مجلس الشورى واحد من السلطات التنظيمية (التشريعية) والرقابية الرئيسة في المملكة، وشريك مهم في صناعة القرار، بما يبذله من جهود كبيرة في مناقشة ودراسة الموضوعات التي تحال إليه،أو المقترحات التي يقدمها الأعضاء بشأن نظام جديد أو تعديل نظام قائم بموجب المادة الثالثة والعشرين من نظام مجلس الشورى. لقد نجح مجلس الشورى في تعزيز دوره كشريك في صناعة القرار وكان لمبادراته الأثر الإيجابي على المجتمع في قضايا حيوية تمس حياة المواطن ومستقبله. إن قراءة سريعة لمضامين الموضوعات التي نوقشت تحت القبة والقرارات والأنظمة الصادرة من المجلس خلال السنة الثانية من الدورة الخامسة، تجسد حجم النقلة النوعية التي شهدها أداء المجلس وصلاحياته من جهة، والثقة التي يحظي بها من القيادة والمواطن من جهة أخرى. فقد قدم مجلس الشورى رؤيته في آداء الأجهزة الحكومية تضمنتها قرارات رفعها المجلس إلى مقام خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بوصفه المرجعية العليا للسلطات في الدولة، وذلك إثر دورة عمل نظامية دقيقة ومناقشات عميقة لتقارير أداء الوزارات والأجهزة الحكومية بهدف الارتقاء بخدماتها المقدمة للمواطن، الأمر الذي أهل المجلس ليكون سنداً قوياً للدولة ودعامة من دعائم التحديث والتطوير لأجهزتها ومؤسساتها. وعلى صعيد آخر سعى المجلس إلى ترسيخ علاقاته بأجهزة الدولة ومؤسسات القطاع الأهلي والسلطات الأخرى وإقامة جسور من الثقة المتبادلة عبر الزيارات واللقاءات، للاطلاع عن قرب على خططها ومشروعاتها، وما تقدمه تلك الجهات من خدمات، والتعرف على احتياجاتها والعقبات التي تواجهها، حيث دأب المجلس على القيام بزيارات ميدانية للأعضاء إلى مقار الوزارات والمؤسسات الحكومية والجامعات والقطاعات الإنتاجية والخدمية، كما حرص المجلس على توثيق التعاون مع مجالس المناطق بما يسهم في التعرف عن قرب على أولويات خطط برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق. ومنجزات المجلس في السنة الثانية من دورته الخامسة التي انتهت في الثاني من شهر ربيع الأول لهذا العام تمثلت في حجم القرارات التي أصدرها في جلساته الثمان والسبعين التي عقدها خلال سنة التقرير، إنجازات كانت بحجم العمل الذي بذله المجلس ولجانه المتخصصة في دراسة جميع الموضوعات التي أحيلت إليه من خادم الحرمين الشريفين، أو التي تم اقتراحها من أعضاء المجلس بموجب المادة الثالثة والعشرين من نظام مجلس الشورى التي تتيح لأحد الأعضاء أو عدد من الأعضاء اقتراح نظام جديد أو تعديل نظام قائم. ولقد تجسد دور مجلس الشورى في خدمة المواطن وصيانة مقدرات الوطن متجاوزاً المفهوم الضيق لإبداء الرأي إلى آفاق أوسع فما يقدمه المجلس هو بمثابة قرار له قوته وإجراءاته الدقيقة والمحكمة بعد دراسات ومناقشات معمقة سواء في اللجان المتخصصة أو تحت القبة. وتمكن مجلس الشورى عبر الحوار الراقي والفرص المتساوية التي يتيحها معالي رئيس المجلس للأعضاء في مناقشة كافة القضايا المطروحة على جول الأعمال، وفي إطار معايير من الحرية والاحترام المتبادل، تمكن من دراسة الموضوعات دراسة شاملة ومعمقة وأصدر بشأنها القرارات المهمة واقترح العديد من الأنظمة مما أهله للقيام بدور فاعل ومؤثر في معالجة بعض القضايا الحيوية في مجتمعنا، وأيضاً مراقبة أداء الجهات الحكومية سعيا للرفع من كفاءة العمل وتحسين الأداء. وبلغة الأرقام التي توثق المنجزات أحصى تقرير لمجلس الشورى القرارات التي أصدرها المجلس والموضوعات التي ناقشها وبحثها تحت القبة خلال جلساته العامة وعدد مداخلات الأعضاء في جميع الموضوعات التي درسها. فقد أصدر المجلس مائة وأربعة وخمسين قراراً للموضوعات التي أنهى المجلس دراستها وهو إنجاز تاريخي للمجلس حيث توازي تلك القرارات في حجمها مجموع القرارات التي