10.1 تريليونات قيمة سوق الأوراق المالية    1% انخفاضا بأسعار الفائدة خلال 2024    تستضيفه السعودية وينطلق اليوم.. وزراء الأمن السيبراني العرب يناقشون الإستراتيجية والتمارين المشتركة    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    البرهان يستقبل نائب وزير الخارجية    كاساس: دفاع اليمن صعب المباراة    قدام.. كلنا معاك يا «الأخضر»    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    إحالة ممارسين صحيين للجهات المختصة    جواز السفر السعودي.. تطورات ومراحل تاريخية    حوار «بين ثقافتين» يستعرض إبداعات سعودية عراقية    5 منعطفات مؤثرة في مسيرة «الطفل المعجزة» ذي ال 64 عاماً    التحذير من منتحلي المؤسسات الخيرية    لمن القرن ال21.. أمريكا أم الصين؟    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    استشهاد العشرات في غزة.. قوات الاحتلال تستهدف المستشفيات والمنازل    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    مترو الرياض    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    مشاهدة المباريات ضمن فعاليات شتاء طنطورة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    المملكة واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    المملكة ترحب بتبني الأمم المتحدة قراراً بشأن فلسطين    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية سينمائية
نشر في المدينة يوم 16 - 02 - 2011


الطبقة الكادحة والمشاعر الإنسانية و“رصاصة طائشة”
الفيلم لبناني.. تأليف وإخراج جورج هاشم.. بطولة نادين لبكي والممثلة تكلا شمعون..
تدور أحداث الفيلم في عام 1976 فقد بدأت الحرب في 1975تلتها هدنة هشة وتبادل تراشق إطلاق النار بين الماليشات ممّا عرّض مواطنين أبرياء للقتل جراء الرصاص الطائش..
المخرج كتب هذا العمل متعرضًا لأسرة من الطبقة المتوسطة الكادحة..
تعمل البطلة نهى (نادين لبكي) مدرّسة وأختها الكبرى ليلى والتي فاتها قطار الزواج تقيس فستان زفافها الذي لم يتم على أختها.. تحدث بينهما مشادة فترفض نهى لبس فستان أختها وتعتبره فألاً سيئًا.. من الحوار بين الأختين تتضح فروق الشخصيتين.. فالكبرى ليلى مستسلمة لقدرها.. بينما الصغرى نهى تناضل ضد مجتمعها الظالم والتقاليد البالية التي تفرض على الفتاة الشرقية الزواج حتى لا تصبح عانسًا كأختها الكبرى.. وليس المهم أن تحب العريس.. ولكن ما يهم مجتمعها هو الإطار الزائف.. زوج وزوجة وأولاد.. بينما خطبيها السابق عاجز على أن يفي بوعده لها بالزواج لعدم رضاء أمه على العروس..
الفيلم يغلب عليه الجو الرومانسي السلس في تتابع الأحداث حتى أن حادث القتل في الأحراش ثم اقتياد الماليشيات لجوزيف (الخطيب السابق لنهى والذي تقابله لآخر مرة قبل أن تتزوج) جاء سلسًا في التنفيذ، فلم يلجأ المخرج للقطات الإثارة والحركة، بل استخدم أسلوب استعراض الكاميرا وتتابع يوضح الحدث، وفي نفس الوقت خوف متبادل بين الماليشيات والشخص المقتاد أمامهم جوزيف بينما نهى ترجع إلى بيتها متعبة محطمة سيرًا على الأقدام.. لم يهتم المخرج بمتابعة هذا الحدث للجمهور.. بل تابعت الأحداث مع عائلة نهى وعزيمة خطيبها فى منزل شقيقها الأكبر عساف.. الأم رمز الحنان تنتظر نهى وتصحبها لمنزل الابن حيث ينتظر أهل العريس، وليلى قدوم العروس الذي يظهر عليها اليأس والإحباط..
استخدم المخرج لقطات طويلة وحركة الكاميرا البطيئة والإضاءة الخافتة في أغلب الفيلم، كما أن الموسيقى والمؤثرات والأغاني المختارة عبّرت بشكل جيد عن الحقبة المظلمة التي مرت على لبنان وشعبها، فقد نجح المخرج في نقل الإحساس بالإحباط والملل للجمهور المتلقي، إلاّ أن النهاية كانت قاتمة بالبطلة التي ناضلت ورفضت أن تتزوج مُرغمة وصدمت بموت أمها برصاصة طائشة فما كان منها إلاّ أن تدخل في اكتئاب وترفض الكلام وهو ما قد يؤدي إلى الوفاة، بينما أخيها عساف يهاجر هو وعائلته إلى قبرص، وشقيقتها ليلى تنتقل إلى منطقة أخرى أكثر أمنًا ولا تتمكن من زيارتها إلاّ في النادر..
