"فيحان".. شاب انفصل والداه وتحولت حياته إلى جحيم، فعاش حياة اليتم، والضياع والتشرد، بسبب الطلاق وزواج أمه، ووفاة والده بالسجن، وتفرقه عن أسرته ثم رفضه عائلة والده، ما دعاه للخروج من المدرسة، وسلوك طريق المخدرات، إلى أن عاد لرشده بعد 26 عاماً من الضياع، حيث احتفل مؤخراً بحفل زواجه من فتاة رغم معرفتها بماضيه، ومعرفة أسرتها، وإدمانه وترويجه للمخدرات. أسباب اجتماعية ويروي قصته التي تعد نموذجاً للشاب السعودي الذي أجبرته الظروف على الانحراف، ومن ثم التوبة، والعودة، والدعوة إلى الله، وقال: إن قصتي بدأت منذ كان عمري سنة وثلاثة أشهر، حيث طلق والدي والدتي، وبدأت حياتنا بالضياع، والتشرد، حيث دخل والدي السجن، وأمي أخذها أهلها وزوجوها، وأخي الصغير تكفلت به إحدى قريباتنا، أم أنا فأخذتني جدتي لأبي، وعشت في كنفها حياة المشردين والخدم، فكانت تضربني وتقسو علي وتكويني بالنار، فأخذت بالتنقل من بيت لآخر، وكان منهم من يطردني، ومنهم من يقول بأن والدي مات بالسجن، ومنهم من يسمعني الكلام الجارح والسيء، وجعلوا حياتي جحيما لا يطاق. زوج الأم يرفضه!! وعند بلوغه تسع سنوات يقول: تركت الدراسة، وبدأت رحلتي المأساوية في البحث عن أمي، حتى وجدني بعض أهل الخير فذهبوا بي إلى أمي، وللحظة اعتقدت وأنا في طريقي إليها أني سأجد السعادة بحضنها الدافئ وقلبها الحنون، ولم تكن تعرفني فهي منذ عشر سنوات لم ترني!! ولم يبتسم لي الحظ بعد؟، فهي متزوجة وزوجها لم يتقبلني، فلم أهنأ بلقائها، فعدت من جديد لحياة الضياع، لأجد نفسي ضيفاً بدار الأيتام في مدينة أبها، وما كان يؤلمني حقاً أني لم أكن مقطوعاً من شجرة بل لي أم، وجدتي مازالت على قيد الحياة، وأعمامي الذكور منهم ما يقارب العشرون، والإناث أكثر من خمس عشرة، وجميعهم أخبروني أنهم لا يريدونني لأن أبي مات في السجن، وقد حملوني ذنباً لم أرتكبه! بداية الانحراف والضياع عقب ذلك بدأت رحلة الدمار، وبدأت أتعاطى المخدرات، وأروجها، وأسافر من مكان لآخر، ومن منطقة لأخرى، ذهبت للطائف، ومكة، وجدة، والشرقية، والرياض، وشرورة، وغيرها، ويضيف: لم أدخل السجن، ولكن أوقفت كثيراً، ودخلت مستشفى الأمل عدة مرات، وفي إحدى هذه المرات قررت أن اسلك طريق الهداية، وأن استقر فتزوجت من امرأة عمرها فوق الخمسين لعلها تعوضني ما فات، تحمل الجنسية المصرية، وهي مطلقة لديها ستة أطفال من رجل آخر، ولكنها دمرت حياتي، و آذتني كثيراً، وأهملتني، وحولت حياتي جحيماً، وزادت معاناتي معاناة، عندما أنجبت منها طفلة، وأنا ضائع، فلم تكن أم طفلتي عونا لي، بل جحيماً!، ودمرتني أكثر من ذي قبل، تركتها بعد ما يقارب سنة من الزواج، وبدأت ارتحل مرة أخرى من مكان لآخر، أحياناً أذهب لزيارة أمي، ولا أجد قبولاً، فلا أحد يريدني، فتعمقت في التعاطي، وصرت أسعى بلا هدف، وليس لي غاية، ولا طموح في حياتي، فليس هناك ما أسعى من أجل تحقيقه. لقاء أخي مرت الأيام وفجأة وجدت أخي الأصغر، وفرحت به كثيراً، وكان أفضل مني بكثير، ويبدو عليه أنه مستقيم ومرح، كما تبدو عليه علامات الراحة، فقد حظي بعناية، واهتمام، وتربية أفضل مني، فالمرأة التي ربته قد أحسنت تربيته ومعاملته، وما استطعت أن أفرح به، إلا بلغني نبأ وفاته في حادث مروري، عندها وقف قلبي، واسودت الدنيا في عيني، فقد فقدت بفقده كل الدنيا، وازداد حالي سوءاً بعده، لم تكن حياتي سوى قشة تهوي بها الريح حيث تشاء، أفرطت في التعاطي، ودخلت مستشفى الأمل وأخبرني الطبيب بأني سأموت ثم خرجت. التفكير في التوبة بدأت أفكر في الاستقامة، والاستقرار، والسعادة، واللجوء إلى الله، وفي إحدى ليالي رمضان وفي العشر الأواخر، وأنا في سيارتي كنت استمع لأنشودة، وقد كان لوفاة أخي الأثر الأكبر في هدايتي، وقتها بكيت، وتألمت، وندمت، ثم عزمت على العودة لله، وقمت من لحظتي بشجاعة، وأتلفت كل الحرام من مال، ومخدرات وغيرها، ونهضت من وحل الرذيلة، وركام الذنوب، وبراثن المعاصي، وتطهرت، وخرجت أعلن توبتي، حتى صرخت عل أن تخرج معها أسقامي، وأوجاعي، وعدت من الصفر، لبدء الحياة الحقيقية ففررت إلى الله، وفعلا شعرت بالراحة، ولأول مرة استقرت حياتي، ووجدت من أهل الخير من أعانني على الثبات والطاعة، واستطعت أن أشق طريق حياتي، وأتم الله علي بالزوجة، والبيت، والحياة الحقيقية. الزواج والعمل.. تقول زوجته: إن الفتاة لابد وأن يكون لديها الوعي الكافي لتقبل بشاب أجبرته ظروفه على فعل أمور خارجة عن ثقافة المجتمع أو مخالفات شرعية، ومن حقه بعد توبته النصوحة أن يتقبله المجتمع، وأن يعفو عنه، وهذا حالي مع فيحان الذي عاش يتيماً، وكانت قصة حياته معاناة كبيرة، أجبرته على ارتكاب الأخطاء، وأن هناك فئتين يحتاجان إلى نظرة إنسانية، وموضوعية من الفتيات، وهم فئة المعاقين، والشباب الذي كان لهم ماض وأجبرتهم ظروفهم على الانحراف، ثم عادوا إلى الله، ومن الظلم أن يتخلى عنهم المجتمع، فطالما أنه تاب، فلماذا لا نرضى ونعفو عنه؟ وتضيف: إن ولاة الأمر في وطننا الغالي وقفوا إلى جانبه، ودعموا توبته، وقد أخذت على عاتقي أن أعوضه عن حرمانه من الحنان، والعطف، وان أكون سنداً، وعونا له، على هذه الحياة ليكون لدينا أسرة ولبنة من لبنات المجتمع. ويشير فيحان إلى أنه يعمل موظفاً بوزارة التربية والتعليم، ومغسل أموات، ومعالج اجتماعي ونفسي من الإدمان، مؤكداً على أنه يقدم تجربته لبيان حجم آثار تخلي الأسرة عن ابنائها، وما ينتج عنه من انحراف وإساءة للمجتمع.