بالرغم من أهمية التركيز على تعزيز أوجه التعاون بين المملكة ومصر.. وبالذات في هذا الوقت الذي تمر فيه الشقيقة الكبرى بإعادة بناء الدولة المصرية من جديد.. ليس فقط على المستوى الأمني وتعزيز قدرة الدولة على بسط هيمنتها على كامل مفاصل الحياة في البلاد وكذلك على كامل حدودها وأطرافها.. وإنما على كافة المجالات الأخرى الاقتصادية منها والاجتماعية والفكرية بهدف إعادة التوازن في المجتمع المصري وضبط الأمور واسترداد العافية بصورة تدريجية محسوبة. ** أقول بالرغم من أهمية هذا الجانب الحيوي الهام ولاسيما بالنسبة للإنسان المصري الذي ينتظر الكثير من مؤسسة الحكم الجديدة وكذلك من الأشقاء وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية.. ومن الأصدقاء من دول العالم الأخرى في الشرق أو الغرب إلا أنه لابد من إدراك أن الوضع بالمنطقة خطير للغاية ويفرض نفسه وبقوة على جدول أعمال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للمملكة اليوم لعدة أسباب يرد في مقدمتها: ●● أولا: ● أن مضي مصر نفسها في برنامجها لإعادة بناء الدولة المصرية يظل مرتبطا إلى حد كبير بعدة عوامل أولها تأمين حدودها مع بعض دول الجوار وفي مقدمتها: الحدود الليبية.. والحدود مع السودان.. وكذلك تأمين الحدود والمداخل مع كل من غزة وإسرائيل تأمينا كاملا ومريحا. بالإضافة إلى تهيئة الحد المطلوب من القدرة الاستيعابية لأعداد المصريين العائدين إلى بلادهم من ليبيا وتونس وسواهما بفعل تطور الأوضاع في بعض الدول العربية المحيطة بها بكل ما يرتبه ذلك من أعباء اقتصادية ثقيلة على البلاد فوق ما هي تواجهه وتتحمله الآن. ●● ثانيا: ● أن تدهور الأوضاع في العراق لم يعد يهدده وحده بالتقسيم.. وإنما بفرض واقع جديد أخطر بكثير من كل ما حدث ويحدث حتى الآن فيه.. وذلك بعد تعقد الأمور وتحولها من صراع بين الدولة والعشائر المتضررة بسياسات السلطة السياسية الحالية.. إلى استغلال تنظيم داعش لهذه الأوضاع السيئة بزحفه على المحافظاتالعراقية وابتلاعها واحدة بعد الأخرى وإعلان ما يسمى بالدولة الإسلامية انطلاقا منه إلى غيره.. وهو الوضع الذي إذا ترك أو قلل من شأنه فإنه سيكون مرشحا للتمدد والتوسع الى خارج العراق وعبر منافذه العديدة مع الكل. ●● ثالثا: ● أن الوضع الراهن في غزة.. جراء العدوان الإسرائيلي القائم حتى الآن.. فوق أنه عمل إجرامي يجب إيقافه فورا وبجميع الوسائل.. فإنه يهدف الى إضعاف قدرة العرب على مواجهة بقية الأخطار الأخرى واستنزاف قوانا جميعا.. وبالذات استنزاف طاقات وقدرات وجهود المملكة ومصر باعتبارهما الدولتين العربيتين المهتمتين بمعالجة أوضاع المنطقة وإعادتها إلى حالة الاستقرار التي افتقدتها. ●● رابعا: ● أن الأزمة اللبنانية الناشئة عن الفراغ الدستوري الموجود نتيجة تأخر انتخاب رئيس يتوافق عليه الجميع واستمرار انغماس حزب الله في الحرب في سوريا قد ولدت واقعا جديدا أشد خطورة على لبنان الشقيق من أي وقت مضى.. وشاهده ما حدث في «عرسال» كمؤشر خطير للغاية على أن هناك من يسعى في النهاية إلى القضاء على الهوية اللبنانية عن طريق إضعاف الدولة والتمكين لحزب الله بالسيطرة على مقدراتها لاستكمال حلقات المخطط الإيراني/ السوري.. بمشاركة بعض الأطراف سواء من المنطقة العربية أو منطقة الشرق الأوسط أو الخارج لإقامة دولة دينية من مذهب واحد تجسيدا للتحالفات الارهابية القائمة على الأرض الآن بين أكثر من محور محلي وخارجي يعمل في هذا الاتجاه انطلاقا من الأعماق الثلاثة