أكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ترحيب بلاده بالمفاوضات الجارية بين دول 5+1 مع إيران، مشيراً إلى أن «إيران دولة راعية للإرهاب، وأن السعودية لا تضمر العداء لها، لكنها (إيران) مستمرة في تشجيع الإرهاب واحتلال الأراضي العربية»، فيما جدد نظيره الأميركي جون كيري أمس، بتعهد بلاده «حماية الأمن الإقليمي في المنطقة، في حال أي اتفاق من عدمه مع إيران بشأن ملفها النووي، فيما أوضح في مؤتمر صحافي مع الأمير سعود الفيصل، أمس بعد اجتماع مغلق مع وزراء خارجية الخليج في الرياض حول إيران، أن «بلاده مصممة على حماية أمن الخليج، وإن إيران لا تزال تحت مسمى الدول الراعية للإرهاب (...)، هناك فجوات ما زالت، ولا نعلم إن كنا سنتوصل إلى اتفاق أم لا، إذا لم تعطنا إيران إجابات واضحة، وعليها أن تتخذ القرارات الصعبة». مضيفاً: «أؤكد لكم أننا سنتخذ إجراءات لمنع إيران من تملك السلاح النووي، وأننا أثناء المفاوضات لا نرفع أعيننا عن نشاطاتها في التدخل بالشؤون الداخلية في المنطقة، خصوصاً سورية»، داعياً الوزراء إلى «واشنطن الشهر المقبل للحوار في شأن الوضع الأمني». وأشار إلى أن أميركا ترغب في العمل مع السعودية «بالعلاقة نفسها والتنسيق ذاته، الذي كان مع الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وأن يكون مجلس التعاون الخليجي موحداً». المملكة لا تضمر العداء قال الأمير سعود الفيصل، إن «المملكة لا تضمر العداء لإيران، فهي دولة جارة، ولكن إذا استمرت في توجهها في ذلك، فسيضعها هذا ضد المصلحة العربية والقيم الأخلاقية، ولا شك في أنها تشجع الإرهاب وتحتل الأراضي العربية، وهذه ليست من خصال الدول، ونتمنى قبل أن يتطور الوضع أن تسمع إيران صوت العقلاء من أهلها وتترك تدخلاتها». وأضاف بعد ترحيبه بجهود دول 5+1، بأن الضمانات الخاصة بهذا الملف «كانت كما شرحها الوزير كيري، للحيلولة بين إيران وامتلاكها تطوير القنبلة الذرية، وهذا لن يتم على حساب نسيان الملفات الأخرى»، مضيفاً: «نحن لدينا قلق من هذا، وبالقدر ذاته نحن قلقون من أعمال إيران في المنطقة، عندما نرى تدخلها في سورية والعراق واليمن، وهذه الإجراءات يجب أن تتوقف إن أرادت أن تكون (إيران) جزءاً من الحل وليس المشكلة». وتابع: «نؤيد حل الملف بالطرق السلمية بغية الوصول إلى اتفاق ناجح يبدد الشكوك المحيطة به كافة، ويضمن عدم تحوله إلى برنامج عسكري يهدد المنطقة والعالم، كما تؤيد المملكة موقف مجموعة دول 5+1 في السعي نحو وضع نظام تفتيش دولي صارم، يتم التأكد بموجبه من عدم سعي إيران لصنع أو امتلاك أسلحة نووية»، مشيراً إلى أن الاجتماع مع الوزير كيري كان «مثمراً وبناء». وأكد أن «الأحداث الأمنية في تكريت (شمال العراق) توضح أن عملية الحرب والسلم في العراق هي بيد إيران، التي تسببت بزرع الطائفية والفرقة ولم تكن قائمة من قبل بعد التدخلات الإيرانية». وأضاف: «في الشأن السوري نحن متفقون مع أميركا على أن بشار الأسد ليست له شرعية، وأن الحل في سورية هو حل جنيف1 بتأسيس حكومة وطنية، ونريد مغادرة الجنود غير الشرعيين للبلاد، ونريد من السوريين أن يتحدوا تحت مظلة واحدة لا فرق بين الشيعي والسني والمسيحي وأية قومية أخرى، وطرد المحتل الأجنبي من أراضيهم». التنديد بانقلاب الحوثي وفي الأزمة اليمنية، قال الفيصل إن بلاده ترحب بدعوة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في نقل الحوار إلى الرياض، وأضاف: «نحن بادرنا بدعم اليمن منذ احتجاز الرئيس ورئيس حكومته وانقلاب الحوثي في ترتيب أوضاع اليمن، وكما تلمسون هناك اتفاقاً دولياً تاماً بالرفض المطلق للانقلاب الحوثي على الشرعية، ومحاولات فرض الواقع بالقوة ورفض كل ما يترتب على هذا الانقلاب من إجراءات، بما في ذلك ما يسمى الإعلان الدستوري للميليشيات الحوثية». «داعش» وبشار الأسد وأشار إلى أن المملكة تؤكد أهمية هذا التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش» في العراق وسورية، وترى أهمية توفر السبل العسكرية اللازمة لمواجهة هذا التحدي على الأرض. وحول الأزمة السورية، قال : «بالنسبة للأزمة السورية ومع دخول عامها الرابع أعتقد أننا جميعاً لمسنا أن استمرار هذه الأزمة لم يفض فقط إلى تدمير سورية وتشتيت شعبها وتعميق معاناته الإنسانية، بل أدى إلى جعل سورية ملاذاً آمناً للتنظيمات الإرهابية، وبمباركة من بشار الأسد الفاقد للشرعية، مع ما ينطوي عليه ذلك من تهديد لسورية والمنطقة والعالم، وهو الأمر الذي يحثنا على تكثيف