أحمد شاب تجاوز العقد الثاني من عمره، ولم يدرك أنه سيكون يوما سببا في وفاة والدته التي توفيت بسبب إدمانه للكوكائين. يقول أحمد بعد أن أطرق لبرهة وهو يجهش بالبكاء حتى ترقرقت الدموع من وجنتيه «لا أدري كيف أبدأ قصتي وكيف أنهيها، والآن بعد وفاة امي حسرة على إدماني وسلوكي المتهور لا أجد شيئا أداوي به جرحي الذي لا يبرأ، وأواسي به نفسي المعذبة سوى الاستغفار والتوبة، لعل الله أن يغفر لي ويجعل لي مخرجا». ويتابع حديثه قائلا «بدأت تعاطي المخدرات منذ ثلاثة أعوام، وكان السبب الحقيقي الذي دفعني إلى هذا الطريق هو العنف الأسري، والمشكلات التي لا تهدأ بين والدي وامي والتي كدرت حياتنا أنا وإخوتي، وجعلتنا نتمنى الموت في أحايين كثيرة، للهروب من ذلك الواقع المؤلم الذي كنا نعيشه، كنا نعيش في شقة متواضعة في حي الرحاب تتألف من ثلاث حجرات، حجرة يقطنها والدي وحجرة يشاركني فيها أخي الأصغر يزيد، وأخرى تشغلها أختي الوحيدة، كان والدي يعمل في إحدى الدوائر الحكومية، وينفق جل راتبه على الحشيش الذي يتعاطاه بكميات كبيرة، ولما لم يكن يعطينا من المال سوى اليسير جدا والذي لم يكن يقضي شيئا ذا قيمة تذكر، كانت تضطر والدتي إلى اللجوء إلى أهلها وطلب مساعدتهم.. فلم يتوانوا عن مساعدتنا ومد يد العون إلينا بقدر طاقتهم، وإن كان المبلغ الذي نتقاضاه منهم في نهاية كل شهر بالكاد يكفي لشراء احتياجاتنا الأساسية. ويضيف أحمد بعد لحظة صمت: وعندما تخرجت من الجامعة وحصلت على وظيفة براتب جيد، كنت أنفق كل راتبي على والدتي وإخوتي ولا أبقي لنفسي إلا القليل، وعلى الرغم من الخلافات التي كانت تنشب كل يوم بين أبي وأمي، الا أنها كانت صابرة من أجلنا لا تكف عن نصحه والدعاء له بالهداية. ويستطرد ثم كانت الطامة الكبرى حينما تعرفت على شخص استغل ضعفي، وأضلني عن الصواب، بدا الشخص عاديا لا يبدو عليه آثار الإدمان، ولكن حينما تطورت علاقتنا وتوطدت أواصر الصداقة بيننا وأصبحت أشاركه جلسات السمر مع أصدقائه، اكتشفت أنهم يتعاطون الكوكائين، وحينما عرضوا علي أن أتعاطى معهم ذلك السم رفضت في بادئ الأمر، وقاومت إغراءهم إلى أن جاء مساء يوم، تناولت العشاء معهم، وكان اليأس يتملكني في ذلك اليوم وإذا بي أشم البودرة في تلك اللحظات، وتبدأ قصتي في تعاطي المخدرات، وقد لاحظت والدتي وإخوتي بعض التغيرات التي طرأت علي، حيث إنني أصبحت أحتفظ بكل مرتبي، ولكن عمي هو الذي افتضح أمري حيث أطلعه أحد أصدقائي على حالي، وحينها لم تتمالك والدتي نفسها من شدة الصدمة فماتت وفي قلبها حسرة. ويضيف «منذ ذلك الحين قررت أن أخضع للعلاج حتى تحسنت حالتي، وتوقفت عن الإدمان، ولا أستطيع أن أصف مقدار الندم الذي شعرت به بعد وفاة والدتي، ولكن كل ما أرجوه هو أن يغفر الله لي ويحسن مثواها ويقبل توبتي».