الحالية (العراق/ سوريا/ لبنان) ووصولا إلى أعماق عربية أخرى أكثر أهمية وأبعد خطورة في مخطط إعادة تقسيم المنطقة ورسم حدودها من جديد. ●● خامسا: ● أن الصمت الدولي المريب على ما يحدث في سوريا بعد مسرحية إعادة انتخاب بشار الأسد لفترة رئاسية ثالثة والعمل على إضعاف المقاومة الشعبية وإظهار الوضع هناك وكأنه سجال بين نظام متداعٍ وتنظيمات شديدة التطرف صنعها النظام نفسه ليخيف بها العالم ويُسوِّغ لنفسه البقاء والاستمرار بينما هو جزء من الترتيبات الجاري تنفيذها لإعادة رسم حدود المنطقة الجديدة.. هذا الوضع أيضا يمثل أحد مصادر الخطر القادمة على دول المنطقة بأسرها.. كجزء من مخطط ضرب الكل بالكل وإشعال المنطقة بكاملها وإقامة العديد من البؤر الخطيرة في أرجائها قضاء على أي شكل من أشكال التعاون والتقارب والتفاهم في المنطقة بجر الجميع إلى وهدة الصراع.. وتوسيع دوائر الفتنة وتنويعها.. تارة في شكل تنظيمات.. وتارة في صورة صراعات مذهبية ومرة ثالثة في شكل مواجهات بين دولة ودولة أخرى تنفيذا لخارطة شرق أوسط جديد.. ●● فإذا أضفنا إلى كل ذلك ما يحدث في مناطق أخرى مثل اليمن.. والصومال.. والسودان.. ●● وكذلك ما حدث بين مصر وبين بعض دول القارة الافريقية حول سد النهضة وتداعياته في الفترة الماضية.. ●● وإذا نحن نظرنا أيضا إلى مجمل الوضع في المنطقة وبالذات في ظل الأدوار «المشبوهة» التي تقوم بها إيران في المنطقة.. وكذلك إلى طبيعة العلاقات غير المريحة بين القاهرة واسطنبول والقاهرة والدوحة.. فإننا لابد أن ندرك مدى أهمية الالتفات إلى مجمل هذه الأوضاع بدرجة أساسية.. جنبا الى جنب دراسة المواقف الضبابية لبعض دول الغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية تجاه الشقيقة مصر.. رغم الجهود المبذولة من قبلنا ومن قبل مصر نفسها لإيضاح الصورة على حقيقتها وإعادة ترميم الجسور بين تلك الدول وبين الدولة المصرية التي تسير بثبات نحو المستقبل. تفعيل الشراكة السعودية المصرية ●● كل هذه الأحداث والتطورات «الضاغطة» بشدة على المنطقة.. دولا وشعوبا دفعت هذه القضايا الى الصدارة وفرضت درجة أعلى من التشاور والتفاهم والتعاون بين القاهرة والرياض لمنع وصول المنطقة إلى حالة الانهيار بالكامل.. والحيلولة دون حدوث أي تطورات جديدة قد تعقد الأمور أكثر مما وصلت إليه حتى الآن. ** لكن هذا كله لا يعني أبدا أن هذه الزيارة سوف تتجاهل «الشأن المصري» أو أنها لن تعطيه الأهمية التي يستحقها.. أبدا.. وإنما يعني أمرا هاما للغاية هو: أن البلدين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية يسيران بعلاقاتهما الثنائية سيرا حسنا جدا وبصورة متوازية.. بحكم الترابط والتلازم القوي بين مسار إعادة بناء الدولة المصرية القوية المحسوم أمره بين البلدين وبين مسار تأمين المنطقة من داخلها منعا لأي تصدعات أخرى تعمل أطراف إقليمية وخارجية على إحداثها وفقا لحسابات معروفة وضمن مخطط كبير يجب التصدي له بكل مسؤولية.. وذلك منعا لتأثير ذلك على خطط وبرامج الدولتين للنهوض بهما من الداخل. ●● وللتأكيد على أن المسارين يمضيان معا وفي الاتجاه الصحيح وبخطوات مدروسة.. فإنه يجب القول إن البلدين قطعا شوطا بعيدا حتى الآن في العمل معا على مشروع إعادة بناء الدولة المصرية القوية.. باعتبار أن الاتفاق بينهما على ذلك محسوم.. وان زيارة خادم الحرمين الشريفين الخاطفة لمصر ومبادرته بالوصول شخصيا إلى القاهرة ومباركة تسلم الرئيس عبدالفتاح السيسي لمقاليد الحكم في بلاده