وقد لقبه العلامة ابن القيم بمنجنيق الغرب وذلك لما أوتي من ذرابة لسان وعلم ومنطق وفلسفة بين أهل الغرب في العالم الإسلامي الذي كان يمتد في عهد ابن حزم (384 456ه) من حدود الصين إلى حدود فرنسا. وفي العصر الحاضر ألف د. فؤاد بن يحيى الهاشمي كتابا سماه (منجنيق الغرب ابن حزم ترجمة لروح أندلسية ورسم لأصول ظاهرية). وبما أنه ظاهرة عجيبة من ظواهر الفردوس المفقود الأندلسي فلم تكفِ عنه حلقتان لكثرة ما جاء في حياته من صعود وهبوط ومناقضات ومفارقات، وقد قال عنه شيخنا الشيخ أبو تراب الظاهري في كتابه (إعلام أهل الحاضر برجال من الماضي الغابر) : ألف ابن حزم في فقه الحديث كتابا كبيرا نحو ثمانين مجلدا سماه الإيصال إلى فهم الخصال الجامعة لجمل شرائع الإسلام في الواجب والحلال والحرام والسنة والاجماع. أورد فيه أقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين في مسائل الفقه ، والحجة لكل طائفة وعليها أخذ وله كتاب الإحكام في أصول الأحكام في غاية التقصي وإيراد الحجج وكتاب في الإجماع ومسائله على أبواب الفقه والملل والنحل. ثم أورد أبو تراب مقالة أبي حامد الغزالي الذي قال : وجدت في أسماء الله تعالى كتابا لابن حزم يدل على عظم حفظه، وسيلان ذهنه، قال المقري : وعلى الجملة فهو نسيج وحده، قال النواب : كانت عقيدته الكتاب والسنة المحضة هذه فضيلة لا يساويها فضيلة، وكان ذابا عن الإسلام، وعمره اثنتان وسبعون سنة، وكان كثير المواظبة على التأليف. واختتم الحديث عن ابن حزم بما لخصته د. وداد القاضي في كتابها (مختارات من النثر العربي): هو أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الظاهري الأندلسي، عالم الأندلس في عصره وأحد أئمة الإسلام، ولد بقرطبة سنة 384ه/994م في بيت علم ورياسة، وقد ولي مثل أبيه من قبله وزارة الأندلس وتدبير الأمور بها ، إلا أن الفتنة البربرية التي نشبت في الأندلس في أواخر القرن الرابع/ العاشر، وانهيار وحدة الأندلس على أثرها، زهده في السياسة، فانصرف إلى العلم والتأليف، فكان من صدور الباحثين، فقيها حافظا، يستنبط الأحكام من الكتاب والسنة، على مذهب الظاهري. وكان حاد اللسان بعيدا عن المصانعة، وانتقد كثيرا من العلماء والفقهاء، فتمالأوا عليه ونفروا رؤساء الأندلس منه، فأقصوه وطاردوه، فرحل إلى بادية لبلة بالأندلس وبها توفي. كان ابن حزم غزير الكتابة، بلغ ما كتبه نحوا من أربعمائة مجلد، تشتمل على قريب من ثمانين ألف ورقة، وأشهر مصنفاته كتاب «الفصل في الملل والأهواء والنحل» في خمسة أجزاء وكتاب «المحلى في الفقه» في أحد عشر جزءا و «الإحكام لأصول الأحكام» في الأصول في ثماني مجلدات وكتاب «جمهرة أنساب العرب». السطر الأخير : لما دعوت الناس لبى عاقل وأصم منك الجاهلين نداء أبوا الخروج إليك من أوهامهم والناس في أوهامهم سجناء.