عقليات البشر لها نمطان أساسيان؛ عقلية تعمل بطريقة عشوائية غير موضوعية، وعقلية منهجية موضوعية مؤصلة ترجع في حكمها على الأمور للحقائق المحضة والدراسات والأبحاث والأرقام وبناء عليها تكون قناعاتها ولا تطلق أحكاما معممة ولا مسبقة, وللأسف الواقع العربي مفتقر لثقافة العقلية المنهجية حيث تحسم القناعات والأحكام بدون إجراء الدراسات والأبحاث والاستطلاعات اللازمة ولا حتى الاستفادة من تلك التي لدى الآخرين وهذا سبب ضعف النتيجة النهائية، بينما في الغرب الأبحاث والدراسات صارت تصوغ حتى الثقافة العامة الشعبية بتحققها من مسلماتها وافتراضاتها حتى بقضايا خلافية شاعرية الطابع مثل السؤال الذي كان محور اختلاف الفلاسفة والفقهاء الذين كتبوا عن الحب وهو هل الحب العذري هو ذاته الشهوة؟, فقد قام العلماء بتصوير أدمغة الناس عند إثارة كلا الحالين وتبين أن للحب العذري مركزا دماغيا مختلفا عن ذلك الذي للشهوة، وبعض تلك الأبحاث يبدد ديباجات تقليدية مثل تبرير حرمان المرأة من حقوقها بدعوى أنها عاطفية، فالذي توصل إليه العلماء أن الجنسين عاطفيان والإنسان الوحيد الذي وجد العلماء أنه ليس عاطفيا هو المصاب بأخطر حالة مرضية هي وراء أبشع جرائم العنف والطغيان والتصرفات اللا أخلاقية وهي السيكوباتية، فالإنسان الطبيعي ذكرا كان أو أنثى تكون لديه ذات نمط ردة الفعل العاطفية على المثيرات المختلفة كالتعاطف مع من هو في معاناة والشعور بتأنيب الضمير عند الخطأ لأن هناك مركزا في الدماغ يقوم بالمعالجات العاطفية للمدركات الحسية, لكن في السيكوباتي يكون مركز المعالجة العاطفية خاملا ولهذا بالنسبة له رؤية صورة إنسان مقطع هي كرؤية صورة مضحكة فكلاهما مجرد أمر مثير بصريا ولا يولد لديه أي ردة فعل عاطفية ولهذا يمكنه القيام بالفظائع. [email protected]