رغم ضخامة مسؤولياتهم في الحفاظ على سلامة ملايين المعتمرين خلال شهر رمضان وما يتحملونه من مشاقٍ وصعوبات في مواجهة الطوارئ ومكافحة حوادث الحريق أو القيام بأعمال الإنقاذ والإسعاف، ورغم حالة الجدية والتأهب لتلبية نداء الواجب على مدار الساعة في العاصمة المقدسة طوال أيام وليالي الشهر الفضيل، يبادر رجال الدفاع المدني من الضباط والأفراد العاملين في الميدان، بتقديم الكثير من الأعمال الإنسانية إلى جانب مهامهم الوظيفية من أجل مساعدة ضيوف الرحمن، وتيسير أدائهم لمناسك العمرة. وليس مستغربا أن تجد أحد رجال الدفاع المدني يتحدث إلى أحد المعتمرين باللغة الهندية أو السندية أو الأوردوية أو البنغالية ليرشده إلى مقر إقامة بعثته أو يدله على مكان يريد الذهاب إليه في مكةالمكرمة أو يعاونه على صعود الحافلة. وما أكثر المشاهد التي نرى فيها رجال الدفاع المدني بملابسهم المميزة، يساعدون معتمرة مسنة أثناء أداء مناسك العمرة أو يرشدون أخرى لمكان الحصول على بعض الخدمات، مقدمين بذلك صورة رائعة لجهود المملكة في رعاية ضيوف الرحمن والسهر على راحتهم وسلامتهم، مستشعرين في ذات الوقت مسؤوليتهم الكبيرة وساعين بكل تفان وإخلاص لأدائها على الوجه الأكمل واستحقاق شرف وثواب خدمة المعتمرين والزوار لبيت الله الحرام في شهر القرآن. وما أكثر كلمات الدعاء بالتوفيق والسلامة التي يودع بها المعتمرون رجال الدفاع المدني بعد تلقيهم للمساعدة أو الرد على استفساراتهم، يصحب هذه الدعوات ابتسامة جميلة وعبارات شكر وتقدير لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لما تبذله الدولة من إمكانات هائلة لراحة ضيوف الرحمن في موسم العمرة. الرقيب أول ماجد آل ماجد، يتحدث عن ذلك فيقول: «كثيرا ما يلجأ المعتمرون لطلب المساعدة من رجال الدفاع المدني، للاستفسار عن مكان ما أو طريق ما، حيث تختلط عليهم الطرق والأماكن في العاصمة المقدسة، والبعض الآخر قد لا يحتاج حتى إلى طلب المساعدة، حيث يبادر رجل الدفاع المدني لتقديمها فور رؤيته لمعتمر مسن يحتاج إلى من يمد له يده ليهبط من الحافلة أو يصعد الدرج، أو معتمرة تجلس على كرسي متحرك، ومثل هذه الأعمال التطوعية تحقق سعادة داخلية لرجل الدفاع المدني ورجال الأجهزة الأمنية عموما والذين يستشعرون مسؤوليتهم في الحفاظ على أمن وسلامة ضيوف الرحمن، ويبذلون كل جهد من أجل ذلك حتى وإن تطلب الأمر أداء بعض الأعمال التطوعية خلال الأوقات التي لا يكون رجل الدفاع المدني مكلفا بمهمة محددة، وحتى أثناء أداء المهام متى سمحت الظروف بذلك». من جهته، يقول الرقيب أول سعود الغيث من قوة الدفاع المدني بالحرم: «هناك مهام محددة لكل رجال الدفاع المدني، فهناك فرق الإطفاء والإنقاذ والإسعاف والدراجات النارية والرصد والمسح الوقائي ودوريات السلامة والحماية المدنية، وكل مهمة لها وقت ومكان بهدف توفير أعلى درجات الحماية من المخاطر لضيوف الرحمن من المعتمرين خلال شهر رمضان، ويحدث أن يطلب أحد هؤلاء المعتمرين مساعدة ما من أحد رجال الدفاع المدني وخاصة المتواجدين في محيط الحرم، فيسارع إلى ذلك بكل رضاء وإخلاص؛ لأن الهدف واحد وهو راحة وسلامة المعتمرين وتيسير أدائهم لمناسكهم، وتقديم صورة مشرفة لما تبذله بلادنا من جهد وإمكانات لخدمة ورعاية المعتمرين والحجاج»، مضيفا «في الأوقات التي لا أكون مكلفا بمهمة محددة أتفقد ضيوف الرحمن العابرين باتجاه المسجد الحرام وأبادر لمساعدة كبار السن منهم، وذلك طلبا للأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى في هذه الأيام المباركة». وأكد الرقيب خلف الناصر، أن المعتمرين والزوار يدركون أن رجال الدفاع المدني موجودون من أجل راحتهم وسلامتهم دون أن يدرك كثير منهم طبيعة هذه الأعمال، وقال: «كثير من الزوار يلجأون إلينا في أمور كثيرة لا علاقة لها بأعمالنا الوظيفية، ولكننا نجد سعادة في مساعدتهم». إلى ذلك، أكد وكيل رقيب بندر المطيري من قوة الدفاع المدني بالحرم إلى أنه لا يستطيع رجل الدفاع المدني في بعض الأحيان أن يفصل بين مهامه الوظيفية ومهمته الإنسانية التي ترسخت داخله عبر سنوات من العمل في هذا القطاع الذي يعنى بسلامة الأرواح قبل أي شيء آخر. وأضاف «خلال التواجد في الحرم الشريف أو ساحاته الخارجية، يحدث كثيرا أن تجد معتمرا بحاجة للمساعدة لأنه تاه عن زوجته أو معتمرة خائفة تبحث عن طفلها الذي اختفى في الزحام أثناء الطواف أو السعي - بل أن بعضهم يسأل أحيانا عن ماء الشرب أو الطعام وآخر يسأل عن مكان صيدلية لشراء الدواء، وما أكثر من يسألون عن مكان الفندق الذي يقيمون به - وغيرها من الأعمال التطوعية البسيطة التي يبادر رجل الدفاع المدني للقيام بها عن طيب خاطر». وأكد العريف أحمد العمري أن أي تعب أو مشقة يتحملها رجال الدفاع المدني تهون في سبيل الحفاظ على سلامة ضيوف الرحمن في شهر رمضان، مشيرا إلى أن المشاركة في هذا العمل مصدر فخر واعتزاز لكل من يقع عليه الاختيار من رجال الدفاع المدني والذين باتوا يتسابقون للمشاركة في هذه المهمة، مبينا أن عمله يتركز على تفقد اشتراطات السلامة في مساكن المعتمرين والأماكن التي يرتادونها، والتأكد من خلوها من كل ما قد يهدد سلامتهم. ويقول الجندي أول تركي الزهراني: « إن العمل في رحاب المسجد الحرام يختلف عن العمل في أي مكان آخر ويتضاعف الإحساس بذلك خلال شهر رمضان، حيث تجتمع قدسية المكان مع عظمة الزمان ونبل الهدف في خدمة ضيوف الرحمن أثناء أداء مناسك العمرة». وأكد الجندي أول باسل العنزي أن العمل في خدمة المعتمرين في رمضان يمثل بالنسبة له متعة خاصة حيث روحانية أجواء الشهر الفضيل وعبق أجواء المسجد الحرام وأصوات ملايين الحجاج التي تلهج بالدعاء إلى الله.