اقترح اقتصاديون التركيز على قطاعات الصناعة والزراعة وتجارة الخدمات من أجل تنويع القاعدة الإنتاجية وتقليل الاعتماد على النفط بصورة أساسية في الميزانية. جاء ذلك تجاوبا مع تأكيد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية على ضرورة تنويع مصادر الدخل الوطني خلال اجتماعه برئاسة الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع رئيس الديوان الملكي المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية مساء أمس الأول. الاعتماد على البترول وقال الدكتور حبيب الله تركستاني على الرغم من التأثير السلبي لانخفاض النفط على الميزانية التي سجلت عجزا خلال العام المالي الحالي، إلا أن لتراجع أسعار النفط جانبا إيجابيا يتمثل في تعزيز التوجه نحو تخفيض الاعتماد على البترول، والتوجه إلى الاستثمار في قطاعات جديدة يمكن أن تمثل إضافة نوعية للاقتصاد الذي يجب أن يمتلك أدوات ذاتية للتحفيز من خلال آليات السوق المختلفة، وأشار إلى أن المملكة تأخرت لسنوات في التوجه نحو تنويع القاعدة الإنتاجية، رغم مطالبة خطط التنمية التسع السابقة بذلك. وقال إن من أبرز القطاعات التي ينبغي توجيه الاهتمام إليها، الصناعة التي تعد رافدا أساسيا لزيادة الإنتاج والتصدير إلى الخارج، مشيرا إلى أن هذا التوجه قائم منذ سنوات ولكنه يحتاج إلى تفعيل في المرحلة المقبلة، وأشار إلى أهمية التوجه نحو الصناعات الغذائية والاستهلاكية على وجه الخصوص، حيث تزيد الواردات السعودية السنوية منها على 20 مليار ريال على أقل تقدير. ولفت إلى أن هذا الأمر يستلزم تذليل العقبات سريعا أمام المستثمرين، مؤكدا صعوبة الاعتماد على النفط إلى ما لا نهاية في ظل التقلبات السعرية التي يشهدها السوق حاليا. وشدد على أهمية تحسين مناخ الاستثمار باعتباره العامل الرئيسي في تحقيق الهدف المنشود. التنويع في غاية الأهمية وقال الكاتب الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين إن مناقشة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ملف تنويع مصادر الدخل أمر غاية في الأهمية، خاصة أن هذا الهدف وضع في الخطة الخمسية الأولى وما زال يتكرر في كل خطة دون أن يتحقق، ومن هنا فالتركيز على هذا الجانب قد يقود إلى تحقيقه. وقال إن تنويع مصادر الدخل يفترض أن يرتبط بتنويع قطاعات الإنتاج، والاقتصاد بشكل عام، وهو ما يحتاج إلى استراتيجية منهجية شاملة قادرة على تحقيق الأهداف. والتركيز على تنويع الاقتصاد وبناء قطاعات إنتاج جديدة من خلال استثمار جزء من الاحتياطيات بات أكثر أهمية وإلحاحا، إضافة إلى حسن إدارة الاحتياطيات المالية وبما يسهم في خلق مصدر جديد للدخل، وتنوع استثماري متميز. وأضاف: أعتقد أن المملكة دخلت مرحلة جديدة من التحديات المالية بعد انهيار أسعار النفط وتسجيلها مستويات قياسية مع إصرار الحكومة على الاحتفاظ بحجم الإنفاق دون تقليص وهذا يجعل الحكومة أمام تحد كبير في الدخل يدفعها نحو مراجعة خططها الاستراتيجية ذات العلاقة بتنويع مصادر الدخل، وبناء قطاعات الإنتاج، إضافة إلى دعم القطاع الخاص، وتفعيل دوره في التنمية ومساعدته على تحمل مسؤولياته الرئيسة، وخلق الوظائف وبالتالي خفض أعباء الحكومة المالية ذات العلاقة ببند الرواتب، استثمار جزء من الاحتياطيات المالية لتطوير الاقتصاد، وبناء قطاعات إنتاج جديدة، إضافة إلى التوسع في استثمار المقومات التجارية المتاحة، والقطاعات المهمشة ذات الجدوى الاقتصادية، من الأمور الواجب تطبيقها. ومن الأدوات المتاحة تنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي الشامل وأول الإصلاحات: الخصخصة، وتفعيل دور القطاع الخاص، ومراجعة سياسات الدعم، ودعم قطاعات الإنتاج، وتنويعها، وفتح السوق للاستثمارات الأجنبية وإزالة المعوقات التنظيمية التي كانت، وما زالت، سببا في تأخر التنمية الصناعية، ووضع أسس