ينتهي الفيلم بلقطة تأخذ في البعد والتسامي إلى نهى وهي على سرير المستشفى تتأمل طرحتها البيضاء التي لم تلبسها.. حرب عبثية أدّت إلى نهاية محزنة..
الفيلم إهداء إلى أختي.. وعندما سألنا المخرج ماذا يقصد أوضح لنا أنه يقصد العلاقة بين الأشقاء أو العلاقة الإنسانية بين البشر دون النظر إلى الانتماء الحزبي أو العرقي..
فيلم جيد مليء بالمشاعرالانسانية.
“مسلم”.. دعوة للتسامح الديني والأخوة بين فئات المجتمع
الفيلم الأمريكي “مسلم”.. للمخرج الشاب قاسم الأمريكي الإفريقي..
الفيلم يستعرض لنا عائلة أمريكية مسلمة والصراع بين الأم (الممثلة المعروفة نيالونج) المعتدلة دينيًّا والملتزمة بتعاليم الإسلام الحنيف بمرونة ودون مغالاة، والأب المتشدّد الذي يصر على إدخال ولده مدرسة لتحفيظ القرآن مديرها أمريكي باكستاني متطرف، ممّا يدفع بالأم أن تنفصل عن زوجها ويتفقان أن تتولى هي تربية ابنتها (تقوى) بينما يتولى هو تنشئة الابن (طارق)..
الفيلم يركز على سلوك الولد والبنت تجاه المجتمع المحيط بهما، فطارق يحاول اخفاء هويته الإسلامية بين أقرانه في الجامعة ولا يشتكي لوالده من المعاملة العنيفة التي عومل بها في مدرسة تحفيظ القرآن وهو صغير ممّا ولّد لديه عقدة وخلل في شخصيته فهو يجامل زملاءه فى الجامعة ويخفي هويته الإسلامية ويطلب منهم مناداته t اختصارًا لاسمه..
بينما اخته التي تربّت مع أمها باعتدال لا تخجل من كونها مسلمة وتعيش حياتها الجامعية بثقة مع الاختلاط بزملاء الجامعة في حدود تقاليدها الإسلامية دون أن تثير حفيظة أحد..
يعرض لنا الفيلم هيئة التدريس في الجامعة نموذجين من أعضائها، رئيس الجامعة فرانسيس (قام بدوره الممثل المعروف داني جلوفر) وهو ينصح الأستاذ جمال (المدرّس المسلم المحبوب وسط طلبته) أن لا يعلن أنه مسلم حتى لا تنقطع إعانة ممولي الكلية لأنهم بيض بروتوستانت، وهذا قمة النفاق الاجتماعي من رئيس الجامعة والذي يحاول أن يفرض وصايته الفكرية على الأستاذ جمال، ولكن جمال يرفض ولو أدّى ذلك إلى استقالته..
يستعرض لنا المخرج الطالب المسلم حمزة (زميل طارق في السكن الجامعي) وخطيبته.. ومسلم واضح متصالح مع نفسه هو وخطيبته ويتعامل مع باقي الزملاء على اختلاف معتقداتهم بسلاسة دون عقد أو مشكلات..
يستغل المخرج أحداث 11/9/2001 للوصول إلى الاحتقان الذي حدث بالمجتمع الأمريكي بين مؤيد للمسلمين ورافض، من خلال تعرّض الفتيات المسلمات في أمريكا للاضطهاد من زملائهم بالجامعة، ممّا يدفع طارق للدفاع عنهم وإعلان أنه مسلم، بينما يقف في صفه أحد الزملاء المعتدلين ويدافع معه عن شقيقته (تقوى) وزميلتها خطيبة حمزة..
من الجهة الأخرى، يقدم العميد فرانسيس استقالته من الجامعة بينما يبقى جمال الأستاذ صاحب الأفكار الحرة الليبرالية ومقبل من طلبته على اختلاف معتقداتهم..
الفيلم دعوة للتسامح الديني والأخوة بين فئات المجتمع، وخاصةً الأمريكي الذى مازال يعانى من العنصرية..
استخدم المخرج أسلوب العودة إلى الماضي (flash back)، وخاصةً مع البطل طارق، لإظهار التعذيب البدني الذي تعرّض له فى المدرسة الدينية والتعذيب النفسي الذى تعرّض له من قبل والده..