أصدرها المجلس في السنوات الأربع لدورته الأولى، منها 34 قراراً تختص بالأنظمة واللوائح و51 قراراً خاصة بالتقارير السنوية و66 قراراً بالاتفاقيات والمعاهدات. وبلغت عدد المداخلات على جميع الموضوعات المنتهية 2183، منها 840 مداخلة على موضوعات الأنظمة واللوائح، و855 مداخلة على موضوعات التقارير السنوية، و460 مداخلة على موضوعات الاتفاقيات والمعاهدات، في حين بلغ عدد التوصيات التي أقرها المجلس على جميع الموضوعات 331 توصية، كان نصيب موضوعات الأنظمة واللوائح 70 توصية، والتقارير السنوية توصية 192، و69 توصية على موضوعات الاتفاقيات والمعاهدات. وبلغ مجموع التوصيات الإضافية التي عرضت على المجلس 105 توصيات إضافية، وافق المجلس على مناقشة 26 توصية، أقر 12 توصية منها. وبلغت الموضوعات التي درسها المجلس خلال مدة التقرير (193) موضوعًا، أنهى المجلس منها مئة وأربعة وخمسون (154) موضوعًا أبرزها مشروع نظام إدارة النفايات البلدية الصلبة ومشروع نظام إيرادات الدولة. ومشروع لائحة المسؤوليات والغرامات الخاصة بمنع التدخين داخل المطارات. والإستراتيجية الوطنية لتنمية الحرف والصناعات اليدوية وخطتها التنفيذية. ومشروع تنظيم جائزة خادم الحرمين الشريفين للمخترعين والموهوبين. ومشروع الإستراتيجية الوطنية للنقل، والترتيب التنظيمي لمصانع المياه المعبأة وغير المعبأة، ومصانع الثلج، ومحلات تقليل الملوحة (وضع مصانع ومحلات مياه الشرب المعبأة)، ومشروع نظام عقوبات إفشاء الوثائق السرية، وإعطاء المناطق الأقل نموًا حوافز إضافية يستفيد منها جميع المستثمرين لتنفيذ استثماراتهم، والتوصيات المقترحة لتقنين المحتوى الأخلاقي لتقنية المعلومات في المملكة العربية السعودي، والمقترح المتعلق بإسقاط ما على المواطنين من ديون للدولة أو للغير حسمًا من مستحقاتهم لديها، ودراسة كيفية مساءلة موظفي المؤسسات العامة والهيئات الحكومية الخاضعين لنظام العمل، ومشروع النظام الجزائي لجرائم التزوير، وطلب تعديل بعض مواد نظام الرهن التجاري الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/75) وتاريخ 21 /11 /1424ه، وإعادة النظر في المرسوم الملكي رقم (م/14) وتاريخ 16 /4 /1421ه الخاص بترتيب سداد الديون الممتازة في حالة الإفلاس عملاً بالمادة (17) من نظام مجلس الشورى، ومشروع نظام حماية الطفل، ومشروع نظام إجراءات التراخيص البلدية، ومشروع المركز الوطني لتقويم التعليم العام. ومن أبرز الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وافق عليها المجلس طلب الانضمام إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق ببيع الأطفال وبغاء الأطفال واستغلال الأطفال في المواد الإباحية،و طلب إبداء الرأي في شأن التحفظ على الفقرتين (ب) و(ج) من البند (1) من المادة «الحادية والأربعين» من اتفاقية حركة المرور على الطرق (فيينا 8 نوفمبر 1968م)، إلى جانب العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين المملكة والدول العربية والإسلامية والصديقة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتعليمية والصحية والأمنية. أما المقترحات التي اقترحها أحد الأعضاء أو عدد من الأعضاء بموجب المادة الثالثة والعشرين من نظام مجلس الشورى وناقشها المجلس خلال السنة الثانية محل التقرير، وأصدر بشأنها قرارات تم رفعها لخادم الحرمين الشريفين فهي مقترح تعديل بعض مواد نظام التقاعد العسكري، ومقترح تعديل نظام الكهرباء، ومقترح مشروع نظام العمل التطوعي. في حين لا تزال هناك موضوعات مقترحة قيد الدراسة في المجلس بينها اقتراح مشروع نظام مزاولة مهنة التعليم، واقتراح تعديل رسوم تأشيرات الاستقدام، ومقترح تعديل نظام هيئة السوق المالية بإضافة مواد جديدة تعنى بعلاوة الإصدار، ومقترح إصدار نظام سوق العقار