بينما ينشط اليمين المتطرف في بعض الدول الأوروبية، يعيش هذا اليمين ذاته في عزلة سياسية واجتماعية، ظهرت ملامحها بتسمية المحامية الشابة منى دوزدار لمنصب وزيرة الدولة بالمستشارية النمساوية تأكيدا على أن دبلوماسية فيينا متمسكة بمبدأ سحب البساط من تحت أقدام اليمين المتطرف. وعلى هذا الأساس لفتت النمساوية منى (الفلسطينية الأصل) الأنظار في إشارة على أفول الأحزاب المتطرفة في النمسا، فيما تتنامى موجة اليمين في دول مثل ألمانيا وفرنسا ضد حركة المهاجرين والمسلمين على وجه الخصوص. vمنى التي ترأست جمعية الصداقة النمساوية الفلسطينية وعضوة بالحزب الاشتراكي الديموقراطي الحاكم، ستكون دافعة إيجابية في حكومة الشباب النمساوي، خصوصا أن منى من أنصار دعم اللاجئين وعملية الاندماج المجتمعي والديني بين المسلمين القادمين من الشرق الأوسط. الأمر الذي يجعلها في منافسة حامية مع وزباستيان كورتس وزير الخارجية ووزير الاندماج الشاب عضو الحزب المحافظ المشارك في حكومة الائتلاف الكبير. وقد اكتملت صورة صدمة اليمين المتطرف، حين عرف عن وزيرة الدولة الجديدة أنها مسلمة الديانة وهي بذلك أول مسلمة تدخل دهاليز حكومة النمسا في وقت يتنامى فيه ظهور الأحزاب المعادية للإسلام. والملفت في الصورة أن منى دوزدار أمامها تحديات عديدة ويتوقع المراقبون أن تبقى وجها حاضرا مشرقا في فيينا، فهي أول سياسية ستعيد القضية الفلسطينية على مائدة المستشارية بعد ما تراجع الاهتمام بها بعد عهد المستشار النمساوي المحنك برونو كرايسكي الذي نقلها إلى أوروبا في سبعينات وثمانينات القرن الماضي. إذن اختيار منى دوزدار في هذا المنصب الهام بالمستشارية يعتبر إشارة واضحة لليمين المتطرف وحجر أساس لما تنوي عليه الحكومة النمساوية الجديدة والتي تم تشكيلها قبل أيام فقط من انعقاد انتخابات الرئاسة والتي عليها الكثير من علامات الاستفهام. ومن المؤكد أن دوزدار قادرة على مواجهة هذا التحدي، فبعد تنقلات عديدة في مناصب حزبية يأتي اختيارها كوزيرة دولة في المستشارية أكبر دليل على قدراتها.. ومرة أخرى يكون المهاجرون المسلمون تحت الضوء الأوروبي وهم يتقلدون مناصب عالية المستوى في المجتمع الغربي.