منذ عقدين برزت مهنة المندوبين بالوكالة أو ما يسمى محليا «المعقبين» وسرعان ما أخذت مكاتب التعقيب تنتشر بالقرب من الإدارات الخدمية مثل الجوازات ومكتب العمل وغيرها من المكاتب الخدمية، ويتنافس ملاك هذه المكاتب في حجم لوحات مكاتبهم وزخرفة وإضاءة واجهاتها التي تضمنت بعض العبارات عن مستوى وأنواع الخدمات التي يقدمونها للزبائن من باب الإعلان للفت أنظار الفئات المستهدفة من المراجعين والمراجعات من المواطنين والمقيمين. مع الوقت نمت مهنة التعقيب وتحول بعض قدامى العاملين فيها الى ملاك لمكاتب كبرى توسعت أعمالها وانتشرت فروعها في مناطق ومحافظات عدة، بعد أن استقطبت أعدادا كبيرة من المنخرطين الجدد في التعقيب، بينما ملاكها تحولوا إلى مديرين لا يعقبون على المعاملات الا في حالات نادرة أو «مستعصية»، وهناك من نجح في عمله وتوسع نشاطه حتى اقتحم سوق المال والاعمال مستفيدا من العوائد المالية الضخمة التي تمكنوا من تدويرها في مجالات تجارية كالعقارات أو بعض الانشطة التجارية الاخرى. ومع مرور الوقت دب التكاسل بشكل كبير بين أوساط المراجعين وبدأت تزدهر نشاطات مكاتب التعقيب وقامت بعض الشركات الكبرى والمؤسسات بالتعاقد مع بعضها لتخليص معاملات مكفوليهم، بينما شرع البعض الآخر في توظيف بعض المعقبين ممن اكتسبوا شهرة وسمعة واسعة بمرتبات ضخمة، ما أدى الى ركون أغلب المراجعين والمراجعات الى المعقبين كبديل لحل بعض الاشكاليات. لقمة العيش وبين علي الزهراني أن توجهه إلى قطاع الخدمات العامة لكسب لقمة العيش جاء بعد تفكير جاد وبحث مضن عن العمل، ما اضطره الى اقتحام هذه المهنة وخوض غمارها وهي لا تحتاج إلى أكثر من القدرة على تحمل أعباء متابعة معاملات السعوديين والعمالة الأجنبية. ويرى الزهراني ان المهنة ساهمت في حل مشكلة البطالة ومكنت بعض الشباب من الحصول على مصدر رزق مناسب ساعدهم في اعالة اسرهم وتدبر أمور معيشتهم. وقال «أبرز ما يواجههم من مصاعب يتركز في عدم التنظيم وتداخل الاجراءات بين بعض الادارات، ما يضطرون أحيانا للوقوف أمام بوابات مكاتب العمل والجوازات قبل صلاة الفجر للحصول على رقم متقدم او الدخول سريعا الى مواقع الاستقبال فور فتح بوابات الجهة التي يصطفون أمامها». الركض المستمر من جهته، ذكر احمد الغامدي ان «البعض يرى اننا نستغل الزبائن ونفرض عليهم رسوما باهظة نظير انجاز معاملاتهم بينما الواقع غير صحيح، وما نتقاضاه من بعض المعاملات لا يمثل ولو جزءا بسيطا من المشقة التي نعانيها خلال وقوفنا في طوابير الانتظار الطويلة أو الركض المستمر من قسم لآخر في سعينا لإنجاز المعاملات»، مطالبا من المعنيين في الجوازات ومكاتب العمل بتسهيل مهامهم وإيجاد آلية تمكنهم من إنهاء إجراءات موكليهم من خلال تشكيل اقسام مشتركة واستحداث فروع يتم توزيعها بشكل مناسب في جهات المحافظة. قلة محظوظة أما صابر الحرشني فقال «رسوم التعقيب لم تتغير ومعظم المكاتب ما زالت كما هي تتقاضى مبلغ 200 ريال لتجديد الاقامة و300 ريال للتجديد والخروج والعودة»، ويضيف «أجرة معاملات التصحيح مقدارها 500 ريال للمعاملة الواحدة، ولا يتمكن البعض نظرا لتعدد الاجراءات وتباعد المواقع التي نحتاج الى مراجعتها من اتمام سوى معاملة واحدة وذلك بسبب الزحام