أشعل تنظيم وزارة الصحة الجديد لمواعيد العمل في المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية، المتضمن إعادة دوام الفترتين، فتيل الجدل في المجتمع، إذ أيد المواطنون القرار مؤكدين أنه يخفف الضغط على المستشفيات ويقلص أوقات مواعيدها، ويعمل على تجويد الخدمات التي تقدمها مراكز الرعاية الصحية الأولية، بينما انتقد عدد من الكوادر الصحية خصوصا الممرضات والفنيات القرار بدعوى عدم قدرتهن على الدوام فترتين في اليوم، لوجود التزاماتهن الأسرية وصعوبة دوامهن في المساء، متمنيات النظر إلى معاناتهن باهتمام وبحث الحلول لها. ووصف علي العيسى موظف بمركز صحي إعادة عمل المراكز الصحية على الفترتين ب(الشاق)، مشيرا إلى أنه يمكن خدمة المرضى بتزويد المراكز بإمكانات وأجهزة وكوادر فنية تمتاز بالكفاءة، بدلا من خدمة المواطن على حساب راحة آخر. وقال العيسى: «نحن الموظفون في المراكز الصحية أيضا مواطنون ولنا حقوق وامتداد فترة الدوام الى الساعة التاسعة والنصف من شأنه أن يرهق الموظفين ويحرمهم من أبسط حقوقهم في الراحة ورعاية شؤون أسرهم»، متمنيا إيجاد حلول، لما اعتبره مشكلة، تراعي جميع الأطراف بدلا من أن تقف مع طرف على حساب آخر. إلى ذلك، اعتبر أحمد الغامدي من منسوبي صحة الباحة، حذف دوام يوم السبت بمثابة مكسب للمراكز الصحية النائية ولكن بقي أن يتم تعديل بسيط للفترة المسائية بحيث يتم تقديمها لتبدأ من الساعة الرابعة بدلا من الخامسة فالمرضى اعتادوا منذ زمن طويل الحضور في الساعة الرابعة لأن هذه المراكز تخدم سكان قرى البادية والهجر وكثير من أهلها يعيشون في البادية ويراجعون هذه المراكز مبكرين بعد صلاة العصر مباشرة. وقال الغامدي: «بدء الفترة المسائية من الرابعة عصرا وقت ملائم للمريض والموظف ويمكن الطاقم الطبي من الانتهاء من العمل في حدود الثامنة بدلا من التاسعة والنصف حسب القرار الأخير وهو بلا شك عبء كبير»، معتبرا الدوام من الخامسة عصرا وحتى التاسعة والنصف مساء سيلحق بهم أضرارا بالغة، يدفع ثمنه أسرهم وأبناؤهم الذين يتوجهون إلى المدارس، إذ لن يكون هناك فرصة للقائهم أو مساعدتهم في دراستهم. وتوقع الغامدي أن تتدارك وزارة الصحة هذه المشكلة، بتقديم توقيت بداية الفترة المسائية ساعة واحدة فقط. وانتقدت الممرضات حنان وأم ماجد وميساء عملهن لفترتين، مشيرات إلى أن الممرضات والفنيات السعوديات يقضين جل وقتهن في العمل، ولا يجدن الوقت الكافي للقيام بواجباتهن الأسرية. وذكرن أنهن في بعض الحالات يصل الأمر إلى الاختيار بين الزوج والأبناء أو الوظيفة، وغالبا ما ينتهي الأمر بالطلاق، مبينات أنهن كن يأملن التخفيف عليهن في أوقات العمل، بيد أنهن فوجئنا به يمتد الى التاسعة والنصف مساء ثم العودة في السابعة والنصف صباحا إضافة الى مسافة الطريق وزحمة المواصلات. وتابعت الممرضات: «فماذا تبقى لبيوتنا وأطفالنا فوقتنا كله للعمل وهذا القرار سيؤثر على حياتنا الأسرية، ونطالب وزارة الصحة بإعادة النظر في هذا القرار وإجراء تعديلات عليه وأخذ رأي مقدم الخدمة في الحسبان فهو المتضرر الأول من القرار». بينما روت الممرضة فاطمة الأسمري معاناتها في التنقل من منزلها إلى إحدى القرى بعيدا عن منزلها مرتين في اليوم، لافتة إلى أن القرار يحتاج إلى الأخذ في الاعتبار الحالة النفسية والاجتماعية للموظفات. في المقابل، قدم المواطن علي عطية الغامدي شكره لوزارة الصحة ومسؤوليها على اهتمامها بالمواطن، مشيرا إلى أنهم يسكنون في قرية نائية في الباحة ومركزهم الصحي يعمل على فترتين منذ مدة طويلة، مستدركا بالقول: «لكن الدوام الجديد شابته بعض العيوب، منها أنه يبدأ في الخامسة قبيل المغرب وفي الشتاء قبيل العشاء وهذا خطأ يجب تعديله، حيث إن غالبية السكان أصحاب أغنام ومواش ويراجعون المركز مبكرين وتكاد لا ترى أحدا منهم بعد غروب الشمس»، مطالبا وزارة الصحة بتدارك الوضع بما يناسب مصالح الجميع. من جهته أوضح خالد الزهراني أن القرار سيخدم شريحة كبيرة من الأهالي والمراجعين، خاصة في الفترة المسائية ولكنه لن يخدم الموظفات، بسبب الدوام الليلي المتعب، لافتا إلى أنه لا يمكن حصر العمل في الفترة المسائية على العازبات أو الرجال فقط، بل يجب أن تشارك الممرضات في الفترة المسائية ويجب على العاملات التأقلم مع القرار الجديد. من جهته، أوضح عبدالعزيز بسيوني أن القرار يصب في مصلحة المراجعين بالدرجة الأولى، وأن شعار (المريض أولا) تم تطبيقه فعليا في هذا القرار، لافتا إلى أن كل قرار في بدايته يواجه رفضا من المجتمع، خصوصا إذا كان فيه تغيير لنمط الحياة العادية والرتم اليومي. إلى ذلك أطلق مغردون «وسما» عبر موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) انتقدوا فيه قرار إعادة الدوام لفترتين في المراكز الصحية وأسموه: (#إعادة_دوام_الفترتين_في_المراكز_الصحيه). ورفضت التغريدات دوام الفترتين، وتناول بعضها جانبا من النقد. بينما، طالبت بعض الممرضات وزارة الصحة بالتعامل مع القرار بإيجابياته وسلبياته والأخذ في الاعتبار الحالة الاجتماعية للأسر وإنشاء حضانة داخل كل مركز صحي لتتمكن الأمهات العاملات من العناية بأطفالهن. كما أطلق عدد من الممرضات حملة «أنا بشر» في مواقع التواصل الاجتماعي ناشدن فيه وزارة الصحة بخفض ساعات العمل.