صدق أو لا تصدق أن الغربيين وبخاصة الأمريكيين يتركون حياتهم المرفهة في بلادهم المتطورة ويسافرون لغابات الأمازون في أمريكا الجنوبية التي فيها أنواع الآفات الخطيرة المهلكة والتي تبدو كأن صانعي أفلام الرعب قد استلهموا منها أخوف أفلامهم ونادرا ما يعود الناس بدون أن يصيبهم شيء منها، وهذا غير الحيوانات المفترسة، والجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة والمخدرات وغياب الحضور الشرطي والرقابة الحكومية وإمكانية التعرض لجرائم انتهاك وقتل، لكن مع كل هذا هم يخاطرون بحياتهم في غياهب المجهول المخيف في غابات الأمازون فقط ليلتقوا برجال حفاة عراة لا يحملون أي درجة تعليمية، فما الذي يمكن أن يدفعهم لتكبد هذه المخاطر لأجل هذه الغاية؟ ما يدفعهم لغابات الأمازون هو الرغبة في اكتساب المعرفة الروحية عن الأبعاد الروحية الفوق حسية من حكماء ومعالجي مجتمعات الأمازون، فالغربيون وبخاصة الأمريكيين لديهم تعطش لكل أنوع المعارف الروحية، وكنت قد تحدثت في المقال السابق عن سفر الغربيين للهند لاكتساب الحكمة الروحية السلوكية والأخلاقية النفسية والعقلية، وحكماء الأمازون الحفاة العراة بفضل تركيبهم لمزيج نباتي يسمونه «ايهواسكا - Ayahuasca» وهو سائل شديد المرارة يؤدي للتقيؤ والإسهال الشديدين لكنه يمنحهم القدرة على الإدراك الفوق حسي مؤقتا وعبره يمكنهم رؤية مكان العلة بالجسد عبر ما يقولون إنه منظور أشعة اكس ويعرفون العلاج المداوي لها، وعبره أمكنهم معرفة الخواص العلاجية لآلاف النباتات في الأمازون وهذه المعرفة جذبت إليهم باحثي شركات العقاقير الدولية الذين أخذوا تلك المعرفة الأولية منهم وأعلنوا على منتجاتها الحقوق الفكرية لكن بعض الناشطين الغربيين ساعدوهم برفع قضايا على شركات الدواء، أما عامة الغربيين الذين يقصدون الأمازون فهم يخاطرون بتناول الايهواسكا لتمحيص ذواتهم ويصدمون عندما يرون الأسباب والمحركات الحقيقية اللاواعية لأحوالهم مجسدة كما في البرزخ، وغالبهم إن لم يكن جميعهم تحصل لديهم إفاقة وعي لحقيقة صفاتهم وأفعالهم وعواقبها الفوق حسية والأخروية. ولهذا كلما قرأت عن ذباحي داعش الساديين، والسيكوباتيين الذين يرسلون المراهقين لتفجير أنفسهم بالأبرياء وأمثالهم أتمنى لو يمكن عمل جلسة ايهواسكا لهم، وهناك العديد من الأفلام الوثائقية عن خبرة الغربيين هذه بالأمازون وقد درس الايهواسكا واختبرها عدد من العلماء الغربيين مثل د.دنيس ماكينا. والسؤال؛ لماذا الناس يقصدون الهندوس والأمازون طلبا للحكمة الروحية ويرجعون أناسا أفضل لمجتمعاتهم بعدها، ولا يقصدون مسلمين طلبا للحكمة؟ وعديد من المسلمين الجدد يلتحقون بجماعات إرهابية ويصبحون أسوأ ويفجرون أنفسهم بالأبرياء؟. سؤال مؤلم يتطلب الاعتراف بحقيقة واقع المسلمين المؤسف. [email protected]