تجسد حلقات تحفيظ القرآن الكريم التي تنتشر بكثافة في المسجد النبوي الشريف هذه الأيام، روحانية شهر رمضان الكريم، وتلاحم المسلمين وتعاضدهم، إذ تجد في كل حلقة زوارا ومعتمرين من جنسيات مختلفة، المصري بجانب المغربي، والإندونيسي يتدبر معاني كلام الله مع التونسي والعماني والهندي، في صورة جميلة تعكس عظمة الدين الحنيف، وسمو أهدافه. وعلى الرغم من أن أولئك توافدوا من أماكن بعيدة لأداء العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف، إلا أنهم قرروا أن يبقوا قرب بعضهم البعض داخل المسجد النبوي يقرأون «كتاب الله» ويتدبرون آياته. والزائر لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خلال الشهر الكريم يلحظ أن تلك الحلقات تبدأ بعد عصر كل يوم من شهر رمضان المبارك، وباتت معروفة للكثير من المعتمرين والزوار، ويشاركهم فيها عدد من حفظة كتاب الله المتواجدين في المسجد النبوي بصفة دائمة، حيث يتم في هذه الحلقات تدريب الزوار على القراءة الصحيحة، وذلك من خلال دروس في أحكام تجويد القرآن الكريم، كما تميزت حلقات تحفيظ القرآن الكريم بتنوع الجنسيات، حيث تجد زوار من المغرب العربي، وآخرين من مصر، وعدد من زوار دول آسيا المختلفة، وتستمر حلقات تحفيظ القرآن الكريم إلى قبيل وقت الإفطار ويحرص الكثير من العلماء والمشايخ في المسجد النبوي الشريف على زيارة هذه الحلقات وتقديم العديد من التوجيهات التي تساعد في حفظ القرآن الكريم، بينما يتنافس الزوار والمعتمرين من خلال تواجدهم في حلقات تحفيظ القرآن الكريم على حفظ أكبر قدر من الآيات. أكد المصري خالد عبدالصمد أنهم يحرصون استغلال ال 10 الأيام التي يقضونها في المسجد النبوي في حضور الدروس التي تقام يومياً هناك موضحا أنهم أثناء تواجدهم في المسجد النبوي الشريف يتعرفون على كثير من الزوار من مختلف الجنسيات. وبين أن ذلك قادهم لفكرة إنشاء حلقات لتحفيظ القرآن الكريم، والاستعانة بعدد من الحفظة المتواجدين بصفة دائمة في المسجد النبوي الشريف يتعلمون منهم أحكام التجويد، وتصحيح القراءة. إلى ذلك ذكر حلمي عبدالغفار من مصر بأن هذه الحلقات تعود عليهم بالنفع الكبير، لافتا إلى أنهم يتعلمون كثيرا من حفظة كتاب الله المتواجدين في المسجد النبوي الشريف، وذلك من خلال دروس مكثفة في أحكام التجويد وطرق القراءة الصحيحة. وأفاد أن الكثير من الزوار والمعتمرين تعرفوا على تلك الحلقات وأصبحوا حريصين عليها وذلك من خلال تخصيص أكثر من ساعة يومية لحفظ عدد من الآيات على أيدي حفظة كتاب الله في المدينةالمنورة، لافتا إلى أن هذه الحلقات باتت تشهد اليوم تنافساً بين جميع الدارسين في أكثرهم حفظاً للآيات في أقل وقت ممكن. من جهته أعرب المغربي أحمد الداوودي عن سعادته الغامرة بقضائه أجواء جميلة ورحانية في المسجد النبوي خلال شهر رمضان يتدبر فيها آيات القرآن الكريم، ويتعلم قراءته بالطريقة الصحيحة وحفظ أجزاء منه، لافتا إلى أنه لم يكن يفعل ذلك لو كان في أي مكان آخر غير الحرمين الشريفين. وذكر أنه تعرف على كثير من المسلمين من أنحاء المعمور خلال جلوسه في حلقات التحفيظ، معتبرا ذلك مكسبا كبيرا جناها من خلال زيارته للمسجد النبوي، مؤكدا أنه سيواظب على قراءة القرآن الكريم فور عودته لبلاده المغرب. يذكر أن وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي ترعى حلقات تحفيظ القرآن الكريم وتعليمه للحفاظ والقرّاء، وهيأت وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي لها المدرسين وخصصت لها مواقع مناسبة في المسجد ووفرت لها فريق العمل لتنظيمها والإشراف عليها ومتابعة طلابها من حيث الحفظ والتمسك بالآداب والأخلاق الإسلامية واتباع آداب المسجد النبوي تحت إشراف إدارة التوجيه والإرشاد قسم التدريس.