أبدى الحاضرون، أمس الأول، في اثنينية عبدالمقصود خوجة، دهشة من تراث الشيخ محمد سرور الصبان رحمه الله، والذين تعرفوا على إنجازاته ودماثة خلقه عن قرب من بعض أقاربه ومن عاصره، بحضور مختلف الأطياف الثقافية والعلمية والفكرية، وذلك بعد وفاته بقرابة الأربعين عاما. ووصف الحاضرون تراث الصبان بالمغمور نظير عمله بصمت وتواضعه قائلين تميز رحمه الله بالكياسة ودماثة الخلق. ولقد نحت الاثنينية بتكريم الصبان منحى جديدا، إذ قال مؤسس الاثنينية أثناء التكريم: هذه الليلة غير عادية، لأننا سنخرج عبر تاريخ الاثنينية الممتد ل33 عاما عن ما دأبنا عليه، وذلك لتكريم الشخصيات التي فارقت الحياة تاركة بصمات واضحة، مبتدئين بتكريم الشيخ محمد سرور الصبان، بعد أن اعتادت الاثنينية خلال عمرها المديد على تكريم رموز المجتمع ممن هم على قيد الحياة. وشهدت الأمسية التي أدارها على غير العادة ابن أخ الراحل الدكتور محمد سالم بن عبدالله سرور الصبان، والذي أشاد بتكريم الأموات وبدور خوجة خصوصا أنه أتاح له اختيار من يتحدث عن عمه، حيث أشاد قبل إلقاء كلمته بمنحى الاثنينية الجديد، وهو تكريم الأموات، وكما أثنى على دور خوجة بإتاحته له اختيار من يتحدث عن عمه، بالإضافة إلى إدارته للأمسية. وذكر أنه وجد صعوبة في اختيار من يتحدث عن عمه؛ لسببين: أولهما أنه لم يجد من يتحدث عنه من جيله، وحتى من وجدهم فهم يمرون بظروف خاصة، حتى وقع اختياره على الدكتور عاصم حمدان، المحامي الدكتور عبدالمحسن بن سعد الرويشد، وابنة الراحل فريدة، وكذلك الأديب حسين بافقيه، الدكتورة خديجة عبدالله سرور الصبان، المستشار محمد سعيد طيب. الجانب الاقتصادي وأضاف قائلا عقب تسليط الشيخ عبدالمقصود خوجة على بعض مآثر الصبان: سأتحدث عن الجانب الاقتصادي من حياة عمي رحمه الله، كون هذا الجانب يغفل الكثيرون عنه، كما سأسلط الضوء على الجانب الثقافي الذي تمتع به. وزاد: عمي رحمه الله رجل أعمال وصاحب منشآت اقتصادية عديدة، وقد بدأ في تلكم الأعمال قبل التحاقه بالعمل الحكومي كمستشار للملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، ووزير إدارة بوزارة المالية في عهد المرحوم عبدالله السليمان قبل أن يصبح ثاني وزير للمالية في المملكة، لافتا إلى الحس الاقتصادي لمحمد سرور الصبان، الذي ورثه من والده، وكيف كان رائدا في إنشاء مؤسسات العمل المدني، كما أنشأ بعض الجمعيات الخيرية. وأردف كان رحمه الله أيضا رائدا ثقافيا مسلطا الضوء على تغريدة وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة عبر تويتر، والذي قال: محمد سرور الصبان هو شخصية عظيمة بكل المعايير، فهو رجال في رجل، وهو الاقتصاد ورجل الدولة والمثقف والمفكر والأديب والوجيه. ونوه بأن الراحل ثاني وزير للمالية، وأول وزير للمالية والاقتصاد الوطني. كما لفت إلى أن التكريم جاء متزامنا مع مرور 90 عاما على إصدار كتاب المعرض، و91 عاما على إصدار كتاب أدب الحجاز، وكلاهما