الصورة تعبّر عن الشاهد.. تتابع للقطات والموسيقى التصويرية وكان اختيارها بين الشرقي والغربي جيدًا طبقًا لتتابع المشاهد، إلاّ أن المخرج أوقعنا في التباس بداية استخدامه للعودة إلى طارق وهو طفل لكنه تدارك هذا الأمر واتّضح المعنى.
قيمة فكرية عالية وإدانة لحرب العراق في «المنطقة الخضراء»
«المنطقة الخضراء» .. فيلم إمريكي للمخرج بول جرين جراس.. بطولة الأمريكى مات ديمون وخالد عبدالله (العربي المقيم بإنجلترا)..
تقوم أحداث الفيلم في العراق بعد دخول الجيش الأمريكي بثلاثة أيام وقد أُرسلت فرقة خاصة بقيادة الضابط مات ديمون لاكتشاف أسلحة الدمار الشامل.
يعرف المواطن العراقي فريد أو فريدى بأمر هذه الفرقة ويعرض عليهم التعاون من منطلق وطني للقبض على محمد الدوري الذي أعطى للمخابرات الأمريكية معلومات خاطئة عن أسلحة الدمار الشامل وهو التبرير الذي حاول به الأمريكان إقناع العالم لشن حرب العراق.
الفيلم يدور في جو قاتم معبّر عن الأحداث الدائرة في العراق.. من سجن وتعذيب وقتل وتفجيرات.. في إطار محاولة الضابط المكلف بالبحث عن الحقيقة وذلك بالقبض على محمد الدوري حياً، إلا أن فريقا آخر من
الإدارة الإمريكية تريد تصفيته حتى لا تنكشف الكذبة التي برّرت لهم حرب العراق.
الفيلم إدانة واضحة ضد الحرب وتخبط وصراع بين الإدارات.
الشاب العراقى فريدي يصوره الفيلم بأنه متعاون مع المجموعة التي تبحث عن الحقيقة من منطلق وطني وحبه لبلده وليس واشياً أو خائناً حتى إنه ينفّذ إعدام الدورى رمياً بالرصاص دون إرادة رئيس فرقة البحث مات ديمون.
في نفس الوقت يرفض المكافأة التي يعرضها عليه.
قراءة الفيلم تؤكد إدانة واضحة لأصحاب القرار في أمريكا وغرور أدى إلى دخول العالم في الأزمة الاقتصادية الحالية، في حين أن هناك قلة مثل الضابط الأمريكي الذي يعمل من منطلق إنسانى وطني، كما أن الشخصية العربية (فريدي) شخصية وطنية.
استخدام الموسيقى والإضاءة الخافتة وسرعة تتابع اللقطات وسرعة القطع.. جميعها ساهمت في نجاح العمل وأهميته ولم يحتو على أي مشاهد رومانسية ومع ذلك يحمل قيمة فكرية عالية.
مخرج هذا الفيلم حائز على عدة جوائز فى الإخراج والسيناريو لأعمال سابقة، والممثل الأمريكي حائز على الأوسكار فى عمل سابق له.
“حياة قصيرة”.. حينما تصوّر الطرافة معاناة الإنسان
الفيلم المغربي “حياة قصيرة”.. للمخرج المغربي عادل الفضلي.. وهو أيضاً كاتب السيناريو والإنتاج..
قصة بسيطة لا تخلو من طرافة تصوّر معاناة الإنسان من الولادة إلى الوفاة..
استخدم المخرج التعليق بالصوت والصورة على الأحداث بشكل ساخر لا يخلو من طرافة اسم البطل (زهر) وهو ما يعني الحظ.. ويوم ولادته تتوفى أمه..
يواصل كفاحه بينما والده يعتني به.. ويعاني هو ووالده صعوبة العيش وقلة المال.. وأخيراً ينجح والده في الزواج مرةً أخرى ليأتي للإبن بامرأة في البيت للعناية بهما معاً، إلا أن الوالد يُطرد من وظيفته، والابن من المدرسة، مما يدفع بزوجة الأب إلى طردهما من حياتها، فينتحر الأب شنقاً، مما يسلّم الإبن للاكتئاب فيذهب إلى أفغانستان للجهاد ويعود وقد فقد ساقيه، وفي غمرة المأساة والحظ العثر للابن، هنا بارقة أمل - كما يقول المثل رب ضارة نافعة - ففقد قدميه أدّى إلى استخدامه لزلاجة يتنقّل بها، لذلك مهنتة الجديدة اصبحت التسول من المارة، ووجد ضالتة أخيراً في فتاة جميلة زميلتة فى التسول ربط الحب بين قلبيهما ونجح فى الزواج وتكوين أسرة وإنجاب طفل قرر أن يجنّبه الظروف التي مرّت به وبوالديه بأن يربيه أفضل مما تربّى..
