لا أعتقد أن الفضول هو ما دفع إلى طرح توصية في مجلس الشورى تقترح أن تزود هيئة حقوق الإنسان المجلس بتقريرها السنوي عن «حالة المجتمع» والتي تتضمن «العنف والاتجار بالبشر والمخدرات»، وغير ذلك من الأمور التي تمثل ما هو حاصل في المجتمع بعيدا عن تهويل المبالغين وتهوين المسؤولين، لم يكن فضولا ذلك الطلب فوظيفة المجلس المتمثلة بتقويم أداء الأجهزة الحكومية، وخاصة الأجهزة الخدمية، لا يمكن لها أن تتحقق إذا لم يكن المجلس على دراية بحالة المجتمع وأوضاعه إلا إذا كان المجلس يعتبر أن المعرفة الشخصية لأعضائه كافية وتشكل قاعدة رسمية يمكن الاكتفاء بها في مناقشة أداء الأجهزة الحكومية. المشكلة أن المجلس الذي من المفترض أن يشكل له تقرير «حالة المجتمع» مرجعية رسمية لمناقشة أداء الأجهزة الحكومية ويوثق في الوقت نفسه علاقة المجلس بالمجتمع ويساهم في تجسير الفجوة بينه وبين المجتمع وهي الفجوة التي يشعر بها المجتمع حتى وإن لم يشعر بها مجلس الشورى، المجلس هو من أسقط هذه التوصية مكتفيا بمناقشة تقرير أداء هيئة حقوق الإنسان مثلها مثل أي جهاز حكومي آخر، أسقط تلك التوصية ببساطة من يبعث رسالة للمجتمع لا يخطئ من يقرأ فيها أن المجلس ليس حريصا على معرفة «حالة المجتمع» وأن دوره في مناقشة أداء الأجهزة الحكومية لا دخل له في مقدار تأثير هذا الدور وانعكاسه على حالة المجتمع سلبا وإيجابا. سقطت توصية معرفة مجلس الشورى بحالة المجتمع بحجة أن النظام ينص على أن ترفع هيئة حقوق الإنسان تقرير «حالة المجتمع» لمجلس الوزراء.. أما مجلس الشورى فيكفيه تقرير الأداء فحسب، أسقط مجلس الشورى توصية اطلاعه على «حالة المجتمع» بحجة النظام وكأنما المجلس ليس مسؤولا عن هذه الأنظمة وتعديلها بما يضمن تحقيق المصلحة العامة، وقد كان الأولى بالمجلس ألا يسقط التوصية وإنما يؤجلها ريثما يتمكن من تعديل النظام الذي يحول بينه وبين معرفة «حالة المجتمع» وذلك أضعف الإيمان.