الجهود لتشجيع ودعم المعارضة المعتدلة بكل ما تحتاجه من عتاد وتدريب لمواجهة إرهاب الأسد والتنظيمات الإرهابية، وطرد المحتل الأجنبي من أراضيه، مع التأكيد في الوقت ذاته أن بلوغ الحل السلمي القائم على مؤتمر جنيف 1 يتطلب تحقيق التوازن العسكري على الأرض». شكر لخادم الحرمين قدم وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل شكره لخادم الحرمين الشريفين على «ما أحاطه به من رعاية واهتمام خلال فترة علاجه الأخيرة»، كما عبّر عن شكره للشعب السعودي على مشاعرهم النبيلة ومحبتهم الصادقة. وقال في كلمته أمس، إن الوطن فرح «بعودة الديبلوماسي عبدالله الخالدي (المختطف من تنظيم القاعدة في اليمن) إلى المملكة»، معبراً عن شكره «لأجهزة الدولة والأجهزة الأمنية كافة التي شاركت في عودته سالماً بتوجيهات من القيادة، فيما قدم شكره لولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، الذي أولى هذا الموضوع عنايته الفائقة منذ اليوم الأول لاختطاف الديبلوماسي الخالدي». الحل الفلسطيني المنشود أكد الأمير سعود الفيصل أن محادثاته مع كيري تطرقت لعملية السلام في الشرق الأوسط، في إطار الجهود التي قامت بها الولاياتالمتحدة أخيراً لإحياء مفاوضات السلام، لبلوغ الحل العادل والدائم والشامل للنزاع، وهي الجهود التي حظيت بمؤازرة العرب والفلسطينيين، وبمباركة من جامعة الدول العربية». ولفت إلى أن «رؤيتنا تجاه الحل المنشود تظل مستندة إلى مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها ومبادرة السلام العربية، الهادفة إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة»، وأعرب عن «أسفه الشديد» إذ لم يتسنَ لهذه الجهود أن تؤتي ثمارها، ويعود السبب في ذلك إلى سياسة التعنت والمماطلة الإسرائيلية، وإجراءاتها التعسفية أحادية الجانب، بحق الشعب الفلسطيني، وليس أدل على ذلك من قيام إسرائيل أخيراً باعتقال الطفلة ملاك الخطيب التي لم يتجاوز عمرها ال14 عاماً، وإخضاعها لحكم المحكمة العسكرية، وسجنها وفرض غرامة مالية عليها بذريعة إلقائها الحجارة، مؤكداً أن هذا الأمر يدعو إلى الأسى والحزن والاستهجان الشديد، خصوصاً أنه جرى على مرأى ومسمع العالم أجمع ومنظماته الحقوقية في تحدٍّ صارخ لكل مبادئ واتفاقات حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل». فجوات لم تحل في المفاوضات وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن «الاتفاق مع إيران إن حصل، فلن يتغير شيء بعد الاتفاق مباشرة، وأن هناك ضمانات لعدم حصولها على أسلحة نووية»، مشيراً إلى أن الاتفاق لن يحل كل المشكلات في وقت واحد. وبين إلى أن المفاوضات مع إيران ما زالت هناك «فجوات لم تحل»، وأضاف: «دخلنا مع إيران في المفاوضات هذه الأيام، وهناك اجتماع آخر منتصف الشهر الجاري لمناقشة التطورات، وهذا الاتفاق إن لم يحدث سيكون له عواقب للعالم بأسره، وسيزيل هذا الاتفاق التوتر حول الأمن الإقليمي، وسيوقف انتشار السلاح النووي والتسابق في المنطقة لامتلاكه». تدمير سورية وأوضح أن ثلاثة أرباع سكان سورية أصبحوا نازحين، وأن سورية دمرت بالكامل من أجل أن يبقى الأسد في السلطة، وأضاف: «بشار الأسد فاقد الشرعية وأولويتنا الآن محاربة «داعش» كي يعود الشعب السوري لبناء دولته، وأن يكون هناك ضغط عسكري لحمل النظام على التغيير». ولفت كيري إلى أن العملية الأمنية في تكريت العراقية هي من تصميم «عراقي وليست أميركية، وأن رئيس الحكومة حيدر العبادي قدم ضمانات بعدم التعرض للمدنيين»، وأن الإيراني قاسم سليماني هو من يدير المعارك في الشمال العراقي. وكان زير الخارجية الأميركي جون كيري عقد اجتماعاً مغلقاً مع وزراء خارجية الخليج «لاطلاعهم على تطورات المحادثات النووية مع إيران، وتقديم تطمينات بأن أي اتفاق لن يضر بمصلحة بلادهم». والتقى كيري أمس ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، ووزير الدفاع رئيس الديوان الملكي الأمير محمد بن سلمان، قبل مغادرته الرياض بساعات. وكان واضحاً من لقاءات وزير الخارجية الأميركي مع المسؤولين السعوديين الاتفاق حول ملفات اليمن وسورية والعراق وليبيا، إلا أن الجانبين أبديا تخوفاً من النتائج المحتملة بعد انتهاء المفاوضات المتعلقة بالملف النووي الإيراني. وهنأ وزير الخارجية الأميركي السعودية بتحرير الديبلوماسي الخالدي، وقال: «إن الولاياتالمتحدة قلقة جداً في شأن الهجوم الشرس على سفيرها في كوريا الجنوبية أمس، وأنه لا يمكن لأحد تهديد أو تخويف واشنطن».