الفيلم يحمل مضمون فلسفي ساخر وسط كل هذا الكم من الفقر وسوء الطالع.. فهناك بارقة أمل إذا كان للإنسان إرادة قوية وإيمان لصنع حياته وتجنّب الأخطاء التي وقع فيها أسلافه..
أستخدم المخرج أسلوباً بسيطاً هو السهل الممتنع وأستخدم العربية والإنجليزية والإسبانية..
المخرج له أعمالاً أخرى جيدة نالت استحسان النقاد والجمهور من أبرزها: “أدم الغدور” 2004 و”حجر الواد” 2008..
فيلم “حياة قصيرة” عمل يستحق المشاهدة.
“آخر ديسمبر”.. محاسبة الذات والمجتمع المحافظ
الفيلم التونسي “آخر ديسمبر”.. تأليف وإخراج معز كمون.
أختار المخرج اسم “آخر ديسمبر” وما يقصده هو محاسبة الذات.
بطل الفيلم الطبيب آدم الذي يعمل في مستشفى تونس العاصمة ويعاني من اكتئاب وحزن شديد محاولاً أن ينسى حزنه وذلك بسبب فقده والديه وهم أعز ما كان له فى الحياة..
يذهب إلى عمله محطّم الفؤاد.. يتشاغل عن حالته بسماع الموسيقى تارة ومطالعة الجرائد تارة أخرى، بينما يحذره رئيسه في العمل من إهماله فيرد عليه آدم بأن يطلب نقله لمكان نائى ينسى فيه أحزانه..
يستعرض لنا المخرج معز كمون (من خلال شخصية البطل) شرائح مختلفة من البشر، وانتقالنا مع آدم من العاصمة إلى قرية جبلية، أتاح للمشاهد أن يرى جمال الطبيعة والبحر صوت طائر النورس، جميعها ساهمت في رسم الصورة الجمالية للفيلم.. استخدم المخرج الإضاءة الخافتة أولاً في التعبير عن الحالة النفسية للطبيب آدم، وثانياً عند وصوله ليلاً للقرية النائية التي أنتقل إليها واستقبال عمدة القرية بمصباح يطلب منه الحرص في استخدامه لأنه لا يوجد سواه في الوقت الراهن..
الشخصية المحورية الأخرى (عائشة) جميلة القرية التي تتعرض للتحرّش من قبل رئيسها في المصنع وعندما لا تستجيب يقوم بانهاء خدماتها فترجع محبطة إلى دار والدتها التي بدورها هجرها زوجها وترك لها ابنتها عائشة طفلة صغيرة كرّست لها نفسها.. وكل هاجس الأم أن تجد لابنتها عريساً مناسباً يعمل بفرنسا من أبناء القرية لعلها تصادف حظاً أو ظروفاً أفضل، وخاصةً أن العمر يجري ولا أمل في البقاء هنا..
الفيلم لا يخلو من طرافة وكوميديا على لسان أبطاله (أهل القرية).. أم عائشة تناجي ربها وتدعو لابنتها بسذاجة لا تخلو من طرافة نابعة من قلب الأم، واجتماع مجلس القرية من الأهالي والعمدة وأحد المسؤولين الكبار واستعرض المخرج من خلال هذا الاجتماع الأطياف المختلفة التي يتكوّن منها هذا المجتمع المصغر من إسلاميين متشددين لا يقبلون ذكر المرأة بتاتاً إلى علمانين إلى ليبراليين لايرون مشكلة في دعوة نساء من تونس العاصمة لحفل سوف يقام لمسؤولين سوف يزورون القرية.
وسط هذا المجتمع المحافظ.. يستعرض لنا الفيليم مجتمع القرية بتناقضاته.. أحد أبناء القرية الذي يعمل على باص صغير ولديه إبنة مراهقة ويكتب الشعر، لا يستمع إلى شكوى إبنتة آمنة من زوجة أبيها دليلة الشابة اللعوب لإهمال زوجها لها العمدة الصارم، والشاب الآتي من فرنسا محملاً بالهدايا وعندما يريد الزواج يجعل أمه تختار له العروس ويوافق عليها من صورة وصلتة من أمه ويريدها فتاة بلا تجارب تقبع في المنزل.
