 17 ألفاً العام الماضي.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري قال درويش البلوشي وزير الشؤون المالية إن الإنفاق الحكومي وفّر 36 ألف وظيفة للعمانيين في 2012، وتعهد بتوفير 56 ألف وظيفة أخرى هذا العام، منها 20 ألفاً في القطاع الحكومي.
لكن الوضع المالي لعمان أضعف كثيراً مما في معظم دول الخليج العربية المصدرة للنفط، ويتوقع صندوق النقد أن تسجل الميزانية العمانية عجزاً في 2015 بفعل تعزيز الإنفاق الحكومي.
كما أن العمانيين لا يفضلون العمل في القطاع الخاص؛ لأن الرواتب أقل وساعات العمل أطول مقارنة بالوظائف الحكومية. وشكل العمانيون 12 في المئة فحسب من نحو 1.5 مليون موظف في القطاع الخاص حتى نوفمبر الماضي.
وقال أحمد سليم من كابيتال مانباور للتوظيف: "يعمل الموظفون الحكوميون سبع ساعات فقط يومياً مقارنة بتسع ساعات في القطاع الخاص. والراتب أيضاً أفضل كثيراً للعاملين في القطاع العام وقوات الأمن".
وأضاف قائلاً: "الوظائف الشاغرة التي يتركها العمانيون يملؤها المغتربون سريعاً، وهذا قد يكون له تداعيات خطيرة على مستقبل العمانيين الباحثين عن عمل".
وأبلغ السلطان قابوس بن سعيد (72 عاماً)، الذي يحكم البلاد منذ 42 عاماً، مجلساً استشارياً في نوفمبر بأن على العمانيين إدراك أن القطاع الخاص سيكون مصدر الوظائف الرئيسي لهم في المدى البعيد.
إلا أن الأمر يسير في الاتجاه المعاكس فيما يبدو؛ إذ إن مغتربين شغلوا نحو 180 ألف وظيفة جديدة بالقطاع الخاص بين يناير ونوفمبر، بزيادة 16 في المئة عن نهاية 2011، بينما ترك 2500 عماني العمل في القطاع الخاص في الفترة نفسها.
لذلك ربما يصبح فرض قيود جديدة على توظيف الأجانب السبيل الوحيدة لحل أزمة الوظائف العمانية. وقد تضطر الشركات بسبب تلك القيود لتحسين الأجور وأوضاع العمل لاجتذاب المواطنين.
وقال خميس الجمعة محلل سوق العمل: "هناك نصف مليون شاب في التعليم الأساسي في الوقت الحالي، وسيبحثون جميعهم عن عمل في وقت ما".
وأضاف: "علينا تقييد تعيين الأجانب وإيجاد سبيل لاجتذاب العمانيين للقطاع الخاص".