تمخضت جولة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لكل من باكستانوالصينواليابان عن تعزيز الشراكات الإستراتيجية والسياسية والاستثمارية والعسكرية الطويلة المدى، والتي تسعى السعودية من خلالها إلى ترسيخ علاقاتها مع هذه الدول في إطار الرؤية السعودية 2030، فضلا عن إيجاد حلول لقضايا المنطقة ولجم الاٍرهاب ومنع التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية الخليجية. ففي باكستان، ساهمت زيارة الأمير محمد بن سلمان في تعزيز الشراكة الإستراتيجية مع إسلام أباد، التي أكدت عزمها على الارتقاء بعلاقاتها مع الرياض وتعزيز التعاون المشترك في كافة المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية. وأجرى الأمير محمد بن سلمان محادثات مستفيضة مع رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف تناولت مجمل الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. كما جرى استعراض العلاقات الثنائية المتينة بين المملكة وباكستان، وسبل مواصلة تطويرها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى بحث تطورات الأحداث على الساحتين الإسلامية والدولية. محطة إسلام أباد حققت أهدافها السياسية باعتبار أن باكستان حليفة وحريصة على تعزيز الشراكة مع السعودية. أما في الصين، فقد تمكنت زيارة الأمير محمد بن سلمان من تحويل العلاقة السعودية - الصينية إلى تحالف إستراتيجي سياسي اقتصادي استثماري عسكري، من خلال الاتفاقية لإنشاء لجنة مشتركة سعودية - صينية، حيث تم الاتفاق أيضا على محضر أعمال الدورة الأولى لهذه اللجنة. كما تم توقيع 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الحكومتين الصينية والسعودية في مجالات متعددة، من أبرزها الطاقة وتخزين الزيوت ومجالات التعدين والتجارة. وتوقيع اتفاقية مع وزارة الإسكان السعودية لإنشاء مدينة جديدة في ضاحية الأصفر. وتوقيع اتفاقية لتنمية طريق الحرير المعلوماتي. وشملت الاتفاقيات مذكرة تفاهم بين وزارة العلوم والتكنولوجيا الصينية ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية للتعاون في المجال العلمي، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الموارد المائية. كما شهدت الزيارة توقيع تسع اتفاقيات اقتصادية مع القطاع الخاص في الصين، أبرزها اتفاقية بين مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية ومركز تنمية التجارة الدولية الصينية. وحققت محطة الصين نجاحا باهرا لتعزيز الشراكة في إطار الرؤية 2030 والتي تمكنت السعودية من طرحها في المؤسسات الصينية الاقتصادية والاستثمارية والتي لاقت قبولا كبيرا جدا. وفي اليابان، المحطة الثالثة في جولة ولي ولي العهد، واصلت دبلوماسية الاتجاه للشرق نجاحاتها، إذ أجرى الأمير محمد بن سلمان محادثاتٍ مع كبار المسؤولين اليابانيين على رأسهم الامبراطور أكيهيتو ورئيس الوزراء شينزو آبي تركزت على تعميق الشراكة مع طوكيو. وأعرب أكيهيتو خلال لقائه الأمير محمد بن سلمان عن تقديره لدور السعودية القيادي في تحقيق أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط، وكذلك عن الترحيب والعزم على شراكة في رؤية المملكة 2030، وبحث فرص التعاون الثنائي. كما بحث الأمير محمد بن سلمان مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي تعميق التعاون والشراكة في المجالات الاقتصادية والسياسية على أسس وقواعد جديدة أرستها زيارة طوكيو، التي شهدت منتدى الأعمال السعودي الياباني رؤية المملكة 2030. وتم خلال الزيارة التوقيع على 11 مذكرة تفاهم لبناء تعاون متين، خصوصا في المجالات والآفاق التي تخدم رؤية 2030. وشهد الأمير محمد بن سلمان توقيع مذكرات تفاهم تتعلق بتعزيز الشراكة. وشارك نحو 500 رجل أعمال ياباني في المنتدى السعودي - الياباني، فضلا عن الوزراء والمسؤولين السعوديين ونظرائهم المضيفين. وأسفرت التفاهمات عن إعطاء رخصة لمنظمة التجارة الخارجية اليابانية Jetro لفتح مكتب تمثيل اقتصادي وفني، كما شهد المنتدى توقيع أكثر من 10 مذكرات تفاهم منها ست لأرامكو وثلاث للكهرباء، وثلاث مذكرات تفاهم أخرى لأرامكو مع بنوك يابانية. كما شملت مذكرات التفاهم المجالات الصناعية والتجارية والطاقة والتنمية والثقافية والإعلامية، وأخرى متعلقة بالتعاون في المنشآت الصغيرة والمتوسطة والحماية من التقليد والتزييف. يذكر أن العلاقات التجارية بين اليابان والمملكة تأسست العام 1955، وتستورد اليابان أغلب حاجاتها النفطية من السعودية بنسبة تصل إلى 30% من حاجتها، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين العام الفائت 32 مليار دولار، كما ضخت اليابان في السعودية 55 مليارا في 87 مشروعا مشتركا. وفي محصلة نهائية، حققت جولة الأمير محمد بن سلمان اختراقا إيجابيا كبيرا في تعزيز الشراكات مع الدول الثلاث، وحظيت الرؤية السعودية 2030 باهتمام كبير في جميع الأوساط الاقتصادية. والسعودية عندما تتحرك باتجاه الشرق فإنها ترغب في تنويع شراكاتها وفتح آفاق التعاون في جميع المجالات.