الاقتصاد المعرفي من خلال التطوير الشامل للتعليم، وتمكين القطاع الخاص ودعمه، وإدارة السيولة المتاحة في البلد لخلق مشروعات تنموية صناعية ضخمة، تسهم في رفع الناتج الإجمالي وزيادة الصادرات. يمكن من خلال الصناعة والاستثمار الأمثل للاحتياطيات المالية تحقيق التوازن المنشود في إيرادات الدولة، وزيادة معدلات النمو وتطوير المجتمع بأكمله. التنمية الصناعية، هي الهدف الاستراتيجي للمملكة؛ لذا يفترض أن تستثمر جزءا من إيراداتها في بناء قطاعات الإنتاج، وتحويل الفوائض المالية إلى صناديق سيادية تساعدها مستقبلا لتحقيق عوائد استثمارية تدعم التنمية، وتعوض أي نقص مستقبلي في إيرادات النفط، وأعتقد أن الاستراتيجية النرويجية في إدارتها لعوائد النفط وصندوقها السيادي، وتشجيعها الإنتاج الصناعي الذي جعلها في غنى عن إيرادات النفط هو النموذج الأمثل الذي أرجو تطبيقه محليا وبما يتوافق مع الاحتياجات المحلية. التنوع يسهم في زيادة الإيرادات وقال المحلل مالي حسين بن حمد الرقيب مع انخفاض أسعار النفط أصبحت الحاجة أكثر إلى تنويع مصادر الدخل لتساهم في زيادة الإيرادات وتخفيض الاعتماد على أسعار النفط وتمتلك الدولة احتياطيا نقديا كبيرا يعتبر من أكبر الاحتياطيات النقدية في العالم ويتم استثماره في أوراق مالية منخفضة العائد وقد تم تكوين هذا الاحتياطي خلال الطفرة السعرية لأسعار النفط؛ لذا لابد من وضع سياسة استثمارية لهذه الاحتياطيات لزيادة فاعليتها ومساهمتها في نمو الاقتصاد المحلي وذلك بالاستثمار في الصناعات والتطوير العقاري وذلك من خلال إنشاء مصانع عملاقة والانتقال إلى مرحلة تنويع مصادر الدخل بوتيرة أسرع وتوجيه الخطط الاستراتيجية القادمة نحو تحقيق هذا الهدف ووضع الخطط المناسبة والقياسات الصحيحة لمعرفة مدى الوصول لهذا التنوع بمختلف المصادر الممكنة سواء بتفعيل برامج التخصيص للقطاعات الحكومية وتنويع مصادر دخلها وتذليل كل العقبات أمام توطين رأس المال للمستثمرين والتركيز على توطين التقنية بجذب استثمارات أجنبية نوعية ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ودعم المدن الاقتصادية لتأهيلها سريعا كبيئة جاذبة للاستثمار والتسريع بإصدار أو تطوير الأنظمة التي تحتاجها بعض القطاعات الرئيسية كالتطوير العقاري والصناعي والمالي مع الاستمرار ببرامج تأهيل وتطوير الموارد البشرية بما يتناسب مع احتياجات الاقتصاد وقطاعاته الحيوية فكل العوامل تصب في مصلحة تحقيق معدلات نمو ونجاح كبير بالاقتصاد السعودي ونعتقد بأن القطاع الخاص السعودي هو الأقدر على حل مشكلة البطالة في حال منحه الفرصة المناسبة، حيث أشارت آخر الإحصائيات إلى أن البيانات الديموغرافية السعودية تفيد أن نحو 40 % من السكان تقل أعمارهم عن 20 عاما وعدم إعطاء البطالة الأولوية في الخطط القادمة فإن الدولة سوف تواجه معضلة كبيرة جدا يصعب حلها في المستقبل؛ لذا لابد أن يتركز الاهتمام في التنمية الداخلية واستغلال وجود الاحتياطيات الضخمة قبل أن تتآكل في ظل عجز الموازنات المتوقعة خلال السنوات القادمة. التركير على تجارة الخدمات من جهته، قال رئيس لجنة النقل في غرفة جدة سعيد بن علي البسامي إن المملكة ينبغي أن تركز في المرحلة المقبلة على إنعاش القطاع الزراعي من خلال التركيز على التسويق للحد من الخسائر التى يعاني منها المزارعون منذ سنوات طويلة. ولفت إلى أن دعم الزراعة يؤدي إلى خفض أسعار الكثير من السلع التي يتم استيرادها من الخارج لاسيما في فترات شح المحصول، ودعا في السياق ذاته، إلى التركير على تجارة الخدمات أسوة بالكثير من الدول الخليجية التي ارتفعت إيراداتها من هذا القطاع إلى 30 % من إجمالي دخلها، وأشار إلى أن المملكة يمكن أن تعزز هذا التوجه باعتبارها تمثل هدفا استيراتجيا لكبريات الشركات العالمية انطلاقا من قوة الاقتصاد السعودي وارتفاع القوة الشرائية فيه.