إنما أكدت على (3) أمور هامة هي: (1) أن المملكة تقف بقوة مع مصر وشعب مصر ودولة مصر القوية.. كشريك أساسي وكامل لإعادة البناء بكل ما تتطلبه أو يترتب عليها من التزامات وإمكانات ومواقف وتحركات وتكاليف. (2) أن المملكة ومصر حريصتان على العمل معا وتسخير كافة إمكاناتهما في سبيل إعادة الأمن والاستقرار في المنطقة بكل السبل المؤدية إلى ذلك.. بما في ذلك مواجهة كافة التحديات المحلية والإقليمية والخارجية التي تعمل على المضي في سياسة تدمير المنطقة وتخريبها.. وإعادة رسم خريطتها من جديد. (3) أن مصر جادة في إنجاز خارطة عمل طموحة من أجل الوصول الى المستقبل الأفضل.. وبما يُمكن الرئيس السيسي من تحقيق كل ما يريد ويتطلع إلى تحقيقه لمصر.. ولشعب مصر.. في ظل رؤية واضحة رسمها منذ اللحظة الأولى ومضى فيها بثبات ومصداقية.. بدءا بالبيان الذي أعلنه وكوكبة من الفعاليات المصرية الكبيرة بتاريخ 3/7/2013 وتضمن خارطة مستقبل واعد لبلاده.. وانتهاء بما ترجمه مؤخرا إلى أفعال في وقت قياسي وآخرها الإعلان عن إقامة قناة موازية لقناة السويس لمضاعفة أهمية مصر الاستراتيجية.. وتنمية أرجائها.. وتحسين مستوى حياة المصريين على كل الأصعدة وبخطوات قوية وثابتة.. وبدرجة عالية من الوضوح والمصداقية مع الشعب المصري الذي أحس الآن أكثر من أي وقت مضى أن بلاده أمام مفترق طرق.. فإما النهوض بعد مشقة.. وإما الانهيار بفعل الاختلالات العميقة في مؤسسة الدولة المصرية على مدى قرون. ●● وبكل المقاييس فإن ما قام ويقوم به الرئيس عبدالفتاح السيسي من أعمال مضنية وجهود شاقة في سبيل إعادة بناء بلاده في وقت قياسي قدر له من سنتين إلى أربع سنوات هي فترة حكمه الأولى.. يؤكد أن مصر تتعافى.. وأن مسؤولية الأشقاء العرب للوقوف إلى جانبها تتعاظم.. وان مصلحة الجميع دولا وشعوبا تفرض على الكل أن يضع يده في يد مؤسسة الحكم المصرية.. ليس فقط من أجل مصر قوية.. وإنما من أجل منطقة عربية أقل مخاطر.. وأكثر توجها نحو التنمية والبناء. لماذا الاهتمام بأحداث المنطقة ●● وما نتوقعه في هذه الزيارة الخاطفة هو: ●● أولا: أن مصر قد رسمت مستقبلها وحددت ما تريد عمله من أجل أن تظل قوية وصاحبة دور طليعي في المرحلة المقبلة وأن مرحلة الدعم لهذا المخطط الكبير والطموح قد حانت.. وأن خطوات العمل الجاد بين البلدين لتفعيل تلك الخطط والبرامج والعمل على تنفيذها وفق برامج زمنية محددة.. وأن تهيئة جميع الآليات أصبحت جاهزة للبدء الفوري في العمل الجاد، الأمر الذي يجعل هذه الزيارة تحقق نقلة نوعية في الدفع بمشروع التطوير الشامل أمام وذلك بالانتقال من مرحلة التخطيط إلى مرحلة العمل الفنية الدقيقة.. وتوفير الدعم اللازم على كل المستويات.. ●● ثانيا: أن الاهتمام الأبرز سوف ينصب كما قلت من البداية على قضايا الإقليم الجادة وذلك بهدف اتخاذ موقف موحد منها.. والاتفاق على خطوات عمل محددة.. تقوم فيها كل من المملكة ومصر بدور معين.. وينسقان بصورة دائمة حول كل مسألة من المسائل المجدولة بإتقان. ●● ثالثا: أن المملكة العربية السعودية مهتمة كل الاهتمام بتحسين الأجواء بين القاهرة وبين اكثر من عاصمة من العواصم العربية والإقليمية والدولية.. وكذلك بينها وبين الهيئات والمؤسسات الدولية التي تتحرك حتى الآن ببطء نحو التعامل مع مصر الجديدة.. وذلك امتدادا للجهود الدبلوماسية القوية التي بدأتها المملكة في قت مبكر ومازالت تواصلها وسوف تستمر فيها حتى تحقق المزيد من التقدم الملحوظ مستفيدة من علاقاتها القوية