دعت المملكة إلى توفير السبل العسكرية اللازمة لمواجهة تنظيم داعش على الأرض، وشدد وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في مؤتمر صحفي مع نظيره الأمريكي جون كيري أمس، على ضرورة أن تكتسي حملة التحالف الدولي لمحاربة التنظيم الإرهابي في العراقوسوريا، منظورا استراتيجيا شاملا يحارب الإرهاب أينما وجد وأيا كانت التنظيمات التي تقف وراءه للقضاء على الإرهاب من جذوره. وفيما يتعلق باليمن .. قال الفيصل: كما تلمسون هناك اتفاق دولي تام بالرفض المطلق للانقلاب الحوثي على الشرعية، ومحاولات فرض الواقع بالقوة ورفض كل ما يترتب على هذا الانقلاب من إجراءات، بما في ذلك ما يسمى الإعلان الدستوري للمليشيات الحوثية، لافتا إلى أن المجتمع الدولي عبر عن دعمه الكامل للحكومة الشرعية بقيادة الرئيس هادي. وجدد تأكيد المملكة على أهمية استئناف العملية السياسية وفقا لمرجعية المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وأهمية مساعدة الشعب اليمني للخروج من محنته، بما يحافظ على أمن اليمن واستقراره ووحدته، وأمن واستقرار المنطقة. وأضاف، أن مباحثاته مع كيري تناولت مفاوضات النووي الإيراني، معلنا تأييد حكومة المملكة جهود مجموعة دول 5 + 1 من واقع حرصها على حل الملف بالطرق السلمية والوصول لاتفاق ناجح يبدد كافة الشكوك المحيطة به، ويضمن عدم تحوله إلى برنامج عسكري يهدد المنطقة والعالم. وأفاد وزير الخارجية أن المملكة تؤيد موقف مجموعة دول 5 + 1 في السعي نحو وضع نظام تفتيش دولي صارم يتم التأكد بموجبه من عدم سعي إيران لصنع أو امتلاك أسلحة نووية، مع ضمان حق إيران وكافة دول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفق معايير ومتطلبات الوكالة الدولية للطاقة وتحت إشرافها. وبالنسبة للأزمة السورية، أوضح وزير الخارجية أن استمرار هذه الأزمة لم يفض فقط إلى تدمير سوريا وتشتيت شعبها وتعميق معاناته الإنسانية، بل أدى إلى جعل سوريا ملاذا آمنا للتنظيمات الإرهابية وبمباركة الأسد الفاقد للشرعية، وهو ماحثنا على تكثيف الجهود لتشجيع ودعم المعارضة المعتدلة بكل ما تحتاجه من عتاد وتدريب لمواجهة إرهاب الأسد والتنظيمات الإرهابية، وطرد المحتل الأجنبي من أراضيه، والتأكيد على أن بلوغ الحل السلمي القائم على جنيف 1 يتطلب تحقيق التوازن العسكري على الأرض. وأكد الفيصل مجددا أن رؤية المملكة تجاه الحل المنشود تظل مستندة على مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها ومبادرة السلام العربية، الهادفة إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة، معربا عن أسفه الشديد بأن لم يتسن لهذه الجهود أن تؤتي ثمارها، بسبب سياسة التعنت والمماطلة الإسرائيلية، وإجراءاتها التعسفية أحادية الجانب، وليس أدل على ذلك من قيام إسرائيل مؤخرا باعتقال الطفلة ملاك الخطيب التي لم يتجاوز عمرها 14 عاما. وأكد على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه كافة الممارسات اللا إنسانية لإسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وإلزامها باحترام عملية السلام ومبادئها، وعدم انتهاك الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وأبان أن المباحثات مع كيري كانت مثمرة وبناءة، واتسمت بالعمق والشفافية، وتناولت القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ومستجدات الأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا، وجهود التحالف الدولي القائمة لمحاربة الإرهاب، وتطورات مفاوضات برنامج إيران النووي، وعملية السلام في الشرق الأوسط. وردا على سؤال حول الملف الايراني، قال الفيصل إن الولاياتالمتحدة ستلتزم بالمفاوضات مع إيران وستحول دون تطويرها للقنبلة الذرية، لكن هذا لن يتم على حساب نسيان جميع الملفات الأخرى التي تقوم بها إيران، وهو مصدر القلق الرئيس لمجلس التعاون، ولكنا قلقون بنفس القدر حول طبيعة أعمال وميول إيران في المنطقة، التي تعد من أهم عناصر زرع عدم الاستقرار في المنطقة، مشيرا إلى تدخلها في سوريا، ولبنان، واليمن، والعراق وربما في مناطق أخرى، وشدد على أن هذه الإجراءات يجب أن تتوقف إذا ما أرادت إيران أن تكون جزءا من الحل في المنطقة لا جزءا من المشكلة. وعن مدى قلق السعودية من تورط إيران في تكريت بعد التقارير التي صدرت عن قائد سرايا القدس قاسم سليماني، أكد وزير الخارجية أن الوضع في تكريت يعد مثالا جيدا على ما يقلق المملكة، حيث تسيطر إيران على جميع البلاد، وعملية السلم والحرب أصبحت الآن في يد إيران، وهو ما يخلق حالة من عدم الاستقرار ويعزز الطائفية والفرقة في العراق التي لم تكن قائمة من قبل. وحول عدم تسمية إيران كدولة داعمة للإرهاب، قال إن إيران دولة جارة رغم ما تقوم به من تدخلات في شؤون الدول العربية، ولكنها إذا استمرت على إجراءاتها التي تتخذها ستضع نفسها مباشرة ضد المصلحة العربية والقيم الأخلاقية العالمية، مشددا على أن ما تقوم به من احتلال للأراضي ليس من خصال الدول التي تريد السلام وتسعى إلى تحسين علاقاتها بالدول الجارة. وحول دور دول مجلس التعاون في ما يتعلق بالتعنت الحوثي في اليمن بمساندة إيرانية، أوضح الفيصل أن دول الخليج تؤكد على أن الشرعية الطريق الوحيد لسلامة اليمن، وأنها تؤيد موقف الرئيس اليمني، وأن إعلانه لعقد اجتماع الأطراف اليمنية خارج اليمن وهو غالبا في المملكة ونوافق على ذلك، وسنستعين بما ورد في مبادرة الخليج ومساعدته في إعادة ترتيب أوضاع اليمن. من جهته، أكد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن واشنطن تتطلع لعلاقة وثيقة مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقال «شراكتنا مع دول الخليج ضرورية جدا». واعتبر «أن التوصل لاتفاق مع إيران سيعزز عدم انتشار الأسلحة النووية، وأن سبب زيارته للرياض إطلاع شركائنا الخليجيين على المفاوضات مع إيران، مشيرا إلى أنه «حققنا بعض التقدم مع إيران، لكن هناك بعض الفجوات، وعلى طهران تقديم إجابات محددة قبل العودة للمفاوضات، ونحن ملتزمون بمعالجة القضايا مع إيران، بما فيها دعمها للإرهاب»، لافتا إلى أن «إيران مازالت مسماة دولة ترعى الإرهاب». وعن الأزمة اليمنية قال كيري «على الحوثيين الالتزام بالمبادرة الخليجية». واتهم كيري الأسد بأنه دمر بلاده للحفاظ على بقائه، وهو فاقد للشرعية، لكن أولويتنا محاربة داعش، وعلينا تعزيز القدرة للتوصل لحل سياسي في سوريا، وأن إزاحة الأسد ربما تحتاج لضغط عسكري.