لم يكن يدور بخلد المعلم حسين بدوي من سكان محافظة القنفذة أن يتحول بين عشية وضحاها خلال ثوانٍ معدودة من معلم للأجيال وعضو فاعل في المجتمع وشاعر وأديب معروف على مستوى محافظته، لمعاق أسير للكرسي المتحرك، ومحاط بأربعة جدران في غرفة لا يزوره أحد ولا يملك فيها سوى الدموع وذكريات الأمس الجميلة والبكاء عليها، وذلك بسبب وجبة عشاء. يحكي المعلم حسين قصته بكلمات مليئة بالحزن، قائلا: «كنت عائدا أنا وزوجتي وأطفالي إلى منزلى بمدينة القنفذة بعد أن قضيت أياما عدة خارج المدينة للتنزه خلال إحدى الإجازات الصيفية الماضية، وقرب وصولي للمنزل طلب أطفالي أن يتناولوا وجبة عشاء، فذهبت لإحضارها وعند عبوري لأحد الطرق السريعة تفاجأت بسقوط سيارتي في إحدى الحفريات التي نفذتها إحدى الشركات دون أن تضع علامات تحذيرية، وبعد سقوطي مكثت داخل مركبتي قرابة الدقائق العشر قبل أن يتم إنقاذي من بعض المارة قبل وصول رجال الإسعاف، وعند إخراجي من السيارة تفاجأت بعدم قدرتي على الحركة، كما أنني فقدت الإحساس بأطرافي السفلية تماما، فتم عمل تقرير بمستشفى القنفذة العام بحالتي، وتحويلي لأحد المستشفيات المتخصصة في جدة، ولكن المستشفى بعد أن قيم حالتي أوصى بإجراء عمليات عدة كي تتحسن حالتى، فخضعت لعمليات عدة، ولكن دون جدوى، حاولت بعدها الحصول على أمر علاج في ألمانيا، فطلبت التقاعد المبكر بعد أن قضيت 25 عاما في التعليم، وجمعت ما حصلت عليه من حقوق تقاعد لا تتجاوز ال50 ألفا، وقررت السفر لألمانيا حيث أوصى الأطباء هناك بإجرائي لعدة عمليات، وأوضحوا بأن نسبة نجاحها كبيرة بإذن الله، ولكنها ستكلفني نصف مليون ريال فعدت مرة أخرى للمملكة ودموع العجز والحسرة على خدي. قمت بعدها بمخاطبة وزارة الصحة وكل من له علاقة بحالتي الصحية، ولكن دون جدوى وها هي حالتي منذ عشر سنوات لم يحصل لي جديد سوى معاناتي المستمرة، والآن أنا أعيش في وضع نفسي وصحي حرج جدا، فاقمه إصابتي بالسكر، ومعاناتي المستمرة من الإغماءات المفاجئة. حتى زوجتي.. باعت كل ما تملك من ذهب كي أسدد ديون العلاج التي تجاوزت المائة ألف، فضلا عن مصروفات الأبناء وتكاليف المراجعات الطبية المستمرة.