من أوائل الكتب الصادرة في عصرنا الحديث. تراث عظيم وتفاعل الحاضرون مع الكلمات التي ألقيت في الصبان رحمه الله، والتي ابتدأ بها الدكتور عاصم حمدان، والذي قال: لعب الراحل دورا في حياة الإنسانية؛ لذا ينبغي أن نقول عنه شيئا حتى لا تلومنا الأجيال القادمة تجاه هذا التراث والتاريخ العظيم، مبينا أن خطابات الراحل تميزت بالإبداع، إذ كانت توجب احترام خصومه، مشبها الكتابة بالسياسة، قائلا الرائد الصبان، نشر الأدب، وزاد احترت من أين أبدأ في الحديث عنه، إلا أن هناك نصوصا تعكس مدى قدرته، في جيل الرواد، ذاكرا أن فاجعة رحيله أثرت على الكثيرين، إذ تسارعوا إلى منابر الصحف ينعونه بمشاعر صادقة. وأضاف: تأثر الكثيرون بوفاة الصبان، بالإضافة إلى شحاتة، مستعرضا بعض أبيات الرثاء التي جاءت في محمد سرور الصبان رحمه الله، وكيف كان صبورا مع أصحاب الألسن الحادة، وكيف اعتبر ظاهرة نادرة يتعذر أن تخضع للمألوف، كما كان كان رحمه الله يظهر بصورة الذي لا يعرف رغم علمه. وقال بعد مرور أكثر من 40 عاما يحق لنا أن نتحدث عن رجل كان أمة لوحده، كما له العديد من الإسهامات، إذ جنب الوطن كثيرا من المشكلات. تميز اجتماعي تلا حمدان كلمة للمحامي الدكتور عبدالمحسن الرويشد الذي بين أن الصبان رحمه الله رجل متميز في الجانب الاجتماعي، كما أسهم رحمه الله في تنوير العلم خصوصا أنه حاول أن يقضي على الجهالة التي تعد حماقة كل تصرف سيئ، كما سلط الضوء على إسهام الصبان رحمه الله في إنشاء مطابع الرياض التي خرجت منها صحيفة الرياض والجزيرة. وذكر عبر كلمة تميزت بالفصاحة أن الراحل تمتع بالأخلاق، منوها بأن والده كانت تربطه بالصبان صداقة وثيقة منذ أن التقى به في ديوانية الملك عبدالعزيز، إذ كان والده يرحمه الله يشيد بأخلاق ومناقب الصبان، مبينا أن الراحل مر بتجارب عديدة، أهمها وزارة المالية والاقتصاد الوطني، ثم أمينا عاما لرابطة العالم الإسلامي، قائلا هذا تاريخ لوحده، ملخصا سيرته بقوله تمتع الراحل بقوة مكارم أخلاقه، كما ساهم مع غيره في إدخال الملايين من الأفارقة إلى الإسلام. رحمة جمة من جانبها، لفتت ابنته فريدة إلى بعض جوانب والدها الراحل تجاه العائلة، الأمر الذي يخفى على الكثيرين، إذ ظهرت رحمته الجمة عبر هذا الجانب وحسن التربية رغم مشاغله المتعددة، وكيف اهتم بالعلم، إذ أرسل بناته إلى بيروت، الأمر الذي لم يكن آنذاك مقبولا في تلكم الحقبة الزمنية. من جانبه، وصف الأديب حسين بافقيه الراحل بوالد الثقافة الحديثة، مسلطا الضوء على كتاب الراحل: «أدب الحجاز»، والذي كان إيذانا بموطن الثقافة الحديثة، قائلا: تناول عددا من الأمور التي لم تكن مألوفة لأدباء تلكم الحقبة. وتطرق إلى الأحداث التي كونت الحجاز الحديث، وأن الراحل هو من كونها. اهتمام بالشباب أما الدكتورة خديجة عبدالله سرور الصبان، فبينت أنه رحمه الله كان يرى أهمية التواصل مع الشباب بالأسلوب السهل. وذكرت أن إنتاج الراحل الأدبي