كان من الأنواع النادرة من الأفكار الهوسية الوسواسية القهرية التي تصيب قلة من الناس؛ وسواس الرهاب من الإصابة بالمرض Illness anxiety disorder (IAD), hypochondriasis, hypochondria لكن هذا الوسواس بات من الأنواع الأكثر شيوعا من أنواع الوسواس القهري وذلك يعود لثلاثة عوامل رئيسية؛ الأول: كثرة البرامج الطبية والمسلسلات الأمريكية التي تدور حول الأطباء والتي يتم فيها تناول الأمراض بشكل تفصيلي، والثاني: كثرة حملات التوعية بالأمراض غير الوبائية وتخصيص يوم لكل مرض تقوم كل وسائل الإعلام والصحف بالحديث المفصل فيه عن المرض وتبني المشاهير لما يوصف بالتوعية بالمرض حيث تظهر صورهم في كل مكان مع شعارات المرض، والثالث: توفر المعلومات الطبيبة على الإنترنت، لكن عادة الأشخاص لا يلجؤون للبحث عن المعلومات الطبية في الانترنت إلا بعد أن يصابوا بالوسواس بسبب العاملين الأولين. ومعاناة الإنسان من هذا الوسواس تخفض نوعية حياته وحياة عائلته وتستنزفه ماديا، وكثيرا ما تضطره للجوء للطبيب النفسي لأن توصله لدرجة تجعله عاجزا عن متابعة حياته بشكل طبيعي، كما أن لهذا الوسواس تبعات صحية خطيرة؛ وعلى سبيل المثال أدت كثافة الحملات عن سرطان الثدي لدى النساء إلى اختيار عدد متزايد من المراهقات والشابات للقيام بعملية استئصال كامل للثديين دون ان تكون لديهن أي مشكلة صحية تستلزم ذلك كوقاية منه، خاصة بعد أن قامت نساء يعتبرن رموزا عالمية للجمال والأنوثة مثل الممثلة الأمريكية انجولينا جولي بعملية استئصال كاملة كوقاية من المرض وهي معافاة. فالإنسان الذي يعاني من وسواس رهاب المرض مهما أكد له الأطباء خلوه من المرض لا يرتاح من الوساوس ويبقى يراجع المزيد منهم ويخفي عنهم أنه راجع غيرهم وتعرض لأنواع الاشعة وهكذا يخضع نفسه لمخاطر التعرض المستمر المتكرر للأشعة لفترة طويلة في مسعى ليتأكد من خلوه من المرض مما قد يساهم في إصابته بالسرطان، كما أنه لكثرة مراجعته للأطباء بسبب توهمه المرض يصبح لدى الأطباء رأي مسبق بأنه يتوهم المرض ولهذا عندما يصاب بالمرض بشكل حقيقي يميلون لتجاهل أعراضه ومعاملتها على أنها مجرد اوهام وحتى يقنعوه أنه يتوهم هذه الأعراض وهذا يعني عدم رصد مرضه الحقيقي حتى يصبح في مرحلة متأخرة وهكذا يكون لكثرة حملات التوعية بالأمراض أثر عكسي. وفعليا يكفي أن تتم توعية الناس بضرورة عدم اهمال أي عرض غير عادي يجدونه في أنفسهم وأهلهم والمسارعة في مراجعة الطبيب والتركيز في التوعية على الوقاية باتباع أنماط الحياة الصحية. [email protected]