وفعلاً يخطب عائشة جميلة القرية وعندما يخرج معها ويكتشف أن لها علاقة سابقة فيتركها ويقرر العودة إلى بلد المهجر دون زواج.
وشخصية مراد الشاب الذي كان على علاقة بعائشة وفجأة سافر إلى فرنسا دون أن يخبرها بعد أن تركها حاملاً مما جعلها تلجأ إلى طبيب القرية آدم لتخليصها من ورطتها فيصطحبها للوحدة الصحية لإجراء العملية.. وفي ذهابها وإيابها مع الطبيب للوحدة الصحية لا تسلم من تعليقات أهل القرية وسخريتهم دون إدراك.
أنها علاقة مريضة بطبيب.. العمدة يأتي على عجل لاستدعاء الطبيب ليلة وصوله القرية لإنقاذ سيدة من ولادة متعثرة، بينما يطلب من الطبيب أن يلبس نظارة سوداء حسب رغبة الزوج لأن زوجته لا تنكشف على أحد ولو كان الطبيب الذي سينقذ حياتها.
ينتهي الفيلم بالطبيب في قاربه يجدّف ويلعب الجيتار، بينما تأتي له عائشة بعد أن أنقذها من مشكلتها وتدعوه إلى البر فيترك القارب ويذهب معها، وهو ايحاء بأنهما اختارا طريقهما سوياً وبداية جديدة معاً لعائشة وآدم.
ملاحظة للمخرج: لماذا اختار للبطلة أن تقع من مكان مرتفع أمام الطبيب أوحى بانتحارها ثم نكتشف أنها أُنقذت وينتهى الفيلم نهاية سعيدة.. فلو حُذف هذا المشهد فلن يتأثر العمل..
في النهاية الفيلم جيد لمخرج مثير للجدل ففيلمه السابق “كلمة رجال” كان قد أثار جدلاً عند عرضه في تونس.
“فرح”.. البحث عن هوية.. ومشكلات المهاجرين
الفيلم من إنتاج هولندي، وبطولة سميرة لاظ التي يتضح من اسمها أنها من أصل تركي..
الفيلم إنساني بسيط.. البطلة تبحث فيه عن هويتها.. يبدأ الفيلم بولادة طفل فى مكان معتم، ويد سيدة ترفع المولود وتضعة بحرص في شنطة وتأخدة إلى مكانٍ ما، وتقرع الجرس وتترك المولودة بالشنطة وتمضي..
استخدمت المخرجة إضاءة خافتة أضفت غموضًا على المشهد.. نقلة أخرى مشهد إضاءته عالية، ونهار لمعمل أبحاث وفتاة شابة تعمل بجد، بينما رئسيتها في العمل غاية في الصرامة.. تخرج فرح من المصنع، وتركب الحافلة، وتذهب لمكان تتلصص على سكان بمنزل تقيم به شابة أصغر منها سنًّا وأمها يعيشون في سعادة.. بينما هي تعيش في منزل مع صديقتها الحامل التي تنتظر مولودها من شاب إفريقي..
الفيلم يطرح موضوعين في غاية الأهمية للمهاجرين الجيل الثاني، وإشكالية الانتماء.. هل يكون لبلد الآباء، أو مجتمع المهجر مكان ولادتهم.. الإشكالية الثانية تعدد الأعراق في بلد المهجر من أتراك إلى صرب إلى أفارقة على اختلاف موروثاتهم وثقافتهم..
تتابع الكاميرا البطلة في انتقالها بين النادي الليلي ومقابلة صديقها الصربي الذي يعيش وسط عائلته وأصدقائه بينما هي تشعر بالوحدة رغم أن وقتها موزّع بين عملها وصديقها وصديقتها الحامل التي تحتاج مؤازرتها.. إلاّ أنها تفتقد حنان الأم ودفء الأسرة الذي تشاهده من حولها، ولا تجده في حياتها، حيث إننا نكتشف أن المنزل الذي تتلصص على أهله هو منزل أمها وأختها من أمها، عندما تذهب إلى الأم بمكان عملها (المكتبة) تدّعي أنها تريد تعبئة استمارة اشتراك وتعطي الأم اسمها كاملاً لعلها تتعرّف عليها، إلاّ أن الأم لم تتعرّف على ابنتها، ممّا يصيب الابنة بالإحباط وتسرع خارج المكتبة..
ينتهي الفيلم بولادة ولد صديقتها ومتابعتها هي لحياتها دون النظر للماضي..
حاز هذا الفيلم على عدة جوائز منها جائزة التمثيل للبطلة وجائزة في الإنتاج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.