السعودي، ومقترح مشروع نظام لتوطين وظائف عقود التشغيل والصيانة في المرافق الحكومية، ومقترح مشروع لنظام الخصخصة، ومقترح تعديل نظام التقاعد المدني والعسكري، ومقترح تعديل نظام التأمينات الاجتماعية بإضافة مادة جديدة تتعلق بالعلاوة السنوية، ومقترح إضافة مادة لنظام العمل تتعلق بصرف إعانات مالية للعاطلين عن العمل، ومقترح إلغاء الفقرة (ج) من المادة «الثالثة» من لائحة الترقيات لوظائف الخدمة المدنية، واقتراح تعديل بعض مواد نظام الخدمة المدنية وكذلك تعديل بعض مواد نظام مجلس الخدمة المدنية، ومقترح مشروع نظام الجودة النوعية وسلامة المريض في الخدمات الصحية، ومقترح مشروع نظام الهيئة السعودية للتقويم والاعتماد الأكاديمي العسكري، ومقترح مشروع نظام الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة ومشروع تنظيم زواج السعودي بغير سعودية والسعودية بغير سعودي. ولم يكن مجلس الشورى ساكناً ينتظر ما تقدمه الأجهزة الحكومية من تقارير عن آدائها، بل ظل دوماً مبادراً في تفاعل متواصل مع الحراك الاجتماعي تتصدر أولوياته هموم المواطن واحتياجاته وقضاياه، فأعضاء المجلس يستشعرون دورهم الوطني، ويتلمسون على الدوام هموم المواطن وقضاياه ويطرحونها تحت القبة أثناء مناقشة الشأن العام الذي خصص له المجلس حيزاً كبيرا من جلسته العادية التي يعقده يوم الأحد من كل أسبوع، وكانت آخر القضايا التي تناولها المجلس باهتمام بالغ الفاجعة التي ألمت بمحافظة جدة في شهر صفر الماضي، حيث ناقشها المجلس خلال أول جلسة عامة أعقب الفاجعة، وقدم الأعضاء مقترحات تمثل خارطة طريق لحل مشكلات آثار الأمطار والسيول في محافظة جدة بخاصة وفي مدن المملكة ومحافظاتها بصفة عامة، وستتبلور بإذن الله إلى خطة عمل يتم رفعها لخادم الحرمين الشريفين لإقرارها لتفادي آثار السيول والأمطار ليس في محافظة جدة فحسب بل في جميع مدن المملكة ومحافظاتها. وشهد مجلس الشورى في عهده الحديث نقلة نوعية في أدائه واهتمامه بقضايا المجتمع وهموم الوطن والمواطن من خلال بناء المزيد من جسور التواصل والانفتاح والحوار الموضوعى بما أهل المجلس ليكون صوتاً أصيلاً للوطن وللمواطنين،وتجسد ذلك عبر قنوات عدة، حيث أتاح المجلس الفرصة لمختلف شرائح المجتمع ووسائل الإعلام حضور جوانب من جلساته والاستماع إلى نقاشات الأعضاء والالتقاء بالمسئولين والرد على استفساراتهم، كما طبق المجلس إستراتيجية للإعلام والاتصال اعتمدت الشفافية والصراحة منهجاً. وبلغ عدد الوفود اللذين زاروا المجلس وحضروا جزءًا من جلساته خلال سنة التقرير مائة وفد، منها 20 وفدًا أجنبيًا، و40 وفدًا من منسوبي الجهات الحكومية، و40 وفدًا من طلاب المدارس والجامعات. ويحظى مجلس الشورى بأهمية بالغة من رؤساء الدول ورؤساء الحكومات الذي يزورون المملكة العربية السعودية، حيث يدرجون زيارة مجلس الشورى وإلقاء خطاب من على منصة المجلس ضمن برنامج زياراتهم، فقد زار المجلس خلال السنة الثانية من الدورة الخامسة كل من دولة رئيس الوزراء بجمهورية الهند الدكتور مامنوهان سينغ، وفخامة رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية نغوين منية جييت. وعلى الصعيد الخارجي بات مجلس الشورى أحد أذرع السياسة الخارجية للمملكة، يدافع عن ثوابتها، ويحشد المساندة لمواقفها، ويعمل على تعزيز الصورة الذهنية الإيجابية عن المملكة والإسلام والمسلمين، من خلال مشاركاته في اجتماعات ومؤتمرات الاتحادات البرلمانية الإقليمية والدولية، والزيارات الرسمية التي تقوم بها وفود المجلس أو لجان الصداقة البرلمانية بالمجلس للعديد من الدول العربية والإسلامية والصديقة، حيث يعمل المجلس على توثيق علاقاته مع المجالس البرلمانية والتشريعية في مختلف دول العالم، وإقامة حوار دائم مع صناع القرار في تلك الدول.