مدينة جدة السعودية كانت على موعد مع اجتماعين مهمين يوم أمس الأحد، أحدهما خليجي والآخر عربي وكلاهما جاء في وقته المناسب تماما، وأتوقع أن وزراء خارجية المملكة، والإمارات، والبحرين ربما اجتمعوا بعد الوزاري العربي الخاص بأصدقاء سورية، وهو يضم دولتين من الاجتماع الخليجي بجانب مصر وقطر والأردن، ويركز على الحلول السياسية الممكنة للأزمة السورية في مرحلة ما بعد إرهاب «داعش»؛ وذلك لأن معظم دول الخليج تحاول الخروج برؤية نهائية وحاسمة لموقف قطر من الالتزام باتفاق الرياض وقد وقعت عليه في 23 نوفمبر 2013، وستعلن النتائج في اجتماع خارجية الخليج في 30 أغسطس 2014، ويجوز أن الحكمة الخليجية لا زالت تأمل في عودة قطرية إلى أولويات البيت الخليجي، والخطوط العريضة للاتفاق تهتم بعدم التدخل المباشر أو غير المباشر في الشؤون الداخلية لدول المجلس، وأن لا تقدم مساعدة من أي نوع لكل من يعمل على تهديد أمنها واستقرارها، وهذا التهديد يكون بالعمل الأمني المباشر أو بالتأثير السياسي وتمويل و مساندة وسائل إعلام معادية. دول الخليج بما فيها قطر منسجمة سياسيا مع بعضها وخصوصا في الملف السوري، ما يعني أن إمكانية التفاهم موجودة والأهداف متقاربة نسبيا في الوقت الحالي، والأشقاء في الدوحة شركاء وأقارب وجيران، و احترام حقوق الجيرة مطلوب من كل الأطراف، ولا أتصور أن سحب سفراء ثلاث دول خليجية من قطر في مارس 2014 جاء بدون أسباب كبيرة. فالسوابق تثبت أن الاختلافات بين دول المجلس حدثت في قضايا كثيرة، ولكنها لم تصل إلى حد سحب السفراء وبهذه الصورة شبه الجماعية، فقد اختلف الخليجبون على مكان إقامة البنك الخليجي المركزي، والعملة الخليجية الموحدة، وانتقال المجلس من التعاون إلى الاتحاد وغيرها، وتوقفت المسألة عند التباين في وجهات النظر، ورغم ما ذكر وافقوا بالإجماع وبدون تحفظات على تكوين قوات «درع الجزيرة» الخليجية في نوفمبر 1982، ما يفيد أن الموضوعات العسكرية والسياسية أمور لا تقبل الجدل ولم تكن يوما مدار خلاف بين الأغلبية. من حق الدولة القطرية أن تقوم بالوساطات والشراكات الدولية لخدمة سياستها الخارجية، وتعزيز اقتصادها، والدعاية لنفسها، ولكن ليس من حقها أبدا أن تتدخل في السياسات الداخلية لأي دولة، وأن تشحن الآخرين ضدها، أو حتى أن تستقبل شخصيات عربية معارضة وتجنسها، ومن ثم تسمح لها بالظهور والتهجم المجاني ضد دولها من على منابر إعلامية تمولها أو تدير مجالس إداراتها، وتحت شعارات من نوع حرية التعبير وحقوق الإنسان، وبعدها تجلس مع هذه الدول على طاولة واحدة، وتناقش ملفات سرية وحساسة تخصها، والقطريون لهم علاقات مميزة بأمريكا وبحليفتها الأولى في الشرق الأوسط وبتركيا أردوغان، ولم يعترض أحد أو يتدخل وينتقد علاقتها بالثانية، وقطر لديها رغبة واضحة في القيام بأدوار قيادية في المنطقة العربية، ولابأس ما دامت تتكامل وتكمل ما تقوم به الدول المؤثرة في العالم العربي، وهناك من يتهمها باستثمار المال السياسي، وشركات العلاقات العامة في أمريكا والدول الأوروبية لمهاجمة مصالح بعض الدول، ومن يقول بدعمها لجماعات إرهابية في بلدان عربية لمضايقة المختلفين معها، ومن يعتقد أنها ترس في عجلة الشرق الأوسط الجديد حسب المواصفات الأمريكية، وكل هذه الأقاويل تبقى معلومات غير دقيقة، أو أخطاء غير مقصودة، ما لم تؤكدها الشقيقة قطر في قادم الأيام، وننتظر أخبارا سارة ونتمناها بإذن الله.