والانتظار الطويل»، لافتا الى أن نقل وتصحيح وضع عامل هارب مثلا يتطلب إجراءات عدة في جهات حكومية مختلفة مثل مصلحة الزكاة والتأمينات الاجتماعية إلى جانب وزارة العمل والجوازات. بدوره أشار سعد الحربي (جامعي امتهن التعقيب) إلى أن تخصصه في الجغرافيا أدى الى عدم حصوله على وظيفة في التدريس، لكن عمله في مجال الخدمات العامة در عليه أموالا كبيرة ما مكنه بعد عامين من شراء منزل خاص، إضافة إلى رصيد جيد في البنك وقال»أنا من القلة المحظوظة التي توفر لها التحصيل العلمي الجامعي والعمل المربح» مبينا ألا رغبة لديه في الوقت الحالي للعمل الحكومي كون الوظيفة أصبحت لا تلبي طموحاته، مشيرا الى نيته ترك مهنة التعقيب قبل انتهاء مهلة التصحيح في شهر محرم المقبل، والانتقال الى المدينةالمنورة للسكن بجوار والديه وزوجته وأطفاله بعد تحقيق نجاح في تجارة العقار التي استثمر فيها جزءا كبيرا من العوائد المالية التي حصل عليها خلال 15 عاما قضاها معقبا. حد الكفاف في المقابل أوضح أبو خالد (فضل عدم الكشف عن اسمه كاملا)، أن الحظ لم يحالفه كالآخرين في الحصول على الثراء من هذه المهنة وقال «منذ عشر سنوات وأنا يوميا بالكاد أتمكن من إتمام معاملة أو ثلاث وما أتحصل عليه من مردود مالي في أغلب الاحيان لا يصل بي وبأسرتي الى حد الكفاف من العيش، ولكن أنا قانع وأحمد الله على ما قسمه لي من رزق». انعدام الصبر ويرى احمد سعيد (أحد قدامى المعقبين)، أن انعدام الصبر بين بعض المستجدين في مهنة التعقيب خصوصا فئة الشباب وعدم تحملهم مشقة الوقوف في الطوابير الطويلة أدى الى فشل بعض المستجدين، مستشهدا بتجربة أحد أقربائه الذي بدأ مسيرة التعقيب بافتتاح مكتب صغير لكنه لم يتمكن من التأقلم مع رغبات بعض العملاء، ما دفعه للدخول في إشكالات عدة بالإضافة الى ارتكاب تجاوزات للانظمة والوقوع في جريمة التزوير لبعض الوثائق نظرا لبحثه عن المال السريع، وكانت نهايته وراء القضبان. تأخير المعاملات أما أحمد الاسمري الذي يعاني من اعاقة في احد اطرافه فقال «كثير من موظفي الجوازات يرفضون استلام معاملتين ويكتفون بواحدة بهدف إتاحة المجال للغير وهو ما يكبدنا الكثير من الخسائر والتأخير في معاملاتنا التي تجعل زبائننا يتهموننا بالتقصير وعدم العمل الجاد في التخليص». وأضاف «لو تمكن المعقب من إنهاء معاملتين بشكل يومي فلن يتجاوز دخله الشهري 2400 ريال، فيما إيجار مكتب الخدمات لا يقل عن 1500 ريال وراتب موظف الاستقبال 1500 ريال وراتب المعقب 3000 ريال أي ما يقارب 6000 ريال بخلاف الفواتير والمصروفات الأخرى، لذلك فضل الكثير من أصحاب المكاتب الاستغناء عن الموظفين والعمل بأنفسهم حتى يتمكنوا من تغطية المصاريف والخروج بهامش ربح بسيط خصوصا في ظل الانتشار الكبير لمكاتب الخدمات». وتابع الأسمري «يشهد سوق عمل المعقبين منافسة شديدة من قبل من يدعون المقدرة على إنهاء الإجراءات بشكل سريع حتى مع وجود مخالفات او نقص في المستندات، ما يغري المخالفين لدفع المزيد في سبيل إنهاء معاملاتهم» لافتا الى أن تزايد اعداد العاملين في هذه المهنة سبب بعض التجاوزات التي يشترك في انتشارها الموظف والمعقب فالأول قد يعطل بعض المعاملات ببيروقراطية ومزاجية في بعض الأحيان ما جعل