مع تلك الأطراف. وتشعر مصر في هذا الصدد بأن هذه الجهود مهمة لأنها تتكامل مع جهودها ورغبتها الحثيثة المتفقة مع رؤيتنا في التعامل مع كافة دول العالم على أسس من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.. وإن كانت هناك بعض الدول التي ما تزال المملكة ومصر بحاجة الى تدارس أعمق فيما بينها في التعامل معها والحد من مشاريعها وتحالفاتها داخل الإقليم وذلك في ظل تداخل وتشابك السياسات والأوضاع بمنطقتنا العربية وبالإقليم كله ومع الدول الكبيرة أيضا. موازين التعامل مع الشرق والغرب ●● وهذا يعني أن هذه الزيارة سوف تسمح للبلدين بتدارس أعمق للتعاون المستقبلي مع العديد من دول العالم وفي مقدمتها روسيا التي يزمع الرئيس عبدالفتاح السيسي القيام بزيارتها بعد غد تلبية لدعوة وجهها له الرئيس الروسي «بوتن» أثناء اتصال هاتفي له مع السيسي منذ أسبوع. ●● هذه الزيارة مهمة بالنسبة لمصر.. كما أنها مهمة بالنسبة للإقليم لأن الدولة المصرية الجديدة اختارت التعامل مع جميع دول العالم وفق ما تمليه مصالحها الخاصة ومرحلة إعادة بناء الدولة القوية وبعيدا عن التحالفات أو الاصطفافات التي كانت آفة المنطقة في الماضي وجاء الوقت الذي يراجع فيه الجميع ذلك بهدف إعادة التوازن في العلاقات مع دول العالم مجتمعة. ●● تلك رؤية سياسية جديدة.. تجري بلورتها الآن.. بحكمة وهدوء وبموضوعية ودون أن تكون لصالح أطراف على حساب الأطراف الأخرى لأن المنطقة من وجهة نظري الشخصية لا تحتمل إعادة نفس السلوك السابق وتعريضها لحرب باردة جديدة بأي حال من الأحوال لا سيما أن قضايا المنطقة على درجة من التعقيد وأن جميع الأطراف متداخلة معنا وأنه ليس من المصلحة أن نحيي من جديد سياسة المحاور الضارة تلك. ●● تؤمن بهذا المملكة كما تؤمن به مصر «السيسي» ويعمل البلدان الآن على أساسه بالتحرك في كل الاتجاهات مستفيدين من كل الأطراف بتوازن شديد.. وبحسابات دقيقة وفي مقدمتها حسابات المصالح المشتركة.. التاريخي منها والآني والاستراتيجي. ●● وخير نموذج على ذلك هو شبكة العلاقات الدولية التي تقيمها المملكة مع كافة دول العالم.. الشرقية منها والغربية.. والتي اتسعت وتعززت عبر شراكاتها الواسعة مع كل من بريطانياوالولاياتالمتحدةالأمريكية واليابان والصين وكوريا وروسيا وإن تفاوتت درجة ومستوى هذه الشراكات تبعا لحجم المصالح بين دولنا وشعوبنا. شخصية السيسي منفتحة على الجميع ●● وعندما تختار مصر هذا الطريق.. فلأنها بلد يحتاج كل دول العالم وينفتح مع ثقافاته.. وبالذات في هذه المرحلة التي يتوجب عليها فيه أن ترسم مستقبلها بعناية لإعادة بناء الدولة المصرية القوية على أسس متينة لتلحق بركب مسيرة دول العالم المتقدمة بعد سنوات طويلة من الترهل والضعف. ●● وبما يمكن دول العالم جميعا من أن تشارك مصر في عملية إعادة البناء هذه بما يعود بالخير عليها وعلى شركائها في الشرق أو الغرب.. لأنها تملك برنامجا تنمويا واسعا وعريضا وتريد أن تحققه في فترة قياسية لا تتجاوز أربع سنوات على أن تدخل بعد ذلك مرحلة التحديث والانطلاق بعد الفراغ من مرحلة إعادة بناء الدولة.. سواء على المستوى العسكري والأمني بكل ما يتطلبه من تعزيز للقدرة الذاتية القادرة على تأمين الحدود والأجواء والسيادة بشبكة متطورة من السلاح الحديث والمتقدم.. وكذلك ما تفرضه السلامة العامة للمواطن في الداخل تعزيزا للشعور بالأمان والاستقرار والسلامة.. وبالتالي تشجيع الاستثمارات الأجنبية والسياحة الداخلية بالزيادة والنماء والتوسع