اتفق عدد من الإعلاميين على أن الواقع الحالي للغة العربية تكتنفه مشاكل كثيرة، منها التدني الحاد في توظيفها للتعبير عن شؤون الحياة. وحول دور الإعلام في علاقته بلغة الضاد أوضحوا ل «عكاظ» أن الإعلام يتحمل جزءا من تبعة تدهور أوضاع اللغة العربية، مرجعين تراجع المستوى اللغوى لبعض الإعلاميين إلى عدم التطبيق الصارم لمعايير اختيار الإعلاميين في المؤسسات التي يلتحقون بها، ميل القنوات والإذاعات التجارية إلى استخدام اللهجات العامية محل اللغة العربية السليمة. بداية، أوضح نائب رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون لشؤون التلفزيون الدكتور عبدالله الحمود أن اللغة وعاء قطبي الحضارة الإنسانية الثقافة والمجتمع، والمستوى العام لأي لغة رهن بحضورها الثقافي والاجتماعي على مسرح الأحداث الإنسانية، وقال: «إن تأمل واقع اللغة العربية اليوم يفضي للتحفظ، حيث تواجه اللغة تدنيا حادا في توظيفها واستخدامها لإدارة شؤون الحياة، ويعود ذلك فيما يبدو لبعد أهلها عن الفعل في العالم المعاصر، فتقدم الفاعلون وبرزت لغاتهم وسادت». وحول دور الإعلام في دعم اللغة العربية، قال: «دور الإعلام رهن بالواقع الذي أشرت إليه سلفا، ومن غير الإنصاف إلقاء تبعة تردي واقع اللغة على الإعلام، فلا يمكن للإعلام أن يخلق واقعا غير موجود. من جهته، أكد المستشار في هيئة الإذاعة والتلفزيون الدكتور سليمان العيدي أن بناء الإعلام السعودي في مختلف وسائله يرتكز على اللغة العربية، داعيا الإعلاميين إلى الاستفادة من المناسبة التي تنظمها وزارة الثقافة والإعلام في الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية. إلى ذلك، أشار وكيل وزارة الثقافة والإعلام لشؤون التلفزيون سابقا الدكتور علي النجعي إلى أن الإعلام التقليدي حافظ على سلامة اللغة في ممارسته لها، وقال: «حافظنا على اللغة العربية والثقافة الإسلامية؛ لأن اللغة العربية مبعث فخرنا، أما الآن ومع ظهور الإعلام الجديد بدأ التراجع في الاهتمام باللغة العربية عبر مظاهر عديدة، أحدها شيوع استخدام مصطلحات لا أصل لها في اللغة العربية مثل كلمة (هاشتاق)» . وفي السياق ذاته، رأى كبير المذيعين ونائب المدير التنفيذي بالقناة الأولى للتلفزيون السعودي محمد خيري أن وسائل الإعلام مقصرة في حق اللغة العربية والاهتمام بها، وقال: «من يشاهد القنوات التلفزيونية، سواء السعودية أو غيرها، يجد ضعفا في استعمال اللغة وتركيزا على اللهجات الشعبية أكثر من الفصيحة». من جانبه، ذكر كبير المذيعين بإذاعة الرياض يحيى الصلهبي أن الإعلام ظل إلى وقت قريب رافدا قويا من روافد نشر اللغة العربية وإشاعتها تحدثا وممارسة نظرا لمحافظة معدي ومذيعي ومقدمي البرامج في وسائل الإعلام على الالتزام بقواعد اللغة العربية، ما سهل على المتلقي الحصول على جرعات لغوية سليمة دون تعقيد، أما الآن أصبحت بعض وسائل الإعلام بمثابة معول هدم للغة العربية نظرا لدخول القنوات الإذاعية والتلفزيونية التجارية التي لم تعد تعترف باللغة العربية فضلا عن عدم الالتزام بقواعدها في الإعداد والتقديم، بالإضافة إلى ضعف مخرجات التعليم في هذا الصدد. بدوره، أرجع كبير المذيعين في هيئة الإذاعة والتلفزيون عبدالله محمد الشهري ضعف المستوى اللغوي للإعلاميين في مختلف وسائل الإعلام، إلى ما وصفه بغياب العناصر والمعايير الحقيقية لاختيار الإعلامي أو الصحفي، وكذلك غياب التدريب المكثف للإعلاميين، فيما قال المذيع في القناة الثقافية السعودية عبدالرحمن السعد: «عندما تجيل بصرك في أغلب في القنوات الفضائية، وتصغي بسماعك لأكثر الإذاعات العربية، وتتأمل واقع لغة الضاد عبر منابرها، تجده مؤلما حد الوجع، حيث غابت الكلمة الساحرة، والعبارة الرصينة، واللغة السليمة، وحل محلها لغة هجينة مبتذلة». من جانبه، يؤكد الإعلامي المستشار الدكتور محمد أحمد صبيحي (أمين عام منظمة إذاعات الدول الإسلامية سابقا) أنه «من المهم جدا إحياء إرث الدفاع عن اللغة العربية، وتقنين المتعاملين مع «الفصحى» في الإعلام وحياضه المختلفة، فللأسف كثيرون هم من لا يعون هذا القدر من الأهمية في تعاملنا مع الإعلام بلغتنا الأم. من جانبه، يقول الإعلامي الكبير عبدالرحمن يغمور (مدير عام التلفزيون سابقا): «كثيرا ما عانينا في فترات تدريبنا للقادمين إلى ساحة العمل الإعلامي في دورات اللغة العربية، خصوصا أولئك الذين يودون الدخول في البرامج الرسمية والأخبار وما له علاقة بذلك. وبدورها، تقول الإذاعية دلال عزيز ضياء مدير عام إذاعة جدة سابقا: «من المهم عدم غياب استخدام لغتنا عن التعامل الإعلامي، وأرى أن هذا الاحتفال الذي تقيمه الوزارة اليوم تذكير لزملائنا الإذاعيين اليوم يقول: لا تهاون في اللغة وأساسياتها، فمنها يبتدئ الكلام وعندها ينتهي». وتقول الإذاعية السعودية نوال بخش: «احتفال المملكة، ممثلة بوزارة الثقافة والإعلام، باليوم العالمي للغة العربية يدلل على مكانة اللغة لدينا وأهميتها، والأمر في رأيي ليس بجديد، فاللغة أهم ما ينظر إليها عند القادم الجديد للعمل الإعلامي منذ أن كان الدكتور خوجة وكيلا لوزارة الإعلام في بداية الثمانينيات، كانت اللغة والأدب بشكل عام هي أول الاهتمامات».