بعض المعقبين يلجأون لتسويق خدماتهم على المواطنين بقدرتهم على تجاوز كافة الإجراءات البيروقراطية. منافسة شديدة وتحدث عابد الجهني عن المحسوبيات التي يتحصل عليها بعض المعقبين الذين يستطيعون إنهاء إجراءاتهم بطريقة تتجاوز الخطوات النظامية، مشيرا في الوقت ذاته الى وجود وافدين يعملون معقبين ويعتبرون من المتمكنين الذين نافسوا وضيقوا على المواطن في عمله، وبين أن العمالة الأجنبية تملك نسبة كبيرة من المكاتب المنتشرة حول الجوزات بأسماء سعوديين ويقومون بإدارتها، وطالب من المعنيين في الجوازات ومكتب العمل تمكين المعقبين من الحصول على تسهيلات وخدمات تقارب ما يتحصل عليه مندوبو الشركات الذين يستطيعون تخليص الكثير من الإجراءات بكل يسر وسهولة مشيرا الى أن ذلك سيساهم في تعزيز هذه المهنة التي يعمل بها شريحة كبيرة من المواطنين. خدمات إلكترونية المديرية العامة للجوازات أعلنت في تصريح سابق تحديد نهاية شهر ذي القعدة المقبل كآخر موعد لاستقبال إدارات الجوازات في مختلف مناطق المملكة لأصحاب المؤسسات الفردية التي يبلغ عدد عمالتها (100) عامل فأقل وأن على أصحاب تلك المؤسسات تنفيذ خدماتهم كإصدار وإلغاء تأشيرات السفر وإصدار وتجديد إقامات عمالتها من دون الحاجة لمراجعة إدارات الجوازات لتنفيذ تلك الخدمات، وأكدت أن تاريخ 1/11/1434ه هو آخر موعد لاستقبال مراجعي أو مندوبي تلك المؤسسات في جميع إدارات الجوازات في مناطق ومحافظات المملكة وأن جميع تلك الإدارات ستتوقف عن استقبال المراجعين وسيتم إنهاء إجراءات تلك المؤسسات عن طريق الخدمات الموجودة على موقع المديرية العامة للجوازات من خلال التسجيل عبر موقع وزارة الداخلية (www.moi.gov.sa) الإلكتروني أو عبر موقع الجوازات (www.epassport.gov.sa). المؤسسات الفردية وأعلنت المديرية العامة للجوازات عن بدء صدار الإقامة الالكترونية وتجديدها عبر موقع وزارة الداخلية لأصحاب المؤسسات الفردية التي لديها (100) عامل فأقل مباشرة عبر الاشتراك المجاني في موقع وزارة الداخلية أو عبر موقع الجوازات، وأوضحت أنه تم تحديد بداية شهر ذي القعدة المقبل 1/11/1434ه موعداً لإيقاف العمل في إدارات الجوازات في مختلف مناطق ومحافظات المملكة رسميا للمؤسسات الفردية، حيث يعتبر هذا التاريخ انطلاقة ايقاف استقبال جميع المؤسسات الفردية والمقصود بها التي تبدأ ب(1) إلى (100) ويستطيع صاحب المؤسسة الآن التسجيل في الموقع الالكتروني برقمه الفردي ثم يطلع على بياناته الشخصية وجميع التفاصيل التي تتعلق بسجله الخاص، كما يمكنه الاطلاع على كافة بيانات مؤسسته بجميع الأنشطة شريطة أن تكون تلك الأنشطة المجموع النهائي لها (100) عامل فأقل، كما أشارت المديرية العامة للجوازات الى خطتين للعمل في هذه المرحلة، الأولى أنه يستطيع صاحب العمل تفويض من يرغب ولا بد أن المفوض يكون مسجلا عبر البوابة الالكترونية وتقبل أن يكون ذكرا أو أنثى وأصحاب المؤسسات وتقبل أيضا الإخوة المقيمين فبإمكان صاحب المؤسسة أن يفوض من يرغب فيه وستكون هذه خطوة قادمة قريبا، والثانية العمل اليومي هو خاص بدخول صاحب المؤسسة فقط التي تبدأ بالرقم (1) إلى ( 100) والدخول على جميع العمليات التي يرغب تنفيذها للمؤسسة التابعة له باختلاف النشاطات.