وبالذات بعد أن بدأت مشاريع الدولة المصرية الجديدة تدخل مرحلة التنفيذ في مناطق حيوية هامة من مصر. مقومات الشخصية المصرية ●● صحيح أن المرحلة التي تمر بها البلاد شديدة الدقة والحساسية وبالغة الكلفة.. إلا أن الأكثر صحة هو أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي شخصية تعرف ماذا تريد وكيف تصل ببلادها إلى ما تريد.. وذلك ليس أمرا غريبا أو مفاجئا وذلك للأسباب التالية: 1) أن تدرجه في العمل بالمؤسسة العسكرية لمدة (37) سنة قد أكسبه خبرات واسعة في التغلغل في الواقع المصري بكل أبعاده وتفاصيله الأمنية والاجتماعية والاقتصادية إضافة إلى معرفته المتينة بالمؤسسة العسكرية نفسها من الداخل.. 2) أن تعاقب أنظمة حكم بدأت بعبدالناصر وانتهت بمحمد مرسي.. مرورا بكل من الرئيسين السادات ومبارك قد مكنته من الإلمام بالكثير من التفاصيل في إدارة شؤون الدولة المصرية بكل دقائقها ومفارقاتها وتجاذباتها مع الواقع الداخلي والارتباطات الخليجية المتنوعة.. لم تجعله مجرد رئيس منتخب فقط تعوزه ثقافة إدارة مؤسسة الحكم في بلاده. 3) أن السيسي جاء إلى السلطة من داخل مؤسسة الحكم.. ومن عصب الشارع المصري وثقافته أيضا ولم يكن بعيدا عن الإحساس بمشكلات مصر.. واحتياجات الشعب المصري.. وبالتالي سهُل عليه الحصول على تلك الأغلبية الساحقة للوصول إلى قصر الحكم عن استحقاق. 4) أن الرجل عاشق لثقافة مصر.. وبساطة مصر.. وغير بعيد أبدا عن معاناة الفلاح المصري ولا عن العيوب والأخطاء ومكامن الترهل في بلده.. فجاء تمسكه بالحديث مع أبناء شعبه بل ومع العالم الخارجي بلهجة ابن البلد دليلا على «مصريته» ووطنيته.. وقدرته على أن يكون صاحب شخصية مستقلة تميل إلى الأصالة.. وتلك ميزة تجمعه معنا بصورة قوية وعميقة الدلالة.. كما كانت سببا في قربه من عقول المصريين وتغلغله داخل مشاعرهم. 5) أن العالم بدأ يعرف السيسي على أنه شخصية مستقلة التفكير.. وأن عقليته المنفتحة على كل دول العالم وثقافاته.. توفر له فرص القبول في هذا العالم مع مرور الأيام.. وبالتالي فإن المسألة لم تعد إلا مسألة وقت فقط.. وبالذات بعد النجاح المتحقق في تنفيذ خطة المستقبل المصرية حتى الآن.. ●● لذلك كله أقول إن زيارته القادمة إلى موسكو وربما إلى عواصم أوروبية في فترة لاحقة ومن ثم إلى الولاياتالمتحدة الامريكية بعد تهيئة الأرضية الملائمة في المستقبل القريب إنما تؤكد أن مصر تعود بقوة الى هذا العالم.. وأنها بالتعاون والتفاهم العالي المستوى مع شقيقتها المملكة العربية السعودية تستطيعان تغيير واقع المنطقة نحو الأفضل لأنهما تمتلكان كل مقومات العمل البناء لما فيه خير الإنسانية.. ●● شيء أخير أريد أن أقوله في هذه المناسبة هو: أن صبر الشعب المصري.. وتحمله.. ووقفة المملكة العربية السعودية وبعض إخوتها الخليجيين والعرب.. وتعاونهم كفيلان بتحقيق الاستقرار في المنطقة.. بعد تصديهما لها بكل قوة وإيمان وصبر ومسؤولية لأن ترك الأمور تسير على نفس الوتيرة لن يكون في صالح دول الإقليم أو حتى سائر دول العالم الأخرى بما فيها الدول الكبرى.. وأن الحفاظ على مصالح الجميع يحتم دعم الجهود المضنية التي يبذلها الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأخوه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي والالتفاف حولها لتحقيق تضامن عربي غاب خلال السنوات الأربع الماضية تماما.. وحان الوقت لكي يعود أفضل مما كان لسبب بسيط هو أن الخيار الآخر مكلف ولن يستثني أحدا على الإطلاق.