لم يجد اهتماما، مرجعة ذلك إلى طغيان جوانب أخرى على شخصيته، مستعرضة بعضا من أبياته الشعرية. وزادت: تمتع رحمه الله بحس وطني عال. شخصية فريدة إلى ذلك، قال المستشار محمد سعيد طيب: الراحل رحمه الله لم يأخذ عشر ما يستحقه، إذ هو شخصية فريدة، ذاكرا عددا من القصص التي شاهدها لمحمد سرور الصبان، والتي ظهرت فيها عقلانيته وعطفه ورحمته. كما أشار محمد سعيد طيب إلى جائزة أقامتها صحيفة عكاظ حصل خلالها على المركز الأول، وكيف ساعده محمد سرور الصبان على إلقاء كلمته بعد تحقيقه المركز الأول. يحيطه المميزون أما مؤسس الاثنينية عبدالمقصود خوجة، فحظي بنصيب الأسد في تسليط الضوء على حياة الراحل بسبب إعجابه بشخصيته، إذ أبدى إعجابه بالصبان بصورة واضحة عبر كلمته، حيث لفت خلال الأمسية التي أدارها الدكتور محمد سالم بن عبدالله سرور الصبان إلى جوانب عديدة وضاءة من حياة الراحل رحمه الله، فقال: كان الصبان شخصية يحيطها المميزون، كما ذكر قصة تعيينه أمينا عاما لرابطة العالم الإسلامي، مضيفا: لا يمكن أن نجد مثله في الكياسة والقيادة، متطرقا إلى أقوال البعض تجاه الصبان، مستعرضا عددا من الوثائق، التي حوت التشكيلات المالية، والتي ورد فيها اسم محمود شلهوب، وخوجة عبدالمقصود، إذ كان الخطاب موقعا من الشيخ محمد سرور الصبان، والذي كان آنذاك وزيرا للمالية، كما استعرض وثيقة للراحل تعود إلى عام 1355ه، كما تطرق إلى بعض قصص النخب معه، ساردا شيئا من سيرته، كما قرأ شيئا من كتاب حسين عبدالله باسلامة. وتساءل خوجة عن وكيل المالية، إذ ورد آنذاك وكيلا آخر، بالإضافة إلى الشيخ محمد سرور الصبان. وبين أن بين والده وكذلك محمد سرور الصبان بعض الحزازات بسبب رئاسة تحرير جريدة أم القرى، كما ذكر قصة لمؤسس الاثنينية مع عبدالله بلخير، مع محمد سرور الصبان الذي كان يتحاشاه لموقف ما، حتى وجد منه كرما، إذ جعله أصغر موظف في الدولة يتقاضى مبلغا كبيرا قدره آنذاك 1200 ريال. وذكر أن الشيخ محمد سرور الصبان تميز بأناقة عبارته، متطرقا إلى قصة الصبان في الواقعة التي حدثت بين مفتي المملكة سابقا عبدالعزيز بن باز ومفتي الإباضية، ودور محمد سرور الصبان في إنهاء الخلاف. يذكر أن الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه عينه رئيس كتاب بلدية مكةالمكرمة عام 1336ه، ثم سكرتيرا للمجلس الأهلي، كما ترقى في الوظائف الحكومية حتى عين وزيرا للمالية، كما عينه الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله أمينا عاما لرابطة العالم الإسلامي بمكةالمكرمة عام 1382ه، كما أنشأ مكتبة ثقافية عامة في كل من مكةالمكرمةوجدة، وهو من رواد وواضعي النواة الأولى لمؤسسات المجتمع المدني كجمعية الإسعاف الخيري، جمعية قريش، لجنة الدفاع عن فلسطين، مؤسسا عددا من الشركات الاقتصادية، وقد شهدت ليلة تكريم الراحل في اثنينية خوجة حضور نخب من الأطياف المتنوعة، منهم الدكتور رضا عبيد، الدكتور مدني علاقي وغيرهم.