وسط زحام وزخم طاغٍ من الأعمال السياسية والاجتماعية التي ترصد التحولات العنيفة في المجتمع المصري يأتي مسلسل (فرح ليلي) ليعزف في اتجاه مغاير حول مشاكل العنوسة ومخاوفها، بالموازاة مع مشكلات الزواج العرفي الذي ينعكس على المجتمع في تعقيدات غير مألوفة، وذلك من خلال نموذجي (ليلى وشقيقتها مي) تسعى الأولى إلى الاستمتاع بالحياة والتفاؤل رغم تجاوزها سن الأربعين من عمرها ورفضها الزواج خوفا من سرطان الثدي الذي أصاب معظم عائلتها ونتج عنه وفاتهن في سن مبكرة، حتى يظهر في حياتها أدهم (فراس سعيد) مقتحما حياتها ومحاولا تغيير أسلوبها ونظرتها للحياة.. وهي تحمل هموم شقيقتها الأصغر مي التي لجأت للزواج العرفي من زميلها وحملت منه، وحين جاء موعد التقدم الرسمي للزواج منها يهرب الشاب، في حين تسعى ليلى لمعالجة الموقف دون اكتشاف الأب خوفا عليه من أزمة كبيرة، وخوفا على شقيقتها من فضيحة متوقعة، ويستعرض المسلسل خلال ذلك حكاية الجار المضطرب نفسيا، والذي يعشق ليلى وينتظر إشارة منها للموافقة على الزواج في حين أنها تجد نفسها أكثر اندماجا مع شخصية أدهم الفنان المتفتح الذي عصرته الحياة ويبحث عن أمه المفقودة منذ سنوات، فيعلن عن بحثه عنها بالصحف ويتعرض للنصب.. ووسط هذه العلاقات المتشابكة بين ليلى ومي ووالدهما من جهة، وبينهما وبين الشاب الهارب من الزواج (نادر)، وكذلك أدهم وحسن من جهة أخرى يحاول المسلسل أن يقدم بانوراما لمجتمع يقاوم العديد من التغيرات السريعة السلبية على الأسرة والجيران والأصدقاء ويهدد بحالة تفكك مزمنة. فهناك حالة من الشجن النبيل بين ثنايا الأحداث وأمومة ناعمة تتسرب في علاقة الشقيقة الكبرى بالصغرى.. ورومانسية وحلم محبط بفستان الزفاف رغم الرفض والخوف والتمرد. والمسلسل قصة وإخراج خالد الحجر وسيناريو وحوار عمرو الدالي وبطولة ليلى علوي وفراس سعيد وعبدالرحمن أبو زهرة ودعاء طعيمة ونادية خلف ونيرمين ماهر وأحمد كمال وشريف باهر، وهو ليس التجربة الأولى التي جمعت المخرج والنجمة ليلى علوي، فقد سبق وقدما فيلم (حب البنات)، وكان هذا المسلسل مشروع فيلم سينمائي قبل أن يتحول لمسلسل يغلب عليه المط والتطويل، مثل معظم المسلسلات المصرية بهدف المكسب.. فنحن إزاء حوار يتكرر عشرات المرات بين الأب وابنته التي يتمنى أن يراها متزوجة قبل أن يموت.. وأمام عشرات المشاهد والحوارات التي يتم فيها البحث عن نادر الهارب والذهاب لمنزله ولقاءات معه من الأختين.. وأمام تكرار ونقلات ليس بها أي مفاجآت لتبدو كل الحلقات عبارة عن تنويعات مكررة على نفس المضمون، كما تبدو شخصية الأب شديدة السذاجة في التعامل مع بناته، ويبدو كما لو كان وجها آخر لشخصية الجار المضطرب نفسيا الذي لا يعرف كيف يتعامل مع مشاكل الحياة ويحمل بداخله رومانسية لا تناسب هذا الزمن المعقد.. أما شخصية ليلى التي تقضي وقتها بعملها في تنظيم حفلات الزفاف، وهو ما يذكرنا بشخصية جنيفر لوبيز فى فيلم (منظمة حفلات الزفاف) دون أن ترتدي هي شخصيا هذا الفستان، في مفارقة درامية مقصودة، فقد اجتهدت في تقديم الدور على نحو متميز مثلها مثل باقي أبطال هذا العمل، ولكن تظل الرتابة والتكرار وعدم اختصار الحلقات هي المشكلة الرئيسية التي واجهت هذا المسلسل.