في مسرحية مدرسة المشاغبين تسأل المعلمة تلاميذها عن الكراريس فيقولون لها إنهم نسوا إحضارها وحين تلومهم على النسيان يقولون لها: (جل من لا يسهو)، ثم يلحقون ذلك بعبارة تستدرج المعلمة لتهمة أكبر: (اعترضي بقى على كلام ربنا؟!)، وهكذا تتغير المعادلة فهي إما أن تقبل بالخطأ الواضح أو أن تتهم بالاعتراض على كلام الله. هذا المشهد المسرحي يتكرر اليوم في أماكن مختلفة من عالمنا الإسلامي، مثلا كتيب (السبي) الذي وزعته داعش والذي يبين قواعد التعامل مع السبايا وطرق بيعهن وتقديمهن كهدايا والتمتع بهن، وكذلك حدود المشاركة في سبية واحدة وجواز وطء السبيتين الأختين، ودائما ما يتم إلباس هذه الجرائم التي ترتكب بحق الأسيرات المختطفات البريئات ثوبا دينيا تراثيا لقطع الطريق على أي محاولة لإدانة هذه الأفعال المتوحشة الخالية من الإنسانية، وهكذا يصمت الكثير من أهل العلم عن هذه الفظائع كي لا يفسر اعتراضهم عليها بأنه اعتراض على النص الديني. كل الأديان وكل الثقافات كان لديها قوانين وقواعد تنظم العمليات المتعلقة بالرق والسبي ولكن كل ذلك انتهى وأصبح من تراث الإنسانية المظلم، لقد تجاوزت البشرية العصور التي يستعبد فيها الإنسان أخاه الإنسان بقوة السلاح أو بغلبة الأكثرية وأصبحت هناك قوانين دولية تحارب الرق وتطارد عمليات الاتجار بالبشر، وقد كانت لحظة تجاوز الرق أمميا خطوة عظيمة انتصر فيها المجتمع الدولي لمبادئ الإنسانية وكذلك لمبادئ كل الأديان التي تدعو إلى العدل والمساواة والرحمة. لذلك فإن الابتزاز الفكري الذي تمارسه الجماعات المتشددة من خلال مشاهد بيع السبايا أو الرجم يقوم على محاكاة الماضي شكليا دون أي اعتبار لمعطيات الحاضر بصورة تحرج المراجع الماضوية التي لم تضع في اعتبارها معطيات الحاضر هي الأخرى، فلا هي قادرة على السكوت عن جرائم وعجائب هذه الجماعات لأنها تعلم أن ما تقوم به هو باطل مغلف بغلاف ديني، ولا هي قادرة على إنكار جرائمها بصورة قاطعة لأنها تشترك معها في ذات الأجواء الماضوية التي لا تقيم وزنا للحاضر.. ولا عزاء للمستقبل!.